همتك نعدل الكفة
172   مشاهدة  

عن الهارمونيكا التي لا نحيا بدونها ولا تحيينا

الهارمونيكا
  • كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



“يداعب الهارمونيكا الخاصة به، يتذكر جيداً تلك الليالي التي باح لها بسره وسمعته وقبلته وغنت معه حتى نام، حاول كثيراً أن يحترف العزف عليها لكن الناس انصرفوا عنه، وبعد محاولات عديدة امتلكه اليأس.

فاحترف السباحة، كان بنيانه العضلي القوي مصدراً للتفوق في تلك الرياضة الشاقة.

حقق النجاحات الواحد تلو الأخر حتى تأهل لنهائي الأولمبياد.

وفي الخمسين متراً الأخيرة وعيون العالم معلقة بالسباق على الميدالية الذهبية الذي يتقدمه بفارق مريح توقف للمرة الأولى وأخرج الهارمونيكا ليعزف مقطوعته أمام العالم بأكمله “ليخبرهم بأنه في الأساس موسيقي لا سباح.

تلخص هذه القصة القصيرة حياتي بين الصحافة والأدب حين أدركت عند استقالتي من القوات المسلحة وبعد عملي في قروض السيارات في شركة BMW أنني لا أجيد فعل شيد في الحياة سوى الكتابة.

قررت أن أتبع حلمي للنهاية، رأى كل من حولي أني مهووس مصاب لعنة ما، ليس عاقلاً من يترك القوات المسلحة وليس طبيعيا من يترك شركة السيارات براتب خيالي من أجل الكتابة.

بدأت كتابة روايتي الأول “سيد الأحلام” بشغف طفل لامس “الأُمة” في المرة الأولى لممارسة لعبة “الإستغماية” التي أدركت بعدها أنها لن تنتهي أبداً، الأدب في بلادي يستحيل أن يتحول لوسيلة لكسب العيش، الأديب في مصر إما صحافياً وإما صحافياً، كان لابد أن أترك الهارمونيكا خاصتي لأخوض مسابقات السباحة صحافياً.

كان القدر رحيماً بالعمل في مجال الصحافة السينمائية ، ودراسة فن النقد السينمائي، والمشاركة في تأسيس أهم موقع للسينما في الوطن العربي قبل الرحيل عقب ثورة يناير للعمل في صحف أخرى.

لم أستطع الحياة دون ممارسة العزف على الهارمونيكا، كتبت روايات “قهوة الحرية” و”كفر العبيط” و”نوستالجيا” و”سيرة عبادة الشمس” وأخيراً رواية “أغسطس – أسفار العبث” و”نورماندي” وحاليا رواية “السلطان” ، كنت حريصاً على العزف لأتمكن من التنفس خلال الصحافة.

شاركت في تأسيس أول موقع عربي للمنوعات وحقق نجاحاً ضخماً لم يشغلني على التفرغ ٢٣ يوماً لإنهاء روايتي الأخيرة، شاركت في تأسيس وإطلاق موقع المولد على أمل انهاء روايتي الجديدة “ضلع أعوج”

لكنني لم أتوقف أبداً عن التذمر من العمل بالصحافة، عن ذلك الجهد المبذول للكتابة بعيداً عن الأدب، حسدت كثيراً صديقي الموهوب الرائع الروائي محمد ربيع لأنه أحد قلة لا تعمل بالصحافة.

إقرأ أيضا
دراما رمضان 1986م

ثم تذكرت حين التقى أديبنا الكبير محمد المنسي قنديل بالفائز بجائزة البوكر العالمية في معرض أبو ظبي الدولي وحاول التحدث معه فطالبه مدير أعماله بتحديد موعد للحديث، فهتف ضاحكاً : أنا نفسي أشتغل روائي زي ده.

في بلادي الأدب بلا قيمة، الأدب المكتوب والأدب الموروث، لن تهبنا الروايات وسيلة للعيش ولن يحقق نجاحاً من كان مؤدباً في زمن “قلة الأدب”.

عمل نجيب محفوظ في وزارة الثقافة ثم الصحافة، وعمل يوسف إدريس في الصحافة وبدأ إبراهيم عبد المجيد حياته في ميناء الأسكندرية لم يتفرغ أحدهم للأدب ولن نتفرغ، يبدو أن أوقات العزف على الهارمونيكا ستصاحبنا حتى القبر.

الكاتب

  • الهارمونيكا أسامة الشاذلي

    كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
1
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان