عن سورة الكافرون في القرآن الكريم “النوم على خاتمتها براءة من الشرك”
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
إن القرآن الكريم فضله عظيم للمؤمن في الدنيا وثوابه أعظم يوم القيامة ليست كل سورة ولا كل آية بل كل حرف منه فيه إعجاز كبير لمن يتأمل كتاب الله سبحانه وتعالى.
يقول المولى عز وجل : “وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً ” [ الإسراء : 82]؛ ويقول التفسير الوسيط عن هذه الآية : “وننزل من آيات القرآن الكريم ما يشفي القلوب مِنَ الأمراض ، كالشك والنفاق والجهالة، وما يشفي الأبدان برُقْيتها به ، وما يكون سببًا للفوز برحمة الله بما فيه من الإيمان، ولا يزيد هذا القرآن الكفار عند سماعه إلا كفرًا وضلالاً؛ لتكذيبهم به وعدم إيمانهم” .
سورة الكافرون في القرآن الكريم .. فضلها وقت النوم تحديدًا
إن سورة الكافرون من قصار السور المكية وهي السورة التاسعة بعد المائة في ترتيب سُور المصحف العثمانيّ ، وهي تعني إثبات العبودية لله وحده، ونبذ عبادة ما سواه من الأصنام والأوثان وبراءة الرسول ومن معه من المؤمنين من الشِّرك والضلال وثباتهم على دينهم كما تتمثل في الدعوة إلى الله دون إجبار أحدٍ على اعتناق الإسلام، وبالتالي أمرُ الجزاء والحساب يوم القيامة هو خاص بالمولى عز وجل .
خلق الله سبحانه وتعالى الجن والإنس لعبادته وحده لا شريك له كما قال تعالى : ” وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ” [ البينة :5]؛ وقال عز من قائل : “أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ” [ الزمر : 3]، أي أن كل عمل لا يكون خالصاً لله لا يقبله من عباده إلا ما كان خالصاً له سبحانه كما جاء في الحديث القدسي عن رب العزة قوله : ” أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري ، تركته وشركه ” .
جاء في فضل سورة الكافرون عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من قرأ قل يا أيها الكافرون عدلت له بربع القرآن “؛ وهي أي سورة ( قل يا أيها الكافرون ) إنما تعدل ربع القرآن لاشتمالها على إخلاص الدين لله تعالى والبراءة من الآلهة الباطلة وعبادتها وعبادها.
اقرأ أيضًا
كيف كره ابن تيمية الإمام علي بن أبي طالب وافترى عليه
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب وهو يصلي ، فلما فرغ قال : ” لعن الله العقرب لا تدع مصلياً ولا غيره ” ، ثم دعا بماء وملح ، وجعل يمسح عليها ويقرأ بـ ” قل يا أيها الكافرون ” ، و ” قل أعوذ برب الفلق “، و ” قل أعوذ برب الناس “.
وعن فروة بن نوفل عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : “ما جاء بك قال جئت لتعلمني شيئًا أقوله عند منامي” قال أقرأ: “قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ” ثم نم على خاتمتــها فإنها براءة من الشرك.
وقد ورد أن نفراً من قريش اعترضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، منهم عتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، والوليد بن المغيرة والعاص بن سعيد، فقالوا: يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، فنشترك نحن وأنت في الأمر، فان يكن الذي نحن عليه الحق فقد أخذت بحظك منه وإن يكن الذي أنت عليه الحق فقد أخذنا بحظنا منه، فأنزل الله تبارك وتعالى ” قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد ” .. إلى آخر السورة.
وعن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنوفل بن معاوية الأشجعي: إذا أتيت مضجعك للنوم فاقرأ ” قل يا أيها الكافرون ” فإنك إذا قرأتها فقد برئت من الشرك؛ وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ : اقرأ قل يا أيها الكافرون عند منامك فإنها براءة من الشرك.
وعن خباب أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا أخذت مضجعك فاقرأ قل يا أيها الكافرون وإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأت فراشه قط إلا قرأ قل يا أيها الكافرون حتى يختمها .
وهذه السورة الكريمة هي سورة إعلان المؤمن براءته من جميع أنواع الشرك والوثنية القولية والفعلية، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بها وبسورة الإخلاص في ركعتي سنة الفجر
إن المتأمل في سورة الكافرون يتضح له مقصدها وهو تقرير توحيد العبادة والبراءة من الشرك فآية ” لكم دينكم ولي دين ” هي البراءة من الشرك وأهله، وتحقيق التوحيد.
الكاتب
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال