همتك نعدل الكفة
262   مشاهدة  

عن شعري الذي يتساقط

شعري


مثل روح صدئة تتمايل الأجساد، نسير فى الشوارع، حالة من اللامبالاة، أحدهم يصطدم بآخر أو بأخرى ولا يُكلف نفسه عناء الاعتذار.
نسير تائهون محملون بالهم، وعثرات تركت بصماتها عميقة على روحنا.

عزيزتي جيجي
تملين من مناقشاتي وأحيانًا توافقين علي ما أقول رغبة في إنهاء مناقشة بتي ترينها بلا جدوي، لكنني مازالت متعلقة بالأمر، إنه حصادنا من الإحباطات، الضيق الذي نظنه مرّ، بينما هو قد اُعتقل بداخلنا.
نُفاجأ حين يسقط أحدهم ميتًا، بالطبع هي أعمار كتبها الله، لكنه أيضًا العديد من الأسباب. إنه الكمد، الحزن الذي لا نشعر به.
حين نري شعرنا الذي يتساقط بوفرة ونشكو تكون الإجابة حالتك النفسية، تلك النفس التي خرجت عن اهتماماتنا وأولوياتنا.
ربما تساقط الشعر الفعل الوحيد الذي نُعزي أسبابه للحالة النفسية، ونهمل تفاصيل عِدة، نهمل الروح، ولا نلتفت للحزن والاحباط، وكثرة الضغوط.
لا حياة بلا ضغوط لكننا فقدنا كل سبل التخفيف، هجرنا المسرح والسينما باتت طقس للأثرياء، مهمة تليق بالاحتفالات أكثر من كونها طقس حياتي كما أعرفه أهلنا، ساد الجهل والقبح، لا يعرفنا أولادنا حصة الرسم، ولا نعرف الرياضة.

عزيزتي جيجي
هل تذكرين حوض المطبخ، المصفاة التي نضعها فيه لتحجز الشوائب وبقايا الأطعمة، فلا يحدث انسداد للحوض، ألا تذكرين أننا دومًا نقوم بتنظيفها، ستضحكين ويضحك كل من يقرأ كلماتي لمثل هذا المثال العجيب، ما علاقة أرواحنا بغسيل المواعين وتساقط الشعر، إنها دائرة متواصلة، التفاصيل تُسلم بعضها مثل سباق التتابع، حين يتأخر فرد يتأخر الفريق، كلنا نتحمل المسئولية.
لسبب لا أعرفه أكثر ما يشغلنا خاصة نحن النساء هو تساقط الشعر، ربما لأننا وعينا الشعر زينة طبيعية للمرأة، واعتمدنا الشعر معيار جمال، ومن ثم تهلع كل امرأة حين يتساقط شعرها، وبعيدًا عن الأسباب المرتبطة بالفيتامينات ونقصها، يبدو الشعر أول ترمومتر لقياس الحالة النفسية.
إننا يا جيجي نتحدث عن الروح كأهم مكون فى الإنسان لكننا نهملها تمامًا، نُراكم الضغوط، لا نعترف بالفضفضة، حتي خاصية البوح باتت سيئة السُمعة، لأن البعض ييستغل بوحنا نقيصة، الخوف أيضًا بات مكون إضافي لشخصياتنا، نخاف الفقد والبوح والانكسار، نخاف أن يظهر خوفنا فنصير ضعفاء في عيون الآخرين.

يا جيجي
إن الروح مثل الجسد، أقولها بهذا الشكل التقرير لأنها حقيقة حتي لو تجاهلناها، الروح تمرض وتشقي، تئن، وتضعف لكننا لا نلتفت إلا لأوجاع الجسد الواضحة، إننا نُثقل علي أرواحنا ولا نهتم بها، فماذا إن شكت الروح؟
لي صديقة وجدت ذات صباح مناطق داكنة علي جسدها، وحين زارت الطبيب أعزي سبب ذلك إلي حالتها النفسية، وهذا اكبر ما أخشاه! أن تزداد أوجاع الروح فتخرج فى أعراض جسدية.
وكما نضل عن أرواحنا ربما ضلّ الطبيب عن السبب الحقيقي للمرض الجسدي، فنسقط فى دائرة الوهم مشفوعين بألم جسدي لا نبرحه.

إننا يا جيجي قساة فى طباعنا، توارثنا الإهمال والتجاهل، نستولي علي حقوق الصامتين، ولا نلتفت للضعفاء، والروح صامتة لا تشكو إلا حين تئن بوجعها.

اقرأ أيضًا 
اليوجا .. النظام الغامض لعلاج الروح والبدن

بات التأمل والأفعال التي تعني بالروح سلوك خاص بالصفوة والأثرياء، نسخر من رفقتنا حين يتحدثون عن اليوجا أو التأمل، يُسارع البعض بالسخرية والتنمر والمعاكسة حين نري سيدة أو فتاة تمشي فى الشارع، وكأن الرياضة سلوك لا يخصنا.
تتطور الحياة لفجوة كبيرة تبتلعنا، ندور فى دائرة العمل والاحتياجات، نتشاجر، ونغضب، ولا نلتفت لتفريغ نفوسنا من الضغائن الصغيرة، يكسرنا من نحب ومن نكره ومن لا نعرف، ولا نقف لنطيّب خواطرنا.

نهتم بكل يجعلنا أجمل، نهتم بالسكن والسيارة والتعليم، نلتفت لأدوار الانفلونزا لكننا لا نكترث لأرواحنا التي تئن وتشكو، إن شعري المتساقط فى كل مكان يكشف عن حالة نفسية متردية، لكنني مازلت أجلس علي مقعدي أنتظر الشجاعة لأُمارس الحياة وأُطلق سراح روحي.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان