همتك نعدل الكفة
185   مشاهدة  

عن كل بندق مات غدرًا

بندق
  • إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



 دا في هنا واحد بايخ وبارد ومعندهوش ريحة الدم حاشر نفسه وسطنا

بهذه الكلمات كان يصف أبي بندق مداعبًا إياه وسط الضيوف، فيفهم على الفور وينظر إلى الأرض مطأطئًا رأسه في حزن.

 كان صديقي الوحيد الذي يدافع عني فيغبطني جاري على الصداقة النادرة التي تجمعنا. تنهال عليّ أمي بالسباب حينما نتشاجر وترفع خفها لتضربني به فيهجم عليه ليقطعه بأسنانه إربًا إربًا؛ فتضحك وتنسى ما أغضبها مني ولا ينالنا سوى أننا خسرنا خفًا آخر.

بندق كلب بني اللون كلون عينيه، كثيف الشعر، بذيل راقص معظم الوقت، يصاحبني في كل مكان ويحفظ معارفي وجيراني وأهلي.

اقرأ أيضا…رسالة إلى صديقي الأزرق

 يغضب من أخي أحيانًا لأنه شره يُخبئ مني الفاكهة تحت االأَسِرة، فيكشفها هو نابحًا بأعلى صوت معلنًا عن خيانته لنا.

تستخدمه أمي استخدامًا مختلفًا، فحين يتأخر أبي في سهراته على قهوته المجاورة لبيتنا تشير له أن يذهب ليحضره، وما إن يراه أبي حتى يفهم أن أمي تحتاجه بالبيت، أو يعود بندق وحده حزينًا فنفهم أن أبي سيتأخر.

أما عن أختي فكان حمايتها بالشارع. يذهب إلى مدرستها وينتظرها بالخارج؛ فتتباهى به وسط صديقاتها رافعة رأسها بضفائرها التي ربطتهم بشرائط حمراء، يصاحب (شلتها) حتى المنزل فلا يحاول أحد من الشارع أن يتجرأ عليهم أبدًا.

كان يسكن شارعنا في سبعينات القرن الماضي مجموعة كبيرة من الخواجات وقعن جميعًا في حب شقاوة بندق ونوادره المضحكة.

على سبيل المثال كان كلبي يحترف مص القصب معنا. فكان القصب لعبته المفضلة التي يمتصها بسهولة حيث تجمعات جيراننا الذين  يدللونه، ومنهم من كان يعطيه الملبن فيأكله بنهم حتى تعود على جميع أنواع الطعام.

 الكل يحب بندقي ويراه فردًا من الشارع كله إلا حارس العقار المجاور الذي كان يكرهه دون سبب واضح.

ذات يوم استيقظنا على صوت نساء الشارع يصرخن، وبندق راقد على الأسفلت ينزف من فهمه دون حراك.

وضع  له حارس العقار  سمًا  قاتلًا بقطعة من اللحم  أودى بحياته بعدما نزف أمامنا ولم يساعدنا الوقت على إنقاذه.

إقرأ أيضا
محمد رشاد وأيمن صقر

 مشهد بكاء سيدات الشارع لا يفارقني ،وصراخ سيدة يونانية في أمي قائلة:

دكتور أُم مُخاااااامد..دكتووور.

 وعيون بندق وهي تستغيث بنا بعدما طلب أبي له عربة البلدية وقال أن طبيب الشارع رأيه أن لا أمل في شفائه.

عيون بنية تحتضر وتستغيث في نفس الآن وتعاتبنا على الاستسلام؛ هذا ما أتذكره عن كلبي بعد مرور سنوات على فراقه. مات بندق وتركنا نتشاجر بالأحذية دون أن نجد من يقطعها إربًا لتنقطع أنفاسنا من الضحك حتى نرتاح!

الكاتب

  • بندق إسراء سيف

    إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان