عن محمود ياسين وأبو حنيفة “هل كان موت النعمان في مسلسل الإمام الأعظم صحيح تاريخيًا ؟”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
بين الفنان محمود ياسين وأبو حنيفة النعمان على مستوى التمثيل تناغمًا شديدًا، فقد استطاع الفنان القدير الراحل أن يؤدي الشخصية بشكل مبهر في مسلسل الإمام الأعظم.
نوستالجيا التسعينيات في مسلسل الإمام الأعظم
كانت عودة محمود ياسين إلى المسلسلات التاريخية عبر مسلسل أبو حنيفة عام 1997 م حدثًا فنيًا فقد غاب 13 عامًا عن الدراما التاريخية حيث كانت آخر أدواره سنة 1984 بمسلسل جمال الدين الأفغاني.
كذلك فإن الموسم الرمضاني وقت عرض أبو حنيفة كان شرسًا على مستوى الأعمال الدينية، فالفنان نور الشريف يجسد شخصية هارون الرشيد، وملحمة القضاء في الإسلام تدخل جزئها السابع، لكن حُسْن حظ محمود ياسين أن العمل كان يعرض مرتين في اليوم أولهما الساعة الرابعة عصرًا على القناة الأولى قبل لقاء الشيخ الشعراوي مباشرةً، وثانيهما الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل على القناة الثانية.
اقرأ أيضًا
يوم أن عُرِض مسلسل لن أعيش في جلباب أبي لأول مرة “صفوت الشريف أهمله”
استمر عرض مسلسل أبو حنيفة النعمان من 10 يناير 1997 حتى 17 فبراير من نفس العام بمجموع 39 حلقة، غير أن الحلقة الأخيرة من مسلسل الإمام الأعظم أثارت حزنًا للنهاية المأساوية التي أظهرتها الحلقة لمسيرة أبو حنيفة النعمان.
نهاية الإمام الأعظم الحقيقية بعيدًا عن محمود ياسين وأبو حنيفة
بدايةً فإن الدكتور بهاء الدين محمد مؤلف المسلسل اعتمد في حوار الحلقة الأخيرة على كتاب مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه للإمام الذهبي، حيث القصة المشهورة التي وقعت بين الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور وبين الإمام أبو حنيفة حيث كان الأخير لا يحب الأول ورفض أن يتولى القضاء إلى أن قرر الخليفة حبسه وجلده ومات أبو حنيفة في السجن نتيجة الجلد.
كل المؤرخين اتفقوا على شكل موقف أبي جعفر المنصور من رفض أبي حنيفة النعمان حيث حبسه وجلده، لكن الخلاف كان في ظروف الوفاة ففيها روايات كثيرة هل مات محبوسًا بعد الضرب ؟ أم مات محبوسًا بالسم ؟، أم أطلق سراحه ومات في منزله ؟.
في الجزء الثاني كتاب مناقب الإمام الأعظم للموفق المكي وبن البزازي رواية تقول أن أبو حنيفة بعد حبسه والتضييق عليه مدة، كلم المنصور بعض خواصه فأُخْرِج من السجن ومُنِع من الفتوى والجلوس للناس والخروج من المنزل فكانت تلك حالته إلى أن توفي، وتبدو هذه الرواية مغايرة لكل ما هو مشهور واعتمد عليه مسلسل الإمام الأعظم.
أيد الشيخ محمد أبو زهرة في كتاب أبو حنيفة حياته وعصره رواية الموفق المكي وبن البزازي لأنها تتفق مع سياق الحوادث وما عُرِف عن المنصور، وذلك لأن المنصور كان لا يحب أن يظهر كمضطهد للعلماء، وأذاه لأبي حنيفة لم يكن للانتقام وإنما للإجبار ولما لم يؤدي الجلد إلى نتيجة أخرجه خاصةً بعد أن تشفع بعض خواصه لشيخوخة أبي حنيفة.
كذلك فإن الرواة متفقون على أن أبا حنيفة أوصى بأن يُدْفَن في جانب من مقبرة لم يجري فيها غصب (وكان يقصد مقبرة الخيزران) دون الجانب الآخر لأنه غصب (يقصد مقبرة بغداد)؛ وما كانت تلك الوصية إلا وهو خارج الحبس وقبيل الوفاة، إضافةً إلى ذلك أن أبو جعفر المنصور صلى على قبر أبي حنيفة بعد موته وهذا يعني أن أبو حنيفة لم يمت في السجن فلو كان قد مات لصلى عليه أبي جعفر المنصور.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال