عن ملخصات الأفلام.. التلخيص مش دايما مفيد

السينما مش مجرد حكاية بتتحكي عشان نتفرج على ملخصات الأفلام، دي رحلة مليانة تفاصيل وشخصيات بتاخدك لعالم تاني، لوحة فنية بتتكلم وبتشرح نفسها للمشاهد. لما حد بيحكي لنا الفيلم ومهما كانت دقته وقدرته ع الحكي، بنفقد عمق التجربة دي. زي ما قال المخرج الأمريكي فرانسيس فورد كوبولا (أبريل 1939): “الفيلم هو حلم لا نستيقظ منه أبدا“، وده حلم مش هتحسه لو اكتفيت بالخلاصة.

راحة التلخيص أم خسارة التجربة؟

التجربة هي الأساس اللي بتتبني عليه الخبرة، سواء على مستوى الأفكار أو المشاعر، وعن طريقها بنحكم على الأشياء بنفسنا. التجربة الذاتية بتدينا قدرة على وزن الأشياء والأحداث بعقلنا، عن طريق تفاعلنا على المستوى الشعوري والحسي واندماجهم سوا في لحظة المعايشة؛ لحظة بتسيب جوه ذاكرتنا شيء عميق، بنستخدمه بعد كده على مدار حياتنا لإنه بيكون متخزن تحت اسم “ذاكرة شعورية”.

السيناريست الأمريكي كينيث لونيرجان (أكتوبر 1962) بيقول: “بحب الفيلم اللي أقدر أعيش فيه وأسيب نفسي جواه“، وملخصات الأفلام بتاخد منك الفرصة دي وبتخلي التجربة سطحية بشكل بائس جدًا.

ثقافة السطحية والخسارة المجتمعية

ثقافة “إديني الخلاصة” انتشرت مش بس في الأفلام، لكن في كل حاجة حوالينا. الناس بقت تفضل السرعة على العمق، سواء في العلاقات المبنية على السطحية، أو الرغبة في المعرفة بدون تكلفة التعلم العميق، أو التجارب غير المكتملة وغيرها، وكل ده بيأثر على قدرتنا على التفكير.

الكاتب والفيلسوف السويسري آلان دو بوتون (ديسمبر 1969) قال: “الحكمة مش في الخلاصة، بل في التفاصيل“، ودي حاجة بنفرط فيها النهارده بسبب ثقافة الملخصات، وتقدر تلاقي كلام مفيد في النقطة دي بتفصيل أكتر  في حوار أحمد عبد العليم، رئيس المجلس القومي لثقافة الطفل.

تأثير ملخصات الأفلام على الأطفال

الأطفال اللي بيتفرجوا على محتوى سريع زي الفيديوهات القصيرة وملخصات الأفلام بيفقدوا القدرة على الصبر والاستمتاع بالتفاصيل. الفيلسوف وعالم النفس الكندي مارشال ماكلوهان (1911 – 1980) قال: “إحنا بنشكل أدواتنا، وبعدين أدواتنا بتشكلنا“، وده يبان في تأثير السرعة على تفكير الأطفال.

الإنجاز كقيمة “حداثية” وتأثيرها على الشباب والأطفال

قيمة الإنجاز، اللي ظهرت مع التحديث التكنولوجي وثورة المواصلات ووسائل الاتصال، بقت تدفع الناس إنهم يختصروا كل حاجة، وده بيأثر بقوة على الأطفال والمراهقين من مستخدمي التكنولوجيا بشكل كبير. ممكن تلاقي الطفل أو المراهق بيختار ملخصات الأفلام بناءً على عدد دقايق الملخص، ولما يشوف العالم عبارة عن حكايات سريعة والفن مجرد منتج محكوم بالوقت، فده بيؤدي لتراجع قدراته على التأمل والتفكير العميق، والنزعة للإنجاز بتبدأ تسيطر على كل شيء.

الفن كأداة لاكتشاف الذات

الفن بيخلينا نكتشف جوانب من نفسنا، سواء في الإخراج، الموسيقى، أو الشخصيات. الملخصات بتحرم الأطفال والمراهقين من الفرصة دي. زي الممثل والكاتب والمخرج الأمريكي وودي آلن (ديسمبر 1935) ما بيقول: “الفن هو انعكاس للذات“، ودي حاجة بتضيع مع الاعتماد على الملخصات.

ضياع الفضول والتعلم السريع

ملخصات الأفلام بتخلينا نفقد الفضول.. كمحرك الرغبة في المعرفة وأساس التعلم العميق، والفضول بيبدأ مع حكاية بنعيش جواها، وبيخلينا عايزين نكتشف تفاصيلها. زي ما الباحث وعالم النفس الأمريكي جاك ويلسون (1904 – 1991) قال: “الفضول هو بوابة المعرفة“. ومن غير الفضول بنفقد القدرة على التفكير النقدي والاستفادة الحقيقية من اللي بنشوفه.

هل ملخصات الأفلام فعلاً بتوفر وقت؟

ملخصات الأفلام ممكن تبان كأنها بتوفر وقت، لكنها في الحقيقة بتسرق مننا حاجات أهم زي متعة التفاصيل وفرصة اكتشاف جوانب جديدة في التجربة، خصوصًا للأطفال والأجيال الصغيرة. ولو افترضنا إن كل ملخص مدته رُبع ساعة وكل فيلم مدته ساعتين، فالطفل أو المراهق اللي صرف ساعتين عشان يشوف فيلم واحد، استفاد أكتر بكتير من اللي صرف ساعتين في الفرجة على 8 ملخصات وماشفش فيهم ولا فيلم كامل.

إقرأ أيضا

سكان مولوتوف الأصليين… ما هكذا تورد الأبل

الملخص

الإنجاز ممكن يكون له جوانب إيجابية، لكن تحكمه فينا وفي الأجيال الجديدة بيشكل شخصيات غير مكتملة التجربة وغير قادرة على الغوص في العمق. لو ماعندكش غير رُبع ساعة، شوف فيلم قصير بالكامل علشان تعيش التجربة كاملة.

تخيل عزيزي القارئ لو أنت اكتفيت بالجملتين اللي في الملخص دول من غير ما تمر على الباقي، هل كنت هتقدر تحكم على الفكرة أو كاتبها، أو كنت هتكوِّن رأي تطمئن ليه سواء سلبي أو إيجابي؟