عَم ربيع .. رشدي الشامي وركن الـ vip
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
هناك مواهب معينة إذا هَمِمت لتوصف تفاصيل إبداعها في مقالًا صحفيًا أو حتى “بوست” على فيس بوك فإنك بالتأكيد سوف تظلمها إن استخدمت نفس المصطلحات المتكررة في العِقد الأخير في وصف ظاهرة فنية فريدة .. عندك مثلًا مصطلحات كـ “غول تمثيل” .. أو “مشخصاتي” .. أو “فنان ثقيل” .. أو عندك مصطلحات شديدة التطرف تضر بمضمون الدور ويمكن أن تخفت وهج الوصف بالفجاجة كـ “أفضل ممصل آخر 20 سنة” وكل هذه الألقاب الغير محسوبة والتي تبعث على التطرف المضاد في سحق مجهودات الفنان من أصحاب الرأي المضاد، وفي النهاية تُظلم الموهبة سواء بالفجاجة أو بالبخث .. وكل تلك الطُرق لا تصلح أبدًا مع موهبة الأستاذ القدير رشدي الشامي.
يلعب الفنان رشدي الشامي دور عم ربيع في مسلسل تحت الوصاية – الذي على ما يبدو هو جوهرة التاج في دراما رمضان 2023- وعم ربيع هو رجل كَهل يحارب السن والبَحر معًا .. تمكّن منه شعور عميق بأن الجسد لم يعد قادرًا على أعمال البحر التي تحتاج شابًا فتيًا تحمله صحته إلى ما يريد .. وهكذا يظهر عم ربيع عارضًا خدماته التي قوبلت بالرفض في أول الأمر من “حنان” صاحبة المركب المسروقة، ومن ثم صادف التوفيق الريس ربيع ليكون ضمن فريق “السَرحة” وتتغير علاقته تمامًا بحنان من بعد رحلة الصيد، حتى إنه سيصبح الرجل الأول في فريق المركب والذراع اليمنى لـ حنان.
لعَم ربيع أو الفنان رشدي الشامي مشهدين هما مفاتيح تلك الشخصية المُركبة في ذاتها، وذلك عند العودة من الرحلة عندما اعترف الريس ربيع لـ حنان أنه تأكّد من أن جسده لم يعد قادرًا على مجاراة حياة البحر وأنه من الأفضل لها أن تعثر على بحّار شاب يساعدها في أشغال المركب، ويعد هذا المشهد مُفتاحيًا لأن رد فعل “رشدي الشامي” كان بسيطًا وتلقائيًا للغاية عندما رفضت حنان أن تتركه وتمسّكت به حيث أن رد الفعل خَلَا تمامًا من الأفورة والتصنّع وتجهَّم وجهه قائلًا : ماشي ! .
مشهد “جمبري مزارع” من مسلسل “تحت الوصاية”
وأما عن المشهد الثاني وهو المشهد الأشهر في المسلسل حتى الآن .. مشهد “جمبري مزارع” .. عندما تعنت الريس سيد كبير تُجّار الجمبري في شراء طاولة الجمبري وكان الوقت ضد حنان حيث أن الجمبري لو يتم بيعه سيفسد سريعًا فقررت حنان أن تبيعه بنفسها في حركة مباغته صدمت عم ربيع نفسه لينظر إليها نظرة استعاد بها سنوات كثيرة مضت، نظرة تحمل في طياتها كثير من الفخر بوقوفها ضد طغيان الريس سيد، كما تحمل الكثير من الأسى على الأيام التي مضت دون ظهور من هو بتلك الصلابة والإنسانية معًا، وانبرى في النداء على الجمبري في لحظة ينادي فيها على نفسه قبل الجمبري، نفسه التي كان قد فقد فيها الثقة .. وهكذا يمضي الريس ربيع في حلقات المسلسل فيتسرّب داخل قلب المشاهد كل هذه التلقائية والبراعة والبساطة معًا.
بعيدًا عن تاريخ الفنان رشدي الشامي الطويل في الأعمال الفنية والتي ظهرت للنور مؤخرًا بعد إعادة البحث عن تلك الجوهرة الفريدة التي سلّط الله عليها نوره مؤخرًا .. فإن دور عم ربيع بمثابة رُكن للمشاهد الـ vip .. المشاهد المتذوق للفن، والذي لديه من أساسات المشاهدة عن كثب ما يمكنه من النظر إلى موهبة كموهبة الفنان رشدي الشامي بكامل الاحترام، حيث أن الفنان هو من يخلق جمهوره، ومن وقعوا في غرام الريس ربيع هي الشريحة المعوَّل عليها للإبقاء على التذوق الفني ضمن أعمال كثيرة تذوقت طعم التريند!
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال