غادة عبد الرازق التي كسرت تابوه أن المرض النفسي عار

منذ سنوات منحني أستاذي أسامة الشاذلي-رحمه الله- رئيس تحرير موقع الميزان مساحة شخصية بعنوان يوميات القلق أكتب فيها عن معاناتي مع القلق الزائد، أو ما يسمونه المختصون اضطراب القلق العام ووقتها نصحني أخي ألا أستمر في كتابة هذه السلسة وألا أتحدث مع أحد عن الأمر حتى لا يخاف مني الآخرون!

كانت نية أخي سليمة جدًا وتكلم من منطلق أن الناس ليس لديهم الوعي الكافي للتفرقة بين من يعاني مشكلة ما تحتاج لعلاج سلوكي أو علاج طبيب متخصص، وبين المجنون.

قلت له بثقة:

يا راجل عيب عليك…الناس اتغيرت ومافيش حد مازارش دكتور نفسي دلوقتي.

ورغم أنه يقتنع أن الاكتئاب والقلق أمراض العصر الحديث بسبب الضغوطات التي نتعرض لها مع التغيرات المرتبطة بهذا العصر، إلا أن كتابتي عن هذا الأمر أزعجه للغاية. وأتفهم أن يحاول المرء إبقاء أمورًا  معينة لنفسه تحت بند “الخصوصية” ولكني أؤمن أن للكاتب دور في توعية المجتمع ومساعدة الآخرين، ويوميات القلق التي أكتبها أحاول مساعدة من يعانون من القلق بدرجاته من البسيطة أمثالي إلى العنيفة التي تجعلهم يصلون لمراحل شديدة الصعوبة، والتي أنوه فيها دائمًا أنها لا تغني عن زيارة الطبيب النفسي واستشارته.

اقرأ أيضًا…يوميات القلق

ومع الأسف فقد تكررت نصيحة أخي من أصدقائي أيضًا مما جعلني أفكر أن أخي قد يكون محقًا!…فالناس لا يتفهمون أن جميعنا نعاني من اضطرابات نفسية، فقط منا من يحاول المشي في طريق العلاج، ومنا من يتجاهل الأمر فتدهور حالته ويؤذي غيره مع الوقت.

ومازال هناك من يخاف التصريح عن هذا الأمر لشريك حياته قبل الزواج خوفًا من فكرة فقدانه بعدما وجد نصفه الثاني أخيرًا، وبالطبع سمعت هذه النصيحة أيضًا، ولكن لم أقتنع بأن إخفائي أمرًا كهذا سيساعدني أبدًا في علاقتي المستقبلية بالشخص المجهول الذي لا أعرفه، والراجل اللي يخاف من شوية قلق في الحقيقة لا يصلح زوجًا لي من الأساس إذا لم يتفهم أن جميعنا يصيبنا القلق ولكن بدرجات متفاوتة.

وفي خضم تفكيري عن الأمر جاءت تصريحات الفنانة غادة عبد الرازق مع المذيعة “لميس الحديدي” والتي تقول فيها بمنتهى الشجاعة أنها “ست مريضة وغير مستقرة نفسيًا”

واستطردت قائلة: أنها ليس لديها استقرارًا في أي شيء. انطلقت الكلمات منها بشكل عفوي وصريح للغاية، فرأى البعض تصريحاتها صادمة حيث يظن الناس أن الفنان يمتلك الدنيا بحالها؛ المال والشهرة والجمال، بينما رأى البعض الآخر تصريحاتها جريئة وصريحة وتدعم المرضى النفسيين.

إقرأ أيضا

ترجمة بيان حزب الله 02

جاءت تصريحات غادة عبد الرازق لتكسر تابوه أن المرض النفسي عار، ولم تكتفِ كمن سبقوها من الفنانين بالاعتراف بذهابها لطبيب نفسي، بل قالت “أنا ست مريضة بقالها 35 سنة”

ربما تغير الأمر نوعًا ما بالسنوات الأخيرة نحو النظرة للمرض النفسي، ولكن جملة “مريض نفسي” مازالت ثقيلة على قلب الناس ومزعجة، ويستخدمها البعض كمسبة بكل أسف.

من المعروف عن غادة عبد الرازق صراحتها، ولكن وصولها لهذه الدرجة من الصراحة كان مفاجأة. فكرة أن يعترف فنان مشهور بأنه مريض نفسي دون الخوف من أحكام الغير قلبت مواقع التواصل الاجتماعي رأسًا على عقب إعجابًا بتصريحات الفنانة والتي ستزيد الوعي في هذا الاتجاه.