395 مشاهدة
غادة عبد الرازق : بسيطة كالماء .. واضحة كطلقة المسدس
مُر الكلام زي الحُسام يقطع مكان ما يمر .. أمّا المديح سهل ومريح يخدع لكن بيغُر .. والكلمة دين من غير إيدين بس الوفا ع الحُر . لا يوجد مُلخّص أكثر تكثيفًا في بداية الكلام عن الفنانة ثقيلة الموهبة ككلام عمنا أحمد فؤاد نجم، الفنانة قوية الشخصية، بنت البلد، غادة عبد الرازق ، حبة من عقد الجيل القديم التي حافظت على رونق فكرة النجومية، لم تتنازل عن كبرياء النجم، ولم تحتقر الجمهور كبعض نجوم جيل الفيس بوك الذي قرر الاشتباك علنًا مع الجمهور، والتراشق أحيانًا بالألفاظ .
عندما تتفحص مشوار غادة عبد الرازق، تومض إلى ذهنك فجأة صورة الأقدام الدامية للاعبات البالية، الشقاء الذي يغلفه الفن فتخرج لك صورة حقيقة من مرآة الدنيا، حيث الطين والمطر والدموع وفلاشات الكاميرا ورائحة النجومية ومهرجانات الفن .. حيث لحظات الزهو والانكسار وقلة القيمة والتكبّر .. حيث كل حاجة وعكسها .. هكذا يكون الفنان الحقيقي الذي يغرف من الدنيا ويضع في أطباق الجمهور .. هكذا هي غادة عبد الرازق .
كانت غادة عبد الرازق، في لقاء تليفزيوني مع الإعلامي مصطفى الآغا، ببرنامج “صدى الملاعب” عبر قناة “mbc“، حيث كان حلقة بعنوان فتح الجراح، ووضع الأحزان على المائدة وتفنيدها دون مواربة .. حين غاصت غادة عبد الرازق في أعماق الذاكرة لتخرج لنا بالإصابات النفسية التي رُشقت بحوافر الزمن الحادة . حين سكبت الدموع سكبًا على الأيام الخوالي، والأيام الموات .. وصرّحت حيث خلعت عنها بُرقع المداهنة، وقالت وكأنها في جلسة نفسية أقرب لها من لقاء تليفزوني، واعترفت كيف أنها احتاجت لأمها حيث تركتها، واحتاجت لأبيها حيث توفى وهي صغيرة، وكيف أنها عاشت مبتورة الحنان والدفئ .. وكيف أن هذا البتر كان له أثر الفراشة على الزمان ففقدت بنتها هي الآخرى هذا الدفئ، فقالت أنها حرمت بنتها الاهتمام .. كما حُرمت.
وعن متلازمة المال، حيث يبرز الفنانات العاديات ضحتهن الهولودية ويخبرونك بهدوء أن المال لا يصنع العظماء، وأن (الفلوس) لا تهمّهن كما يمهن رسالة الفن، وأن الشهرة وحُب الناس أهم عندهن من أي شئ، لكن القوية غادة عبد الرازق كانت صريحة مع نفسها لأن تقول أن المال عندها يصنع كل شئ، وهو رأي كثيرين، وتتفق معه أو تختلف لكنه رأي لا يصدر إلا من شخص شديد الصراحة، لا يكترث بكونه يفقد الشعبية الزائفة أو يكتسب شعبية زائفة .. وكأنها تقول أنا غادة عبد الرازق، هذا أنا، وهذه شخصيتي، وافعلوا ما شئتم .
أنا مستويّة .. كلمة بسيطة لا تخرج إلا من سيدة مصرية على مصطبة في إحدى الحارات المغمورة، وهو فعلًا مرادف شديد الدقة يمكن لأي فنانة تحاول تقديم فن حقيقي كغادة عبد الرازق أن تشعر به، حيث أن الوسط الفني مكان للضغط على الأعصاب، وحجز مكان للبطولة بشكل ثابت الآن هو أشبه بالمستحيل، هذا بالتحديد لغادة عبد الرازق التي لا تُكابر ولا تدفن رأسها في الرمال حين يفشل عمل فني كانت هي بطلته، لا تناطح الجمهور، ولا تؤجّر لجان إلكترونية لصناعة حالة زائفة من النجومية. من الممكن أن ترفض النسبة الفجّة لصراحة غادة عبد الرازق، من الممكن أن ترفض إسلوبها الجارح لنفسها قبل أي الآخرين، لكن الأكيد أنك لن تفقد احترامك لها .
الكاتب
ما هو انطباعك؟
