القصة الحقيقية لشخصية سليمة في ثلاثية غرناطة .. نهايتها كانت بشعة
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
يُحْكَى في القديم الغابر أن مدينة غرناطة في الأندلس وصلت من شدة جمال طبيعتها الخلابة أن سحرت قريحة الشعراء، فأبدعوا في وصف روعة تصاميمها المعمارية، وحدائقها اليانعة الخضراء، وأنهارها الصافية، وطقسها المعتدل صيفًا وشتاءًا، الأندلس مدينة تشعر فيها وكأنك تتبختر في رياض الجنة.
غرناطة .. مدينة العلم والجمال
مدينة اتسمت عبر تاريخها بكل الوان التحضر والرقي، تكثر فيها المجالس العلمية، ولم تقتصر تلك المجالس على فئة دون الأخرى بل كانت سائدة بين الجميع لدرجة أنها تقام في الدكاكين، يجتمعون للتفقُّه والقراءة، كما كان للشعراء حظ من ذلك فكان ينعقد لهم المجالس للمناظرة والمطارحة.
اقرأ أيضًا
كيد النسا و سقوط غرناطة .. عائشة وثريا
الأنْدَلُس زخرت بالنوابغ الذين برعوا في شتى العلوم والمجالات، والذين لم يرضخوا للغزو القشتالي الذي جاء ليكبح جماحهم ، ويسخرهم تابعين له ، ولكن طائفة من أهل الأنْدَلُس أبت الخضوع وعاندوا، واستمروا في الأبداع والمجاهدة.
سليمة في رؤية المؤرخين الأجانب
يحكي ماثيو كار في كتابه «الدين والدم إبادة شعب الأندلس»، أنْ هناك بطولات نسائية أندلسية عاندت وصمدت أمام ظلم القشتاليين، ومن تلك الأمثلة سليمة بنت جعفر حفيدة أبي جعفر الوراق الغرناطي، التي أخذت عن جدها حب القراءة وورثت عنه مكتبة عظيمة، وشهدت في طفولتها محرقة الكتب في ساحة باب الرملة، وكانت من نساء غرناطة العالِمات النابغات في شتى العلوم، خاصة الطب وجعلت من غرفتها معملًا لإنتاج الدواء لتطبيب المرضى.
نهاية سليمة المأساوية
تميز سليمة جر عليها تهمة السحر أمام محكمة التفتيش، كما اتهمتها المحكمة بأنها حملت من الشيطان لأن زوجها سعد المالقي «كارلوس مانويل بعد تنصيره» كان غائبًا في أثناء حملها في ابنتها عائشة، وبالفعل كان زوجها هاربًا من السلطات لأنه كان من المجاهدين، لكنه كان يتردد إلى بيته خفية، ولم تشأ أنْ تفضح سره، وقالت فحسب أنهما مختلفان وأنه عاد لبيته قبل ثلاث سنوات ثم غادر ثانية، واتهمتها أيضًا المحكمة بتهمة الطيران ليلًا في الهواء التي كانت ترمى بها الساحرات، وذلك لأنها أقرت بأن محمد رسول الله أسري به ليلًا وعرج الى السماء.
اقرأ أيضًا
محمد بن أمية..حفيد قتّلة الإمام الحسين الذي قاد ثورة في إسبانيا
وبعد هذه المحاكمة الهزلية وما رافقها من تعذيب وتنكيل، وفي مشهد مأساوي حكم على عالمة غرناطة بالحرق على الخازوق، وأحرقت في المكان الذي شهدت فيه حرق الكتب مع جدها وهي طفلة، لكنها في الطريق إلي الخازوق، تقدمت بكبرياء وثبات حتى لا يتشفى فيها أعداؤها.
الكاتب
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال