همتك نعدل الكفة
333   مشاهدة  

غزة مصنع الرجال.. تعلمنا الثبات من أطفال فلسطين قبل كبارهم

فلسطين


عندما نرى إخواننا في فلسطين الذين سُلب منهم الحق في الحياة، لأنهم فقط دافعوا عن أراضيهم المغتصبة من قبل الكيان الصهيوني الذي استوطن فيها بعد حروب دامت لعقود طويلة، نُصبر أنفسنا بقوله تعالى “وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون”.

الله بشرنا من فوق سماوات ونحن على يقين أنهم بإذن الله قد نالوا هذا الفوز العظيم، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “من قُتل دون ماله فهو شهيد ومن قُتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد”، والمرابطين في فلسطين قد جمعوا بين هذه الأربع نقاط، فنحسبهم والله حسيبهم من الشهداء.

والآية التالية لما ذكرناها تستكمل الجزاء العظيم لهؤلاء الشهداء، قال تعالى “فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون”(1)، ما جعلني اتفكر قليلًا هو بشرى الله لهم بأن يفرحوا بإخوانهم الذين لا زالوا أحياء في الدنيا بعد أن فارقوهم، فهم سائرون على دروبهم مُتّبعين مراد الله ولم يحيدوا عن جهاد أعدائهم.

ليس هذا فحسب بل إنك إذا شاهدت بعض الفيديوهات لِمَن أصابهم هذا المصاب الجلل بفقد ذويهم، ترى أنهم قد تسلحوا بسلاح الثبات والصمود، ولن ترى إلا العزة في نبرات أصواتهم ونظرات أعينهم، ولعل هذا منحة الله أختصهم بها، لذا فهم لا خوف ولا هم يحزنون.

فلم أتخيل يومًا أن يتم إخبار أحدهم بوفاة ولده ويكون بهذا الجَلد الذي كان عليه أحد أفراد الأطقم الطبية، والذي فوجيء بالخبر وهو في المستشفى يقوم بدوره في إسعاف المصابين الذين قُدر لهم الحياة بعد القصف الهمجي المتتابع من الاحتلال الإسرائيلي، فبعد أن ظل يذهب هنا وهناك هو وزوجته للعثور على ابنه واصفين إياه “يوسف..7 سنين.. شعره كيرلي وأبيضاني وحلو”، آملًا في أن يجد فيه رمق الحياة، لكنه عثر على جثته وقد لفظ آخر أنفاسه، مكتفيًا بقوله “الحمدلله.. الحمد لله على كل حال”، بالتأكيد قلبه يتمزق حزنًا لكن دون نحيب وبكاء فالرضا غمر روحه وأنزل عليه السكينة، ليصبر زوجته ويشد على أيديها، فهو على يقين أنه يُزف للجنة مع الأبرار.

فلسطين
الطفل الشهيد “يوسف” ذو السبعة أعوام

ما زاد دهشتي أنهم في ظل هذا الأحداث القاسية من القصف المتبع من قوات الاحتلال في فلسطين وما ترتب عليه من ازدياد لعدد الشهداء والمصابين وفقد الكثير من الأسر لأبناءهم وأحبائهم، هم من يصبرونا نحن، عند القلق على أحوالهم أو إصابتنا بانهزام نفسي إثر عجزنا عن الوقوف إلى جوارهم لإزاحة هذا الظلم عن أراضيهم، فأحدهم بعث برسالة يطمأن أحبائه في مصر -أحد منشئي المحتوى على السوشيال ميديا- قائلًا “بدنا المعنويات أعلى من هيدك.. إخوانكم بالداخل بألف خير” مرددًا كلمة والدته التي تواسيه بقولها “الحجر بيرجع ينبني والرحم طول ما هو شغال بيجيب ولاد”.. والله هذه الكلمات أخجلتني على حالنا المنهزم فحين أن الله أنعم عليهم بإيمان راسخ وعقيدة ثابتة مؤمنة بوعد الله لهم “ألا نصر الله قريب”، راكضين نحو الشهادة في سبيل الله ركضًا.

يمكنك مشاهدة الفيديو من خلال هذا الرابط

https://www.facebook.com/Shec0/videos/875589030793218/?mibextid=Nif5oz

 

وإن أصاب أحدهم الوهن لصعوبة الفراق وقساوة المشاهد من دماء وأشلاء، يبدأ من حوله ببث العزيمة فيه وتذكيره بالله ليعود متين الإيمان، كهذا الرجل الذي وقف في وسط إحدى صالات المستشفى واعظًا أحد الباكين لتثبيته”متبكيش يا زلمة.. كلنا مشاريع شهداء.. قول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرًا منها.. هذه أرض جهاد وأرض رباط.. كلنا في سبيل الله”.

إقرأ أيضا
الأهلي

ورغم صعوبة الفقدان للأهل والأحباب وضياع ديارهم بصورايخ الصهاينة، إلا أنهم أقسموا على عدم الاستسلام وإن كلفهم ذلك الغالي والثمين، كالشاب الذي صرخ بصوته العالي النابع عن قوة في الإيمان “والله لو كل دورنا راحت.. وكل أهالينا راحوا.. لو كل مالنا راح.. ما نساوم”.

حتى الأطفال في فلسطين الذين ما زالوا في عمر اللعب والمرح والذهاب إلى المدرسة، لكن قوات الاحتلال التي لا تملك ذرة من ضمير أو إنسانية، حرموهم من أبسط حقوقهم وهي الطفولة كأن ينعم هؤلاء الأبرياء بنشأة سوية في حضن والديهم وأسرهم، وحولوا ضحكاتهم إلى فزع وحزن حتى باتوا يخشون من النوم ليلًا من صوت القذائف والصواريخ، وسرقوا أحلامهم بمستقبل مشرق.

لكن هؤلاء الذين استحي أن اسميهم صغار فهم بصلابتهم في خضم هذه الأحداث وقوة إيمانهم قد أكدوا لي أنهم كبار العزيمة والصمود فقد رُبوا على الشهادة، وترعرعوا بالتوكل على الله والاستسلام له وحده لا شريك له، ووهبتهم أمهاتهم وآباهم للدفاع عن المسجد الأقصى وعن أراضيهم المغتصبة من قبل الصهاينة، فهذا طفل مصاب جراء قصف منزله ويقف بكل قوة أمام سرير أخيه المصاب أيضًا في المستشفى، ليلقنه الشهادة ويقول “أنا هيني عندك.. احكي بسم الله.. احكي يا رب”، مُقبلًا بطن أخيه، والله يا أطفال غزة علمتمونا معنى الرجولة حقًا.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان