غسان مطر .. الرجل الوحيد الذي عمل الصح
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
في إحدي حلقات برنامج رامز ثعلب الصحراء عام 2015 وتحديدا الحلقة 17 كان الضيف هو غسان مطر والصدفة وحدها التي قادتني لمشاهدة الحلقة والحلقة كانت السبب في البحث وراء غسان مطر بعيدا عن الكاميرا، والسبب هو ذلك الهدوء والتماسك الرهيب الذي ظهر به في الحلقة، تماسك يدل على رجل اعتاد صوت الرصاص والعنف، وكنت أعرف انه فلسطيني ولكن ما لم أكن اعرفه ان هذا الرجل كان يوما على قوائم الاغتيالات بل إن عائلته استهدفت واغتيلت بالكامل وكان هو مفصود أيضا.
متهما بالتحريض في لبنان في إبان عصر كميل شمعون، المهاجر الفلسطيني الذي رحل عن ارضه بعد النكبة وشهد عدد من المذابح الإسرائيلية في اللد وغيرها من المدن، استقر به المطاف في لبنان في الخمسينيات في ظل العدوان الثلاثي ليقرأ على الجماهير خطاب عبدالناصر ليثير الحماسة في نفس أحد المواطنين ويدعى حسين الصفوري الذي قام بتفجير خط أنابيب بترول طرابلس في لبنان ويلقى القبض عليه ويعترف أن محرضه هو الشبا عرفات داوود المطري أو غسان مطر ليحكم على غسان بالسجن 3 أشهر مع إيقاف التنفيذ لأنه كأن قاصرا وقتها حيث كان عمره 16 عاما فقط.
بعد هذه التهمة التي ثبتت في سجله الجنائي لم يستطيع عرفات او غسان مطر الالتحاق بجيش التحرير الفلسطيني ومن ثم كان هو صاحب أول مجموعة مقاومة فلسطينية أنشأت في لبنان في الستينات بعد الخلاف بين عبدالناصر وكميل شمعون بل وقام بتأسيس إذاعة لفرقة المقاومة تلك في لبنان.
تأسيس تلك الإذاعة كان سببا في تعرفه على واحد من أشهر السياسيين الفلسطينيين وقادة حركة التحرير الفلسطينية وهو نايف حواتمة، السياسي الفلسطيني الذي يعد اول سياسي فلسطيني يدعو لحل سياسي للقضية الفلسطينية لأنه وجد ان العنف ما هو إلا دائرة مفرغة لن تنتهي.
مع نايف حواتمة سار غسان مطر في طريق المقاومة الفلسطينية والمعروف عنه أنه كان ذراع إعلامي لنايف حواتمة ولكن كان هناك الكثير من الحديث حول أدوار أخرى لغسان مطر، أدوار كانت سببا في امتهانه التمثيل كنوع من أنواع التمويه في البداية.
أدوار غسان مطر التي لا توجد حتى الآن مصادر موثقة توثقها، كان الهمس حولها يدور حول عمله كوسيط سياسي بين الحكومات والقادة في المقاومة وبعد أفراد وقادرة الحكومات العربية، ودور أخر في تهريب السلاح وتوفيره لمجموعات المقاومة وتخطيطه لعمليات فدائية قبيل نكسة 67 والتي بعدها أصبح من الضروري عمل غطاء جيد لغسان مطر يتيح له حرية الحركة فكان التمثيل هو الأفضل حسب ما تشيع الأقاويل.
ولكن التمثيل لم يكن في غطاء محكما، بفيلم كلنا فدائيون وفيلم الفلسطيني الثائر واللذان مثل فيهما وكتبها، لم يبتعد غسان مطر عن المقاومة ولكن بعدهما أشاع أنه تفرغ للتمثيل فقط، ولكن بالنظر لتواريخ الأعمال التي شارك بها غسان مطر سترى أن هناك فترة توقف فيها غسان مطر عن التمثيل فترة بلغت من الأعوام 6 من عام 1974 وحتى 1980.
وكان مستقرة في تلك الفترة بين القاهرة ولبنان وسوريا، ووقتها شغل رئيس اتحاد الفنانين الفلسطينيين وكان عضوا في المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، والأهم أنه كان همزة الوصل بين الحكومة المصرية وياسر عرفات قبل مباحثات كامب ديفيد وحمل العديد من الرسائل بين السادات وعرفات ربما أهمها رسالة دعوة عرفات شفهيا لاجتماع مينا هاوس الشهير.
مثلما خرج هاربا من فلسطين، تجدد المصير في لبنان التي خرج منها هاربا من الاجتياح الإسرائيلي أيضا ليفر إلى مصر متنكرا في زي راهب مسيحي، ليستقر في مصر عام 1982 ويعاود نشاطه الفني، ليبلغه بعد ذلك بثلاثة سنوات خبر اغتيال عائلته في حرب المخيمات في لبنان عام 1985 وليتهم غسان مطر بعد ذلك الرئيس السوري حافظ الأسد انه هو من كا وراء عملية الاغتيال تلك.
اما سر اتهام غسان مطر لحافظ الأسد كان كما قال غسان انه فيما سبق هروبه من لبنان كان يعمل معلق سياسي وكان دائم انتقاد نظام حافظ الأسد الذي كان على خلاف كبير مع ياسر عرفات والذي كان من المعلوم ان غسان مطر أحد المقربين منه وقتها.
ولكن بعد ذلك تقلص دوره السياسي ودورة في المقاومة الفلسطينية خاصا بعد الانشقاقات التي أصابت جبهة التحرير عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان لنعرفه كما نعرفه الآن مجرد ممثل نحمل له في ذاكرتنا العديد من القفشات مثل اختراع يا كوتش، والأشهر أعمل الصح، دون ان ندري أن غسان مطر بحق هو الرجل الوحيد ربما الذي عمل الصح طوال حياته التي عاشها مخلصا لقناعته ومدافعا عن قضية يؤمن بها.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال