“غور الأردن” قصة الاحتلال الناعم والمقاومة الفلسطينية

منذ بضعة أيام سمعنا عن عملية غور الأردن التي هزت حكومة نتنياهو المستمرة في قصف القطاع والجنوب اللبناني، ومؤخرًا بدأت عدوانها على مناطق جنوب غرب سوريا. هجوم مسلح في وضح النهار تمكن منفذوه من الفرار يؤكد فشل مساعي الاحتلال في فرض سيطرته على الأغوار، المنطقة التي شهدت سلسلة عمليات استهدفت قوات حرس الحدود والمستوطنين.  

عملية غور الأردن الأخيرة تأتي ردًا على اقتحام شرطة الاحتلال للمسجد الأقصى، واعتقال مئات المصليين على مدار يومين، اعتداءات تحدثت عنها تقارير العفو الدولية باعتبارها استفزازية. حيث امتدت نيران المواجهات إلى الأراضي المحتلة وقطاع غزة، وبدأت المراشقات الصاروخية على عدة جبهات، كانت جنوب غرب سوريا آخرها.

اقرأ أيضًا

أخر التطورات في دولة الاحتلال: القصف مستمر وتقارير تتحدث عن “الانتفاضة الفلسطينية”

في تطور للأحداث شهدت منطقة غور الأردن عملية أسفرت عن مقتل ثلاث مستوطنِات على حاجز الحمرا، أعلنت حركة الجهاد الإسلامي مسئوليتها عن تنفيذها. لكن العملية الأخيرة لم تكن الأولى في المنطقة التي شهدت سلسلة من حوادث إطلاق النار، التي تستهدف قوات حرس الحدود والمستوطِنين في المنطقة.

الأغوار مسرحًا للعمليات الفدائية في الأعوام الأخيرة

الأغوار الفلسطينية هي منطقة تمتد على طول الشريط الحدودي بين فلسطين والأردن، من بحر الجليل شمالًا وحتى البحر الميت جنوبًا متضمنة ربع مساحة الضفة الغربية. المنطقة عبارة عن سفوح خصيبة تعتمد على مياه نهر الأردن وبحيرة طبريا، يسكنها أكثر من 60 ألف نسمة يعيشون على الزراعة. تنقسم الأغوار إلى مناطق خاضعة للسلطة الفلسطينية، ومناطق تابعة لحكومة الاحتلال وأخرى مشتركة.

جدير بالذكر أن الأغوار الفلسطينية توازيها على الجانب الآخر من الحدود الأردنية أغوار أخرى، تسمى الأغوار الأردنية وهي مناطق حدودية خاضعة بالكامل لسلطة دولة الأردن.

بدأ الاحتلال بالزحف على غور الأردن منذ ستينات القرن الماضي، بحجة استخدام المنطقة لأغراض عسكرية، مصاحبًا لتسلل مستوطَنات ظهرت فجأة في مناطق تم تهجير سكانها الأصليين بذريعة وجود حقول ألغام. الآن تجثم 500 مستوطنة و90 موقع عسكري على أراضي الأغوار، المفصولة تمامًا عن الضفة الغربية منذ عام 2000، بعدة حواجز منهم حاجز الحمرا الذي شهد العملية الأخيرة.

رئة الدولة الفلسطينية التي يحاول نتنياهو خنقها 

أهمية غور الأردن لا تقتصر على كونها تمثل 50% من الأراضي الزراعية المفترض خضوعها للسلطة الفلسطينية؛ بل تعتبر نقطة القوة الأخيرة للدولة الفلسطينية، والتي يحاول نتنياهو ضمها لدولة الاحتلال بكل قوته منذ 2019. 

السيطرة على غور الأردن يعني السيطرة على المياه والحدود والأرض، بدونها تفقد فلسطين ربع مساحتها وتصبح حبيسة داخل الأراضي الخاضعة للاحتلال، محرومة من مياه نهر الأردن والآبار الجوفية. فقدان المنطقة يعني تعطيش وتجويع الشعب الفلسطيني، والقضاء على آخر منفذ له على العالم من خلال الأردن. 

خلال حملته الانتخابية عام 2019 وعد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بضم غور الأردن، واصفًا المنطقة بـ”الدرع الشرقي” الذي يضمن لدولته استحالة تقلص حدودها مرة أخرى. سياسة الرئيس الولايات المتحدة السابق دونالد ترامب شجعت نتنياهو على انتزاع اعتراف أمريكي بضم الأغوار، تحت مسمى ما عرفناه بـ”صفقة القرن” التي انتهى الحديث عنها بعد حملات إدانة واسعة، وتخوفات من اشتعال انتفاضة جديدة وفقًا لما أوردته تقارير للـ“بي بي سي“.

إقرأ أيضا

مسار إجباري ..المسار ليس دائمًا إجباريًا

اقرأ أيضًا

فوضى الاحتجاجات تجتاح دولة الاحتلال ونتنياهو يرضخ

من المتوقع استمرار العمليات الفدائية في المنطقة التي تؤوي مئات المستوطنات وآلاف المغتصبين، حيث نشهد عملية احتلال ناعم على مدار أكثر من أربعين عامًا. إلى الآن لم تتحقق مطامع دولة الاحتلال في ضم أغوار الأردن رسميًا لتشديد الخناق على الفلسطينيين، ربما تأجلت صفقة القرن حفظًا لماء الوجه؛ لكنَّ الأكيد أن أصحاب الأرض لن يتركوها، على الأقل ليس دون مقاومة.