فادي أبو بكر لـ “الميزان” : من المتوقع مزيد من الضغوط الاقتصادية على السلطة الفلسطينية
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في هذه المرحلة الخطيرة من مراحل الصراع العربي الإسرائيلي، وفي حين إن عيون العالم كله تنصب على ما يحدث في رفح الفلسطينية دقيقة بدقيقة، في أوضاع أقل ما يُقال عنها بأنها شديدة التعقيد السياسي والعسكري، والسعي المصري الحثيث لإيقاف ما يحدث، تتشابك الأفكار والتحليلات السياسية وتتقاطع في ظل أوضاع متشعّبة ومتفرّعة، وملف قديم متجدد اشتعل وربما يحدث ما هو أكثر من ذلك .. في ظل كل تلك الأوضاع تحدث “الميزان” في حوار صحفي إلى المحلل السياسي الفلسطيني، فادي أبو بكر، للوقوف على آخر المستجدات والتحليلات والتوقعات بعيون فلسطينية لا تخلو من رؤية عالمية للأمور.
- في رأيك، هل تلعب منظمة التحرير دورا محوريا فيما جرى منذ ٧ أكتوبر، أم أن الحدث قد تجاوز قوة تأثير المنظمة لتكون عنصر فاعل في الأحداث؟
- على الصعيد الميداني وما يخص الحوارات والمفاوضات المتعلقة بصفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، القرار يعود للفاعلين في الميدان فقط، حيث أن منظمة التحرير الفلسطينية أو حتى القيادة السياسية لحركة حماس في الخارج ليس لديهم التأثير الحقيقي في الأحداث، وقد ثبت ذلك في ضوء الجولات المختلفة على مدار الأشهر الماضية.. الكلمة الفصل هي للجناح العسكري لحركة حماس . ولكن منظمة التحرير الفلسطينية هي التي تقود المبادرات والحراكات السياسية والقانونية والدبلوماسية في المؤسسات الدولية، وكان آخرها انتزاع قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة بأحقية فلسطين بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وهو قرار مهم من حيث التوقيت في ظل إنكار إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة لحقوق الشعب الفلسطيني، من خلال حرب الإبادة الجماعية، ويثبّت القرار حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره من خلال العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
- بحسب تصريحات السيد أحمد المجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية فإن المنظمة تمثل الكل الفلسطيني بمن فيهم حماس، هل هناك ثمة أمل في اتحاد ما بين المنظمة وحماس وتكاتف على الأقل لعبور المرحلة؟
- كانت وستظل منظمة التحرير هي أساس النظام السياسي الفلسطيني، وهياكلها هي الهياكل الناظمة لهذا النظام، فهي صاحبة الولاية السياسية والقانونية على الشعب الفلسطيني، أمام العالم بأسره، وهي المؤتمنة على حقوقه غير القابلة للتصرف، وهي قائدة نضاله التحرري من أجل استعادة بلاده وتحريرها وعودته لها.. ويندرج قرار حكومة الاحتلال الأخير بالعمل على تقويض وانهيار السلطة الفلسطينية المنبثقة عن منظمة التحرير الفلسطينية في إطار ضرب قلب الكيانية الفلسطينية ومشروعية النضال الفلسطيني الذي تمثله منظمة التحرير الفلسطينية.
القيادة السياسية الإسرائيلية عاجزة حتى اليوم على صياغة استراتيجية لإنهاء حكم حماس في غزة بعد الحرب، وهناك موجة كبيرة من الانتقادات في الشارع الاسرائيلي وخلافات عميقة واضحة بين المسؤولين العسكريين والحكوميين الإسرائيليين بسبب الافتقار إلى التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب، وفي ضوء ما سبق إلى جانب عدم قبول اسرائيل لأي دور للسلطة الفلسطينية في غزة والتوجه نحو إضعافها ، أعتقد أن السيناريو الإسرائيلي الأكثر ترجيحاً بات يتمثل في(حماس ضعيفة في غزة و سلطة فلسطينية ضعيفة في الضفة).. بما يتضمنه بطبيعة الحال من فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة والعمل على ضمان استمرارية الانقسام وضرب أي فرص للتوافق الوطني ..
وعليه فإن المنطق الوطني يتطلّب النهوض بحوار وطني جدي نحو تبني استراتيجية فلسطينية موحدة تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية .. التمسك بهذه الاستراتيجية الموحدة هو الحصن الذي يحمي شعبنا من محاولات الاحتلال لتفكيك وحدته وتقسيمه والسيطرة عليه.
- ما هي توقعاتك لمستقبل الأوضاع على الأرض في الضفة في حال استمر الانتهاك اليومي لحقوق أهل الضفة من قِبَل جيش الاحتلال، وفي حال الاجتياح الكامل لرفح الفلسطينية؟
- في ضوء التصعيد العسكري الإسرائيلي في رفح، يبدو أن إسرائيل والولايات المتحدة في طريقهما نحو المرحلة النهائية من الحرب على قطاع غزة، فلم يعد لدى نتنياهو ما يلوّح به بعد اجتياح رفح، حيث أن الفشل العسكري الإسرائيلي في غزة، والعزلة الدولية التي تواجهها إسرائيل، بالإضافة إلى عدم قدرة الولايات المتحدة على وقف انتزاع قرارات دولية تؤيد الشعب الفلسطيني، إلا في نطاق مجلس الامن باستخدام الفيتو، والذي يشكّل إحراجاً كبيراً لها ويدفعها نحو مربع العزلة الدولية الذي تقطنه إسرائيل، تدفع كل من إسرائيل والولايات المتحدة نحو استكشاف خيارات جديدة للتصعيد في الربع الساعة الأخيرة من هذه الحرب.
تقود إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، حرباً عسكرية واقتصادية بهدف فرض شروط وتسويات سياسية على الفلسطينيين، تتضّح في زيادة الضغط على السلطة الفلسطينية للتنازل عن مطالبها والموافقة على تسويات تخدم مصالح إسرائيل، بما في ذلك قضايا مثل رواتب الأسرى والشهداء، ومحتوى المناهج التعليمية الفلسطينية.
ومن المتوقع أن تشهد الأيام القادمة زيادة في الضغط الاقتصادي على السلطة الفلسطينية والضغط العسكري على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والقدس، ولا نستبعد أن تستخدم إسرائيل أقذر الوسائل المتاحة لديها لتحقيق أهدافها في المنطقة، المتمثلة في تغيير الواقع الجغرافي للأراضي الفلسطينية المحتلة، بما يضمن إنهاء فكرة الدولة الفلسطينية، وتكريس وجودها الإستعماري الاستيطاني.
في هذا السياق، يبرز التحالف الإسرائيلي الأمريكي كأداة رئيسية لتحقيق أهدافهما المشتركة في الشرق الأوسط، ويظهر أن كلا واشنطن وتل أبيب تسعيان لتحقيق التطبيع العربي مع إسرائيل، وعلى وجه التحديد – التطبيع السعودي الإسرائيلي – كمحصلة طبيعية في حال نجاحهما في إخضاع وتركيع الفلسطينيين.
ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجيات ستواجه تحديات كبيرة، خاصة في ظل التحولات السياسية والاجتماعية في العالم، لا سيّما في العالم الغربي، حيث يزداد الوعي الدولي بقضية الشعب الفلسطيني، ويميل الرأي العام الدولي لصالح الفلسطينيين بشكل أكبر يوماً بعد يوم.
من جهةٍ أخرى قد يؤدي الضغط المتزايد على الفلسطينيين إلى مزيد من التصعيد سواء كان ذلك بشكله الشعبي أو حتى الرسمي، بما يتضمنه من تفجير مفاجآت مثل حلّ السلطة الفلسطينية الذي كان يُلوّح به سابقاً من قبل الرئيس محمود عباس، ويعتبر هذا السيناريو وارد التطبيق الآن، إذا ما استمرّ الوضع على ما هو عليه باستعصاءاته السياسية والاقتصادية.
وعليه حان الوقت لتدخل المجتمع الدولي لوقف الاستراتيجيات العدوانية والمعادلات الإقليمية التي تحاول إسرائيل والولايات المتحدة فرضها في خضمّ الحرب على قطاع غزة، وينبغي على المجتمع الدولي التحرك الآن لوقف حرب الإبادة المستمر منذ أكثر من نصف عام، والعمل على فتح مسار سياسي يضمن إيجاد حل عادل وشامل يلبي مطالب الشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف، ودون ذلك لن يتحقق الاستقرار في المنطقة وتداعيات هذه الاستراتيجيات ستمتد وجوباً إلى الشوارع العربية والعالمية.
- ما تقييمك لتطورات الجهود المصرية للانضمام في الدعاوى القانونية ضد دولة الاحتلال ؟
- إعلان كل من مصر وليبيا وتركيا دعم شكوى جنوب افريقيا خطوة مهمة للغاية، ولعلّ الانضمام المصري هو الأهم كونه الجمهورية المصرية هي دولة حدودية وليست كأي طرف دولي آخر، وسيكون لها دور كبير في دعم الشكوى على الصعيد القانوني والتقني .. الحكومة الإسرائيلية لم تمتثل لإجراء واحد على الأقل في الأمر الملزم قانونا الذي أصدرته سابقاً محكمة العدل الدولية، في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا، واليوم بإغلاق معبر رفح الذي يشكل شريان الحياة للقطاع وبوابته للعالم الخارجي، يتكرر مشهد شمال قطاع غزة في الأشهر الأربع الأولى من الحرب حيث استشهد العشرات نتيجة الجوع وانعدام الموارد الأساسية .. أعتقد أن انضمام مصر للقضية سيدعم استصدار قرارات ملزمة من المحكمة الدولية، ولكن اسرائيل عودتنا بعدم مبالاتها أو التزامها بأي قرار دولي ، ولكن يمكن في حال عدم التزام اسرائيل التوجه لمجلس الأمن كونه يملك السلطة، بناءً على طلب الدولة المتضررة، لتنفيذ تدابير خاصة لإنفاذ الحكم الصادر من محكمة العدل الدولية..وقد ينتظرنا الفيتو الأمريكي هناك، ولكن أعتقد أنه بدعم مصر وكافة الأشقاء العرب على مواصلة الضغط وتحشيد القرارات والمواقف الدولية، لا يمكن لجدار الحماية الأمريكي أن يصمد أكثر.
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال