فاطمة رشدي .. ليلة ظهور الأب الروحي عزيز عيد (3)
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في الحلقة الثانية من مذكرات فاطمة رشدي بخط يدها .. سردنا تفاصيل دخول فاطمة رشدي وشقيقتها الفن عن طريق السيرك وكيف كان خجلهما سببًا في إفساد عرض السيرك وتفاصيل لقائهما بنجيب الريحاني ، وانتقال فاطمة رشدي من معشوقتها الإسكندرية إلى طريق السعي للمجد والشهرة في القاهرة … اقرأ الحلقة الثانية كاملة من هنا :
وإليكم الحلقة الثالثة حيث قالت:
على قهوة اسمها (راديوم) بشارع عماد الدين، كان يقضي رجال الفن والأدب والصحافة أوقاتهم، بدأت أتردد بعد انتهائي من عملي في مساء كل يوم، ألست من أهل الفن ؟ .. إن أكف الجمهور في (البسفور) كانت تصفق لي عندما أظهر على المسرح، وعندما أنتهي من إلقائي، فلماذا لا أحشر نفسي بين أهل الفن والأدب في تلك القهوة المعروفة (راديوم) ؟!
وهناك عرفت الأديب الكبير محمد تيمور، فأحاطني بسياج من رعايته وعطفه، حتى لقد كان يقطع مناقشاته في الأدب مع أصدقائه نجيب الريحاني وإبراهيم رمزي وإبراهيم المصري وأيمن صدقي ليشرتي لي شيئًا من الشيوكولاتة يقدمها إليّ ، معتذرًا للأصدقاء عن قطع المناقشة بأن (شيوكولاتة بطة) أهم عنده من الأدب .. فيتضاحكون، ثم يعودون إلى مناقشتهم وأنا منصتة ، وكلي آذان واعية لما يقولون .
وفي ليلة فاجأت “تيمور” قائلة :
- محمد بك .. أنا سأؤلف رواية ! ! !
فضحك وسألني :
- هل تعرفين القراءة والكتابة ؟
قلت : لا ، ولكنس سأستأجر شخصًا أملي عليه ما أريد
وفي هذه اللحظة ، أقبل على الجماعة ، واحد من أعضائها لم أره من قبل، لاحظت أن الجميع كانوا يحترمونه احترامًا خاصًا ، فاتجه إليه تيمور قائلًا :
- يا عزيز ، سأهدي إليك مؤلفة ومطربة وممثلة في وقت واحد … هذه هي ..
فحدجني عزيز بنظرة فاحصة داهشة ، وتأملته أنا الأخرى ، فإذا مظهره بسيط طبيعي لا كلفة فيه ، في عينيه بريق يدل على حيوية دافقة وذكاء حاد . . . وتابع تيمور تعريفه بي فقال:
- تصور يا عزيز ، أنها تريد أن تؤلف رواية مع أنها لا تعرف القراءة والكتابة .
وزادت دهشة عزيز حتى ملأت صفحة وجهه ، وقال مستغربًا :
- كيف ؟ أصحيح أنك لا تعرفين القراءة والكتابة ؟
قلت في دهشة أيضًا : نعم ، وماذا تهم القراءة والكتابة ؟ المهم هي الأفكار التي تراود الإنسان فيعبر عنها بوسيلته ، ومادام رأسه مشحونة بأفكار شتى ، فسألجأ إلى واحد من القارئين الكاتبين لأملي عليه أفكاري .
فضحك وقال : أنصحك بأن تتعلمي القراءة والكتابة أولًا ، وأرجو أن تعملي بنصيحتي هذه .
وهنا تدخل محمد تيمور في الحديث :
تيمور : إيه رأيك في بطاطة؟
عزيز: دي حاجة لطيفة ، وأنت عارف أني أقدر أكتشف المادة الخام من أول وهبة وأصقلها حتى تصبح ذهبًا ، أنت قدمت لي تحفة وفي الوقت المناسب ، أنا عندي لها دور في مسرحية (القرية الحمراء) ، دور (عين أبوها) .
واندفعت أسأله : أنا حمثل ؟ إزاي؟
وأجاب عزيز : أصل الحكاية لما جيت القهوة الليلة دي ما كانش معايا فلوس ، ولا كان في فكري نية تقديم مسرحية ، إنما لما اتمولت . . .
وتدخل تيمور ثانية: اتمولت إليه يا أستاذ عزيز . . . دي الحكاية كلها خمسة جنية
عزبز : كفاية قوى لتكوين فرقة لتقديم رواية “القرية الحمراء” حأجر مسرح برنتينا بالمناظر ومعي شوية ممثلين وفاطمة . . واندفعت ثانية قائلة : قوللي إيه حكاية الرواية ؟
وأجاب عزيز : موضوع الرواية استغلال عمد البلاد لمراكزهم في سبيل تحقيق أغراضهم وملذاتهم بصرق النظر عن النتائج ، ودورك فتاة قروية .. ماتخافيش.. حاعلمك الدور .
بعد يومين ، بدأ عزيز عيد يدربني على الدور وأنا في حالة من السرور والارتباك والخوف من الإقدام على شئ جديد . وكان الدور يناسبني . كان دور فتاة صغيرة يريد العمدة اغتصابها . . وجاءت ليلة الحفلة على مسرح برنتانيا ، وكانت والدتي تصاحبني في أغلب الأوقات . . عند ذهابي للعمل والرجوع معها آخر الليل بعد انتهاء العمل . فجاءت معي ووقفت بين كواليس المسرح للتفرج على ابنتها وهي تمثل لأول مرة .
ورفع الستار وبدأ التمثيل . ولما جاء دوري وأخذ عزيز عيد يمثل معي دور المغتصب ، أخذت بطبيعة تمثيله ، ونسيت أننا نمثل على مسرح ، وذعرت ذعرًا شديدًا وصرخت في رعب ، وتصورت أنه يريد اغتصابي فعلًا ، صرخت مستنجدة بأمي قائلة : ماما .. ماما
وخرجت هلعًا من المسرح وأنا أقول : الحقيني يا أمي..
وحصل هرج ومرج ونزلت الستار .. وصرخت أمي في عزيز قائلة :
– انت اتجننت يا راجل ، تخوّف البنت ، انت عايز من البنت ايه ، مش عيب دي ماتجيش قد ركبتك ..
وكان رد عزيز: يا ست يدا تمثيل
فقاطعته أمي : تمثيل إيه وهباب إيه .. ماتخافيش يا ضنى امك .. يالله بينا
- انتظروا الحلقة الرابعة من مذكرات فاطمة رشدي بخط يدها .. حصريًا على “الميزان”
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال