همتك نعدل الكفة
943   مشاهدة  

فاطمة رشدي.. قبل الوقوع في حب عزيز عيد  (4)

فاطمة رشدي
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



في الحلقة الثالثة من مذكرات فاطمة رشدي بخط يدها .. سردنا تفاصيل اللقاء الأول الذي جمعها بـ عزيز عيد الذي اكتشفها وفتح لها مجالًا للوقوف على خشبة المسرح ، ورد فعل أمها حينما شاهدتها لأول مره على المسرح في دور فتاة يريد العمدة اغتصابها …  اقرأ الحلقة الثالثة كاملة من هنا :

وإليكم الحلقة الرابعة حيث قالت :

بعد رد فعل الأم الصادم بسبب هذا الدور ، وفي اليوم التالي قابلني عزيز في قهوة (راديوم) ضاحكًا كأنه لم يحدث شئ بالأمس، وبدأ يحدثني ويتلطف في حديثة معي . واكتشفت في عزيز أنه متحدث بارع .. صريح جدًا ، كبير القلب وصوته ملئ بالدفئ والحنان .. حتى أخذت أتبين أنني أفضل الجلوس والحديث معه على التحدث مع الكثيرين من كبار السن ومن المعجبين من الشبان أيضًا الذين كانوا يلاحقونني بهداياهم الثمينة.

فاطمة رشدي
فاطمة رشدي وعزيز عيد

وتركت الجميع في قهوة (راديوم) وأخذت عزيز عيد وذهبنا إلى ملهى بروض الفرج، وأنا أشعر بسعادة غامرة ، وانطلقت أتحدث معه : قولي يا أستاذ .. إزاي حبيت التمثيل .. احكيلي الحكاية .. أنا أصلي أحب الحكايات .. هو أنت مصري؟

ذلك لأن شكل عزيز كان أقرب إلى اللبنانيين والسوريين منه إلى المصريين ، فقد كان قصيرًا ، يحمل بين كتفيه رأسًا أصلع كبيرًا ، ويتوسط وجهه أنف كبير مقوس بشكل ملحوظ يسترعي النظر، في عينيه الواسعتين لمعان عجيب ، كشكل العظماء الذين أراهم في المجلات . . . وبعد صمت طويل بدأ يروي قصته :

طبعًا أنا مصري ، فقد ولدت في كفر الشيح ، أي من صميم الفلاحين ، وكان أبي من كبار تجار القطن فيها، ولا يزال هناك شارع باسمه إلى اليوم، فعصف الزمان بتجارته ةأصبح من المعدمين .. أما جدودي فمن لبنان ، ورحل أحدهم من وطن الأرز واستوطن مصر منذ زمان بعيد .. ولقد درست في مدرسة الفرير بطنطا ثم سافرت إلى بيروت فأكملت دراستي بها، وفيها شاهدت – أول ما شاهدت- فرقًا تمثيلية فرنسية ، وأعجبت بما تقدمه ، فعزمت على أن أقفو أثرها وأن أكون ممثلًا

وبعد أن أكملت دراستي في جامعة بيروت ،عدت إلى القاهرة ، فعُيّنت في البنك الزراعي ، وكان زميلي فيه نجيب الريحاني –  وكان هو الآخر من هوارة التمثيل – فكنّا- وكنت لم أصل إلى سن الثامنة عشر بعد – نمثّل بعض المشاهد من تأليفنا ، ونحن في المكتب ، وفي أثناء العمل، حتى ظبطنا (متلبسين) بالتمثيل فطردونا  . . .

كان هذا في عام 1904 ، وهي السنة التي أعدّها مولودًا جديدًا لي ، إذ كانت بداية احترافي التمثيل ، فذهبت إلى القرداحي ، صاحب فرقة تمثيلية تحمل اسمه، ورجوت منه الانضمام إلى فرقته ، فلبى رجائي بعد أن امتحنتني بأن مثلت أمامه قطعة من محفوظاتي . . .

فاطمة رشدي
الرائد المسرحي عزيز عيد

في أوائل هذا القرن ، بدأ السوريون يؤلفون فرقهم المسرحية في مصر ، وكان في مقدمتهم اسكندر فرح والقرداحي وحداد والقباني وغيرهم . وكان أداؤهم التمثيلي في ذلك العهد صراخًا ومبالغة في الإلقاء ، وإلقاء أقرب إلى الخطابة، وكانوا يمثلون رواية لا تقوم على دعامة فنية ، أو حركة مسرحية صحيحة ، أو مغزى يفيد الجمهور … وبدأت عملي في الفرقة ،ولكن القرداحي ناداني ليلة ما قبل التمثيل وقال لي:

  • مثل هيك متل ما بنمثل . بتاخد فشختين لقدام .. وفشختين إلى ورا .. وترفع صوتك عالي .. وتفتح صدرك وتقول : (ع الباب يا مولاي قاصد)

ومعنى كلامه : مثل كما نمثل هكذا ، تخطو خطوتين إلى الأمام ثم تخطو خطوتين إلى الخلف و . . .

فسخرت في سري من هذه الطريقة البايخة غير الطبيعية، ونويت أن أؤدي دوري الصغير هذا بطريقته مع صبغة بلون كوميدي ، وأقوله باللهجة اللبنانية . فضج المشاهدون بالضحك ، وأدرك الرجل أنني أسخر منه ومن أدائه ، فطردني ..

بعد أن طردني القرداخي انضممت إلى فرقة اسكندر ولم أحقق مع هذه الفرقة أي نجاح ، ثم ألّفت فرقة مع سليمان الحداد ومثلنا في الأسكندرية حفلات لم ننجح فيها ، وعجزنا عن دفع أجور الفنادق ، ثم عملت مع الشيخ سلامة حجازي وأخرجت روايات (عواطف البنين ) و(صاحب معامل الحديد) و (الولدان الشريدان) ، وعملت مع فرقة الشيخ أحمد الشامي وأخرجت روايات عديدة منها (30 يوم في السجن)

لقد تعبت يا فاطمة كثيرا، وكافحت طويلًا من سنة 1904 إلى سنة 1922 ولكنني عملت عملًا فخور به ، لقد أوجدت المسرح الحق، وأوجدت الممثلين والممثلات القادرين ، المقدرين لرسالتهم الفنية . وأصبح للفن اليوم رواده .

ثم فاجئني عزيز قائلًا : فاطمة .. أنا مسافر إيطاليا .. يوسف وهبي موجود هناك وسأحاول إقناعه بتكوين فرقة مسرحية !

فاطمة رشدي
يوسف وهبي
  • انتظروا الحلقة الخامسة من مذكرات فاطمة رشدي بخط يدها .. حصريًا على “الميزان”

الكاتب

  • فاطمة رشدي محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان