همتك نعدل الكفة
5٬597   مشاهدة  

فتحي البرنس .. السيكوباتي الذي أعرفه

فتحي البرنس ........................................ السيكوباتي الذي أعرفه


أؤمن بموهبة “أحمد زاهر” كممثل، ياه أخيرًا أستطيع أن أعلن هذا وأنا مُرتاح الضمير!

رُغم حداثة سني حينها، ما زلتُ أتذكر الأدوار التي قدمها في مطلع الألفينيات، بالتحديد في مسلسلي: “العصيان” و”الحقيقة والسراب”.. لم يكن أداؤه متفجر الموهبة، بقدر ما كان مُنبئًا بممثل جيد على الطريق، يحتاج لاكتساب المزيد من الخبرة والحرص على حُسن اختيار أدواره.. ثم فاجأه مرضٌ نادر أبعده لعدة سنوات عن الساحة تمامًا، بعد أن تسبب في زيادة وزنه بشكل كبير، قبل أن يعود بالتدريج، وبخطى مرتبكة، خلال السنوات العشرة الأخيرة، بأدوار متفرقة لم يبرز في تقديم أي منها تقريبًا، اللهم إلا ظهوره كضيف شرف في مسلسلي “رحيم” و”وولد الغلابة”، والذي بدا فيهما أن الموهبة لا تزال موجودة داخله، في انتظار الدور المناسب.

 

رتَّب القدر أوراقه لـ “زاهر” الذي لازم الظل لسنوات، ليأتي الانفجار من خلال مسلسل “البرنس” الذي أدى فيه شخصية “فتحي البرنس”، أهم وأشهر الأشرار في دراما رمضان لهذا العام.

 

لا عجب في ظهور اسم “أحمد زاهر” بالأمس ضمن الموضوعات الأكثر رواجًا على موقع “تويتر”، بعد أن توحَّد معظم المشاهدين تمامًا مع شخصية “فتحي” بطاقتها الشريرة المتفجرة، وعبّروا عن غضبهم وكُرههم للشخصية من خلال توجيه التغريدات الغاضبة لممثلها.. غالبًا عاش “أحمد زاهر” بالأمس أسعد ليالي حياته؛ فاللحظة التي ينجح فيها الممثل في كسر اتفاق الإيهام بينه وبين المشاهد، ليجعله يصدق ما يرى على الشاشة، ويخلط بينه وبين الشخصية التي يؤديها، هي لحظة المجد الكُبرى لكل ممثل.

 

“فتحي البرنس” هو السيكوباتي كما يجب أن يكون، أعطاه “زاهر”- بمساعدة السيناريو والحوار المكتوبين لشخصيته بحرفية- تفاصيلًا واقعية مُدهشة، مُركزًا على تفاصيل الشخصية السيكوباتية الأهم: النظرات الحادة والعيون اللامعة الميتة كأنها لا ترى إلا نارًا، نعم فهذا شخص يحترق من الداخل؛ الغضب مستعر في روحه حتى وإن اضطر أحيانًا لكتمانه لينفذ أغراضه، وهنا لا ننسى أن الاستمتاع بالإيذاء أولوية لديه قبل أي شيء آخر، نعم لديه هدف الحصول على المال لكنه يجد المُتعة في أفعال الشر قبل أي شيء آخر، فما يُفرِق “السيكوباتي” عن الإنسان العادي، الذي قد يرتكب بعض الآثام والخطايا، أنه يستمتع بما يفعل ويمتلك تصالحًا كاملًا معه، فلا وجود للندم في قاموسه، بل يرى في سحق الآخرين حقًا أصيلًا له، ويمتلك مبررات كاملة لهذا.

 

يكذب كما يتنفس، راغبٌ دومًا في التسلُّط المُطلق على كل مَن حوله، عاشقًا للضغط على نواقص الآخرين ومواضع ألمهم، ليكسرهم نفسيًا ويتحكم فيهم.. ألم تقابل “فتحي البرنس” من قبل في حياتك؟ للأسف معظمنا التقينا مثله، ولم ندرك الجانب السيكوباتي فيهم إلا متأخرًا، هؤلاء الذين لا يتوقفون عن تذكيرك بالله والآخرة- في ورع كاذب- وهم ينتهكونك بكل السُبل المتاحة لهم.. شخصيًا قابلتُ أكثر من “فتحي البرنس” في حياتي، أحدهم جلس أمامي يبكي بحُرقة في عزاء الرجل الذي ساهم في قتله قهرًا بكل ما استطاع، والأخرى لم تتورع أن تضع عملًا سحريًا سُفليًا في منزل فتاة في ليلة خطوبتها، بعد أن احتضنَتها بشدة وهي تهنئها، وتتمنى لها السعادة!

 

إقرأ أيضا
ضريح موسولوس

وهنا نصل للنقطة التي برز فيها أداء “أحمد زاهر” المتمكن، وهي نقطة محورية لفهم الشخصية السيكوباتية، والحديث هنا عن انعدام إحساسه بآلام ومشاعر الآخرين، رُغم إدراكه لها في الكثير من الأحيان، لكن الإدراك لا يعني أنه يشاركك فيها أو يتفهمها حتى، بل إنه غالبًا يستعمل مشاعر وآلام المُحيطين به لفرض سيطرته عليهم، وتمكينه من التلاعب الكامل بمصائرهم.

 

السيكوباتي جذّاب غالبًا، لهذا لا تستغرب نَفْسك عندما تجد نَفْسك منجذبًا لمتابعة “فتحي البرنس” بالتحديد من بين كل أبطال المسلسل، بالرغم من مُقتك الشديد له.. لكن، على سبيل النصيحة، لو أوقعك حظك السئ في مقابلة شخصية تُشبهه في الحقيقة، أنصحك أن تتجنبه بكل ما تملك من قوة، فالمعايشة تختلف تمامًا عن المشاهدة صدقني.. وإن فشلت في التجنُّب، فلا بأس بالنصيحة الخالدة: اهرب، اجْر!

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
32
أحزنني
4
أعجبني
24
أغضبني
3
هاهاها
1
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان