فتيات تروين حكاياتهن مع اضطراب الشخصية الحدية “تحرش جنسي من الأب واتهام بالجنون”
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
لم تكن تشعر أن عندها اضطراب الشخصية الحدية قالت عنه “اشتكيت لأهلي في البداية، محدش صدقني، كنت بمر بحالة اكتئاب حاد، ابتديت أدخل في حالة أرق طويلة، قطعت الأكل والمية، كنت بعور نفسي، وبفقد الذاكرة نهائي وأول ما ترجعلي أدخل في نوبة هلع”.
بدأت “ن، م”، في سرد حكايتها لـ “الميزان”، عن معاناتها مع الاكتئاب الحاد، في ظل تعنت أسرتها وتجاهل حالتها النفسية، بالإضافة إلى تكذيب أصدقائها وتخليهم عنها.
قررت “ن” زيارة الطبيب النفسي دون علم أسرتها، وبعد خضوعها للتشخيص علمت أنها تعاني من اضطراب الشخصية الحدية والاكتئاب الحاد، ولابد من خضوعها لعلاج نفسي يمتد لسنوات طويلة.
تقول “ن”، مررت برحلة علاج لمدة سنتين، خضعت لعدة أدوية متنوعة ومختلفة، حسب تحسن أو سوء حالتي النفسية، وبعد مروري بهذه الرحلة الشاقة، اعترف أهلي بمرضي.
لم تعترف أسرة “ن” بحالتها النفسية إلا بعد إصابتها بالهزال “النحافة الشديدة”، كما قرروا عرضها على طبيب نفسي للتأكد من حالتها بأنفسهم.
تشير “ن”، إلى أنها تشعر بتحسن طفيف بعد خضوعها واستمرارها في تناول العلاج بانتظام، لكنها تؤكد على أن العلاج قد لا يسفر عن نتيجة جيدة إلا بعد تضامن قوي مع المريض من جانب أهله، أو أقرب الناس إليه.
وتسرد “ن”، بأن أقرب الناس إليها تخلى عنها، جميعهم لم يصدق المعاناة التي تمر بها، حتى الشخص الذي جمعته بها علاقة حب، رغم أنه ساندها في زيارة الطبيب، لكنه كان يشعرها دومًا بالنقص، ويلفت انتباهها إلى أن تصرفاتها ترجع إلى أنها مريضه نفسيًا. تقول:”يعني لو مثلًا اتكلمت معاه عن أي موضوع أو مثلًا أشك فيه أو أعاتبه يقولي ده خيالك المريض، حتى مشاكل في الشغل أو أي عصبية في نقاش يقولي خيالك المريض هو اللي مصورلك كده”.
أما عن رأيها في الأطباء النفسيين الذين خضعت لتشخصيهم، فترى، أن الطبيب النفسي الجيد هو الذي يجيد الإصغاء للمريض، ليتعرف على جميع الأعراض النفسية التي يشكو منها، فضلًا عن إعطاء المريض أسبابًا جدية لأعراض ومما يعاني منه.
وتشير “ن”، إلى أن غالبية الأطباء النفسيين في مصر يتعمدون بأن لا يفهم المريض النفسي طبيعة مريضه، تقول:”أول طبيب نفسي روحت له سمع الأعراض وكتب العلاج، ومعرفنيش المرض إلا لما سألت الطبيب النفسي التاني اللي روحت له، وعرفني على أن سبب المرض خلل في إفرازات المخ”.
ومن ناحية تكاليف العلاج النفسي في مصر، توضح “ن” أن العلاج الـ”أون لاين” الجلسة الواحدة تكلف 500 جنيه، أما في حالة زيارة العيادة فيصل سعرها إلى 250 جنيه، ولا يتخطى سعر الجلسة في الحالتين لأكثر من نصف ساعة.
مجتمع منغلق
عاشت حبيبة علي في السعودية لفترات طويلة، تحكي للـ”الميزان”:”أنا متربتش في مصر عامة، اتربيت في السعودية والمجتمع هناك كان منغلق جدًا، وطبعًا أسلوب تربية الأبوين كان خطأ، لأن أغلب الناس معندهمش وعي، بيجبوا أطفال عشان المجتمع عايز كده”.
منذ 8 شهور شعرت “حبيبة” باضطرابات وانفعالات، وضغوطات نفسية بسبب التعاملات الأسرية مع أهلها، في البداية تقبل أخوتها ما تمر به، لكن والدتها رفضت العلاج رفضًا قاطعًا.
بدأت “حبيبة” في التردد على معالج سلوكي شهير، بمنطقة “التجمع”، لكنها انقطعت عنه بسبب استغلاله المادي، بالإضافة إلى عدم جدوى علاجه.
أما عن موقف أصدقاء وأسرة “حبيبة”، تقول:”صحابي كانوا داعمين وكانوا شايفين إن معنديش حاجة، وموقف وطريقة أهلي تحسنت وكانت داعمة إلى حد ما”.
لكن حبيبة علي، ترى، أن الطب النفسي في مصر سيئًا، بحاجة إلى التطوير، بالإضافة إلى المجتمع نفسه بحاجة إلى أن يتقبل فكرة التردد على طبيب نفسي.
أما عن “جروبات” مواقع التواصل الاجتماعي، ترى أنها مفيدة إلى أن يبدأ الشخص رحلة علاجه، فقد يتسبب وجوده في هذه “الجروبات” في انتكاسته.
جناية الأسرة والطبيب
أما “أ، م” 20 عام، تقول:” اكتشفت إصابتي باضطراب الشخصية الحدية، وأنا عندي 17 سنة، والدي كان عارف إني بروح لطبيب نفسي، لكن حصلت مشكلة عادية فضربني وقالي: إنت مجنونة وبتروحي لدكتور مجانين، ومش هتروحي تاني، فبقيت أروح من واره فترة كبيرة، لغاية ما أمي قالتله إني بروح، لأني المشوار كان كبير من البيت للدكتورة”.
ترى “أ، م”، أن أسرتها هي السبب الرئيسي في معاناتها النفسية “هم اللي وصلوني للي أنا فيه”، والدها كان يتحرش بها جنسيًا، يعنفها، بالإضافة إلى الشتائم الدائمة، في ظل سلبية والدتها الدائمة، لم تفعل أي شيء.
كما أوضحت أن والدها الحاصل على معهد مساحة، تلقى تربية سيئة للغاية في طفولته من عائلته، بالإضافة إلى رفضهم لوجوده في أوقات، وبث روح التكبر والغرور فيه من في أوقات أخرى.
وعن تأثير اضطراب الشخصية الحدية على حياتها تقول “أ، م”، أنه أثر على دراستها وشعورها بالفشل والعجز “كنت حاسة إني فاشلة، ومنفعش في حاجة وجبت 80 في المية في ثانوي”، بالإضافة إلى تعطلها عن الدراسة في فترة دراستها الجامعية، بالإضافة إلي أنها لم تكن تطيق العيش مع أسرتها، وكانت تحاول الهرب دومًا، كما أن علاقتها العاطفية كانت سيئة للغاية “كنت مطلعة عينه بتصرفاتي، ومكنش فاهمني”.
أما عن الطب النفسي في مصر، تقول “أ، م”، أنها ترددت على ثلاثة أطباء، جميعهم سيئون، لم يكن تشخصيهم صحيح تمامًا، إلى أن أرشدني أحدهم لطبيبة في إحدى المستشفيات هي التي بدأت معي العلاج الجدلي السلوكي.
في البداية بدأت “أ، م”، العلاج بـمبلغ 50 جنيه للجلسة الواحدة، ثم ارتفعت لـ70، ثم 100 جنيه، وتزيد مع مرور الوقت، لكنها تؤكد على إهمال الأطباء.
كما أن أحد الأطباء الذي ترددت عليه “أ، م”، لم يهتم بمعرفة أعراضها النفسية التي تعاني منها، تقول :”بقول للدكتور أنا حاسة إني بوردلاين، قالي لأ إنت مش كدهن وهو أصلًا مسألنيش عن أي حاجة في طفولتي”، وسمح طبيب نفسي آخر لوالدها بالدخول معها في أحد الجلسات، وهو ما فتح الباب لوالدها بأن يكذب على الطبيب النفسي الذي صدق على رواياته، في الوقت الذي كانت تتلقى فيه “أ، م” العلاج بسبب معاملة والدها السيئة.
الكاتب
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال