فريق جيتارا والحد الفاصل بين الهواية والاحتراف
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
رغم قصر مشوار فريق جيتارا الفني الذي لم يدم سوى سبع سنوات فقط، بداية من عام 2001 بمجموعتهم الأولى “كنت أظن” حتى اخر ظهور رسمي لهم في ألبوم” جيتارا 2008″ ، إلا أنه يمكن اعتبار تلك الفرقة هي أنجح تجارب الغناء الجماعي في منطقة الخليج.
ظهرت تلك الفرقة في الوقت الذي كان الغناء الجماعي الخليجي يتقلص دوره على الساحة، أختفت فرق عديدة مثل سلطانيز والدانة والمرجانة ، وصمدت فرقتان في هذا المجال الأولي هي الأخوة البحرينية والثانية “ميامي” وأن ظل تأثيرها محدود في نطاق الخليج الجغرافي، الوحيدة التي خرجت بموسيقاها خارج نطاق حدود الخليج كانت فرقة جيتارا فنالت جماهيرية لم تنالها فرقة خليجية من قبل.
مرحلة تأسيس الفرقة.
تأسست الفرقة على يد “فهد شموه” عازف الكيبورد في فرقة المرجانة سابقًا، وضم إليها صوتان نسائيان لأول مرة في تاريخ فرق الخليج هما “ريناد” و”رهف” بالإضافة إلى خالد شموه الشقيق الأصغر لفهد
استمدت الفرقة اسمها “جيتارا” من الشكل الموسيقي الغربي الذي قدمته إلي الجمهور؛ حيث عمدت إلي تقديم أغنية خليجية جديدة بدمجها مع عدة أشكال موسيقية غربية في شكل أكثر تطورًا عن الفرق الخليجية الأخرى، وحاولت قدر الإمكان الإبتعاد عن الطابع الخليجي القح بإيقاعاته المعروفة ومحدودية مستمعيه.
أمتلكت الفرقة العديد من المواهب بجانب الغناء والعزف، فتشاركوا جميعًا في كتابة وتلحين ألبومهم الأول”كنت أظن” الذي صدر في عام 2001، كان مشروع الألبوم الأول معبرًا عن توجه الفرقة فاحتلت الجيتارات المساحة الأكبر في التنفيذ الموسيقي، الألبوم جاء كمحاولة أولى للتعبير عن أنفسهم كفرقة لها سمتها الخاص، يعاب عليه أنه لم يخرج بشكل موسيقي يتماهي مع موضة البوب الغربي المنتشرة في الوطن العربي وقتها، فلم ينجح الألبوم جماهيريًا في المقابل يعتبره أعضاء الفرقة بشكل شخصي أفضل ألبوماتهم لأنه حمل النكهة الخالصة لهم بكل ما فيها من موهبة وعفوية.
ألبوم قصتي و مسك العصا من منتصفها.
تعلمت الفرقة من أخطاء الألبوم الأول الذي خرجت موسيقاه بتقنية تكنولوجية أقل، فقرروا تطوير أفكارهم الموسيقية بالتعاون مع الموزع “رياض القبندي” الذي تولى توزيع وتنفيذ الألبوم، ايضًا قاموا بتطوير الألحان فبجانب مساهمتهم قاموا بالتعاون مع الملحن”مشعل المانع” و الملحن “فهد جمعة” واستعانوا بكلمات للشعراء “فيصل بورسلي”و “أحمد ناجم”و”لبيب الأحمد” وهي أسماء لها باع طويل في الأغنية الخليجية.
تداركت جيتارا الأخطاء التي وقعت فيها بعض الفرق الخليجية من حيث الإعتماد على أنفسهم في تنفيذ موسيقى الألبوم، والميل إلي الارتجالية في العزف بعض الشئ فقرروا أن يركزوا على جودة الألحان وكيفية توزيعها بشكل عصري يتماس مع سوق البوب العربي في أوائل الألفينات.
في تلك الفترة كانت أغنية هشام عباس “ناري نارين” أحد أكثر الأغاني شهرة في الوطن العربي كله، وقرروا هم الأستفادة من نجاح هذا الأسلوب الموسيقي بصناعة أغنية تماثل نجاح “ناري نارين” فقدموا “يا غالي” والتي كتبت شهادة ميلاد الفرقة وصارت أشهر أغانيهم حتى الآن.
جيتارا 2004 ألبوم تأكيد النجاح.
تواصلت إنطلاقة الفرقة بألبومها الثالث”جيتارا 2004″ والذي استمد عنوانه من اسم الفرقة نفسها، وهو ما يوحي بأن هويتها الموسيقية باتت معروفة للجمهور، وأن الفرقة في الأساس هي نجم العمل ، الألبوم واحد من أحلي ألبوماتهم على المستوى الفني ووضح من الاختيارات تراكم خبرات الفرقة وتطورها موسيقيا مع ما يحدث على مستوى العالم كله وليس المنطقة العربية وحسب، بالإضافة إلي تقديم أغنية باللهجة المصرية لأول مرة وقاموا بتطوير ألحان تراثية وتقديمها بشكل عصري متنوع، فظهرت أشكال موسيقية كان للفرقة السبق في إدخالها الوطن العربي مثل الهاوس والترانس والبوب دانس.
جيتارا 2006
في ألبومهم الرابع ابتعدت مطربة الفرقة “رهف” لظروف عائلية بسبب زواجها، وقررت الفرقة إطلاق الألبوم معتمدًا على ريناد كصوت نسائي أوحد داخله.
لم يشهد الألبوم لأول مرة أسم جيتارا على أي من أغانيه، وتعاونوا لأول مرة مع عدة موزعين داخل الألبوم بجانب رياض القبندي بالإضافة إلي الإستعانة بالعديد من العديد من الشعراء والملحنين المشهورين في أغاني البوب الكويتي، لم ينجح الألبوم جماهيريا مثل سابقيه، لكن كرس مفهوم أن نجاح الفرقة كان يعتمد على طريقتهم الخاصة في صنع أغانيهم والاعتماد على الآخرين بدرجة أقل، لكن يمكن القول أن الفرقة قد أصبح لها جمهورها الخاص الذي يتفاعل مع أغانيهم في المطلق.
جيتارا 2008
عادت رهف مرة أخري للفرقة في ألبومهم الأخير “جيتارا 2008” والذي جاء في خلطة مدهشة من موسيقى الشرق والغرب، تعددت المواضيع التي تناولتها الفرقة ووضح أن الفرقة عادت بقوة لكي تصنع ألبوم مميز على المستوى التقني الذي خرج في أبهى صورة ممكنة، وفيه واحدة من أحلي أغنيات الفرقة في العموم “أسير أحزاني” والتي كانت المفترض أن تكون أول أغنياتهم في المطلق لكن تأجل صدورها حتى الالبوم الأخير.
روتانا وقصة أزمات لن تنتهي.
منذ أول ألبوم للفرقة وكانت شركة روتانا هي المنتجة لألبومات الفرقة، بعد الألبوم الخامس ابتعدت روتانا عن التواصل مع الفرقة التي اشتكت مرارًا من تجاهل الإدارة في الرد على طلباتهم، حتى أن أخر ألبوماتهم لم يتم تصوير أي أغنية فيه، بالإضافة إلي أن الفرقة كانت تطبع بوستراتها وتوزعها بنفسها على موزعين الأسطوانات، وهو الجانب السلبي في إدارة روتانا التي لا تتعامل بشكل إحترافي مع نجوم الشركة فتولي إهتمام خاص بالبعض وتهمل البعض الأخر.
أزمة الإستمرارية والفارق بين الهواية والاحتراف.
يعاني الغناء الجماعي دائما من أزمة استمراريته، أما بانفصال بعض أعضائه أو التوقف الكامل، لكن أزمة عدم إستمرار جيتارا كان نابع من شخصية أعضاؤه التي كانت تمارس الفن ولكن على طريقة الهواية، ووضح ذلك من خلال مشوارهم أنهم كانوا يعتمدون على موهبتهم الموسيقية فقط ولكن لم يستطيعوا إدارة تلك الموهبة بشكل إحترافي، فبعد مشاكلهم مع إدارة روتانا لم يحاولوا البحث عن شركة اخرى تتولى عملية إنتاج وتسويق ألبوماتهم وفقدوا الشغف تمامًا بالموسيقى، فدخلوا في مرحلة كسل وتفرغ كل فرد فيها لحياته الشخصية بالإضافة إلي بعضهم كان يعمل بمهنة أخرى بجانب الفن، فيعمل فهد في أحدى شركات البترول، ويمتلك اخوه خالد شركة للعقارات، وتفرغت ريناد لحياتها الشخصية بعد الزواج فتفرقت الفرقة وظلت رهف هي الوحيدة من الفرقة التي تحترف الفن حتى الأن، لكن وبرغم التوقف من عشر سنوات تقريبًا تظل الفرقة واحدة من أهم الفرق الغنائية في الوطن العربي كله.
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال