فن المقاومة .. حرب الريشة ضد الميركافا !
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
كان الفنان الشهيد علي نسمان، وهو الذي استشهد عقب أحداث السابع من أكتوبر 2023، حين قفز المقاوم الفلسطيني من فوق سور الحصار ليعيد القضية لمربعها الأول في النفوس، وليرى العالم بأعين مختلفة حقيقة ما حدث وتم التعتيم عليه لعقود .. كان المقاوم علي نسمان يدرك جيدًا ضرورة توثيق المقاومة بالفن ذات الضرورة بممارستها من الأساس .. وفي مسلسل شارة نسر جلبوع، جسّد الفنان مع باقي فريق العمل ملحمة هروب الشُبّان الفلسطينيين الستة من سجن جلبع التابع للكيان الصهيوني، ذلك السجن شديد التحصين .. وهنا ندرك أن راوي الحكاية لا يقل عن فاعلها .. ذلك لأن الرواية هي صوت الحكاية الباقي والممتد والمُخلّد، بالضبط كوقع مسلسل “التغريبة الفلسطينية” الذي يعتد به الآن كمرجع لبداية قصة الاحتلال الخبيث والكارثة التي حَلّت على مجتمعنا العربي منذ ما يقرب من قرن من الزمان ولم نستطع التخلص منها حتى الآن.
ومنذ أن حدث ما حدث في السابع من أكتوبر، وارتفعت رايات الأمل فوق ركام اليأس، استغل كثير من الشباب العربي تفوقه في مجالات السوشيال ميديا كمنصة تصل بين القرى النائية في إفريقيا والميادين الكبرى في الولايات المتحدة وأوروبا، وفي القلب منه فن الشباب المصري الذي عَبّر عن طريق الرسم، والجرافيك، وغيرها من الطرق عن تضامنه مع القضية الفلسطينية وانحيازه لصمود أشجار الزيتون أمام آلة القتل الصهيونية التي تحصد أرواح الأطفال، والنساء، والشيوخ، والأبرياء من المدافعين عن أنفسهم أو حتى غير المدافعين والذين حملوا الراية البيضاء ظنًا منهم أنهم أمام محتل حتى لديه مقدار 1% من الإنسانية. لكنهم في النهاية لقوا نفس المصير الغادر.
وفي واحدة من أكثر المشاريع إبداعًا، والتي نظن أنها ستصبح مشروعًا فنيًا يمكننا العودة إليه بعد فترة من الزمن، هو مشروع الفنانة سالي سمير، وتكمن إبداعية هذا المشروع الفني في توثيق تلك المواقف الأكثر إنسانية، والتي خلعت قلب العالم ودغدغت مشاعره أثناء الحرب اليومية على غزة، تلك العبارات التي لم ولم تخرج من القاموس العربي، كما انتشرت تلك الرسومات كالنار في الهشيم للتعبير عن حالة التضامن العربي العام مع غزة .. وخصوصية المشروع التي ميّزته ضمن مشاريع كثيرة عالجت العدوان على غزة، تلك الخصوصية والتفرّد كانت عندما اختارت الفنانة سالي سمير أن ترسم مُعبّرة عن تلك الكلمات البسيطة التي تخرج تلقائيًا من أفواه الثكالى واليتامى، والأرامل، والمكلومين، عقب قصف ذويهم بالبارود الصهويني الذي يمثل عداءً رئيسًا للإنسانية جمعاء.
واعتبرت رسمة “روح الروح”، هي الرسمة الأكثر شهرة في هذا المشروع، وذلك عندما مسك الجَد خالد نبهان بحفيدته ريم التي كان يعشقها، وحاول أو يلعب معها في لقطة تتمزق عندها كل المشاعر الإنسانية، وتترقرق بسببها الدموع في أعين الوحوش، وتجعل الحجر يبكي، والسماء ترتدي الأسود حدادًا على أيام تعتبر فيها أرواح الأطفال في فلسطين أرخص سلعة يتاجر بها العالم، ولحظات تتجلّى فيها وحشية القوى العالمية، والكيل بمكيالين .. لكننا هنا نمتلك ريشة كريشة سالي سمير ستوثق ما سيبقى وستنتصر عاجلًا أو آجلًا على الميركافا!
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال