فن قصف الجبهة .. الضحك عند القدماء المصريين
-
أحمد فكري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
بدراسة آلاف النقوش التي تصور مناظر الحياة اليومية للقدماء المصريين، بدا انهم شعبًا عملياً تستغرقه الحياة اليومية بكل ما فيها من واجبات، وبكل ما فيها أيضًا من ألوان المتع، كما كان شعبًا يحب الانصات إلى الموسيقى ويتمتع بمشاهدة الرقص، ويتلذذ بتناول كل أنواع الطعام والشراب
فلم يكن غريبًا ان يبتدع الشعب لنفسه إلهًا يرمز إلى المرح والسرور والضحك، كما يرمز إلى كل المتع من رقص وموسقى وغناء، وهو «الإله بس» الذي كان يصور على هيئة قزم له سيقان مقوسة ووجه مربع وتحيط برأسه لبدة أس أو في بعض الأحيان يوضع فوق رأسه تاج من الريش
ولم يكن من الغريب أيضًا ان تحتفظ معظم البيوت المصرية القديمة، سواء بيوت النبلاء وكبار القوم أو بيوت أفراج الشعب العاديين، بتمثال صغير للإله «بس» يضعونه في أهم ركن في البيت بحيث يمكن رؤيته بوضوح في حالتي الدخول إلى البيت والخروج منه بالإضافة إلى حالة البقاء داخل البيت، وذلك على سبيل التفاؤل والاستبشار بمنظره
وهناك الكثير من الدلالات التي تعبر عن حب المصريين القدماء للفكاهة والعبارات المرحة والاجابات المسكتة الفمحمة “قصف الجبهة” بالإضافة إلى التهكم والسخرية في تعليقاتهم وحواراتهم القصيرة التي كانوا يدونونها فوق المناظر والصور المنقوشة على جداران المقابر أو مكتوبة كتعليق على بعض الصور والتماثيل
وتم العثور على عشرات من الرسوم التهكمية الساخرة التي تعبر في مضمونها الأدبي عن عالم مقلوب رأسًا على عقب، فرُسمت الملوك وهم يقومون بخدمة الملكات، كما رُسمت القطط تخدم الفئران، والثعلب يحرس قطيعًا من الأوز.وعربة حربية يقودها فأر، وحيوان معروف بالجبن، وسفينة يقودها حمار، فكل هذه الرسوم تعبر عن تخكم وسخرية عن نظام سياسي لا يعجبه لأنه تحت قيادة الجبناء والأغبياء
كما عُثر على وثيقة يطلق عليها المؤرخون «بردية أنستاسي الأولى» وكان أول من ترجمها عالم الآثار المصرية مسيو شاباس عام 1866، ثم درسها وحللها العالم إيرمان عام 1885ثم البروفسير جاردنر، وهي عبارة عن مساجلة أدبية بين «حوري» و«امنوبي»، مليئة بالأجوبة المفحمة”قصف الجبهة” المتبادلة بين الاثنين
الكاتب
-
أحمد فكري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال