رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
517   مشاهدة  

فواتير الأنوثة

الأنوثة


صباح الخير يا أبي

بالأمس حلمتُ بك، كنت بخير لكنني كنت أُعاتبك، نعم يا أبي كنت ألومك أيضًا لماذا ربيتني كوني إنسانًا دون النظر إلي نوعي، طيلة سنوات عمري لم أكن ألتفت إلي النوع إلا في خانة النوع فى البطاقة الشخصية، وفي عربة السيدات فى المترو، كنت أري نفسي إنسانًا وأمضي في حياتي مدفوعة بحقوقي وواجباتي كإنسان.

الآن أقول لك إن هذا خطأ رغم صحته.

فى مجتمعاتنا نحن مشروع جواري، لولا أن المجتمع الدولي ألغي تجارة العبيد كنا سنصير جواري شكلًا ومضمونًا، نبدو نساء حرة، لكن كل يوم نُباع ونُشتري.

كل يوم يتم الثأر منا والثأر يا أبي لا يأتي من الرجل فقط لكنه حق أصيل لنساء أخريات عمدن لقمع كل امرأة.

فى الزواج مثلًا هناك تفاصيل مادية كثيرة جدًا، أشياء أليق بصفقة بيع وشراء، المشكلة يا أبي أن النسوة اللاتي رفضن تكرار تلك الصفقات، حين آلت علاقاتهن الزوجية إلي الطلاق لم يحصلن علي أي حق، بل ونُكِل بهن، فباتت كل امرأة تتخلي عن القايمة والشبكة والهدايا تصنع تاريخ محزن لنفسها في حال وصلت إلي الطلاق، وما أكثر الطلاق الآن.

كثيرات هن من تعلمن تجاهل الأنوثة ألا تكون إحدي مقوماتهن  فى العالم والواقع وماذا وجهنا؟

هن تعانين دومًا انتقاص حقوقهن فى كل شيء، فلماذا يا أبي إن تمايلت المرأة وضحكت استحقت ربما أكثر من حقوقها؟ ولماذا علينا أن نقف فى سوق الجواري نكشف عن محاسننا وامتيازات الأنوثة في كل منا حتي يتم إدراجنا في مكانة ربما تكون أقل من إمكانياتنا الإنسانية؟

يا أبي

لا أعرف ماذا لو كنت بيننا إلي هذا اليوم، كيف كنت سترى تلك الصور التي انتشرت علي مواقع التواصل لرجل تزوج من اثنتين، ويبدو الثلاثة في سعادة في الصور، أتفهم أن نبتسم في الصور حتي لو ابتسامة مزيفة، لكن صورة الرجل أثارت أراء مختلفة، بين رافض ومبارك، وآخر يري أنه أمر شخصي!

الحقيقة يا أبي لم أقل رأيًا لكنني وكعادتي نبتت فى رأسي غابة من التساؤلات، بماذا فكرت الزوجة الأولي وهي تقف إلي جوار الثانية؟ كيف استطاع هذا الرجل اقناع المرأتين بذلك؟ ماذا قدم لهما، وبماذا هدد أو توعد؟

يا أبي

إن السيدة سارة زوجة إبراهيم عليه السلام غارت من زوجته هاجر  بعد أن وضعت اسماعيل، وبرغم أنها هي من اهدت أبو الأنبياء جاريتها هاجر، لكن الغيرة تُعمي.

فإن كانت أم اسحاق ويعقوب وباقي الأنبياء غارت أليس ذلك صفة أصيلة فينا نحن النساء؟

يتحدث نسوة عن التعدد ورجال أيضًا، وكأن الأمر يسير، ألم أقل لك أننا في بلاد ترانا إماء؟

الأنوثة .. هرموناتي ليست مادة للسخرية

لست من أهل علم الفقه والفتوي، ولم أدرس الشريعة، لكنني أقرأ القرآن وأفهم أن الله جعل التعدد مشروط، أستطيع أن أفهم أن يدافع رجل عن التعدد، فهناك امتيازات عدة، ليس مُطالب سوي باثارة التنافس بينهن، وعلي كل امرأة ان تسعي لكسبه، لكن لماذا تدافع النساء عن ذلك؟

إن أسوأ ما نواجه يا أبي هو كيد المرأة للمرأة، فلم يكن غريب أن يقول أحدهم “إذا أردت أن تعرف عيوب امرأة فأذكر محاسنها أمام صديقاتها” لأنه كان يُدرك أن الغيرة ستحركهن نحو تشريحها وإخراج كل عيب حتي وإن كان ليس عيبًا.

يا أبي

أعرف أن النساء تعاني فى العالم كله، العالم تجاوز الكثير، وكانت القوانين تقف إلي حد ما مع المرأة، حتي وإن كانت مازالت توجد تجاوزت فهو الاستثناء، أما عندنا فالاستثناء هو أن نحصل علي حقوقنا دون أن تكون معالم الأنوثة طرفًا فى الموقف، نحن نسدد فواتير كثيرة، إن كانت المرأة جميلة وجدت من يشي ومن يطمع، وإن لم تكن جميلة الشكل حسب معايير المجتمع الذي تعيش فيه نُبذت، وإن تعاملت كإنسان وصفوها بالذكورة، واعتبروا ذلك نقيصة.

إن كانت المرأة مبدعة كاتبة مثلًا، قالوا إن ما تكتبه تجاربها الشخصية، وإن كانت مبدعة في مجال آخر ألحقوا بها أيضا نقائص أخرى.

إقرأ أيضا
بليغ حمدي

لماذا يا أبي راعيت فيّ الوعي والعقل؟ ولماذا أُحارب طواحين الهواء كل يوم؟ هل أُناقش النساء أننا لسنا جواري؟ أم أحارب الذكور الذين يباغتون المرأة بانتقاصات كثيرة.

أُحارب من وأنحاز إلي من؟ إذا كان دفاع أي أنثي عن موقف يخص رجل أو يخص امرأة أخري يواجه بانتقادات، وأقاويل والصاق صفات تبدو كعيوب، مثل تأخر سن الزواج، إو إهمال الملبس أو غيره، حتي الطلاق بات عيبًا ندفع ثمنه كل وقت، فالمطلقة فرصة منخفضة التكاليف، وسارقة للذكور، ومتاحة دون متاعب، و… في بلد به أكثر من 4 ميلون حالة طلاق، ننظر للمطلقة بهذا الشكل، وتسمع المرأة تعاتب ابنها أنه يفكر فى الارتباط بمطلقة، وكأنها درجة ثانية، عبث أليس كذلك، أمر أشبه بمن ينظرون لكاتب القصة القصيرة أنه سيكبر يومًا ويكتب رواية، أو كاتب قصص الأطفال أنه سيتطور ويتحسن ويكتب أدب الكبار.. إنه العبث فى الرؤية والتقييم.

حين يحاول البعض وصف أحوالنا بأننا في ردة، أتساءل نرتد إلي ماذا؟

يا أبي

إن جدتي لأمي نالت حظًا من التعليم وهي من مواليد بداية القرن، نحن لا نرتد نحن نشوه أنفسنا والآخرين.

الآن كأنثي عليّ أن أهتم بمظهري كامرأة، اكترث بملابسي وعلاماتها التجارية، بابداء بعض من الرقة والدلال، واظهار خضوعًا وضعفًا محبب للرجل، فالكل يخاف المرأة القوية التي تفكر، فى العمل – الزواج – حتي صداقة النساء، وكأنه كي أكون امرأة لابد أن أكون بلهاء، وهو ما قد يعّرفه البعض بكهن النساء، لا أريد أن أتصف بالكُهن، ولا أرغب أن أبدو ضعيفة، ولا حتي أن يعاملوني في عملي أني امرأة ضعيفة، ولا أرغب في شفقة، فقط أن يعاملونني كإنسان، لكننا يا أبي  نفتقد إلي المعايير؟ لا يوجد وحدة قياس، وحين تتداخل المواقف والمبادئ نقف عند خانة الجواري.

الانتظار .. الجزء الأصعب من الحكاية

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان