همتك نعدل الكفة
333   مشاهدة  

في حب اللغة العربية وحب ميس نجاة

اللغة العربية


من منا كان يحب اللغة العربية في الصفوف المدرسية ؟ من كان يهوى قواعد النحو والبلاغة وأبيات القصائد وسطور النثر المقررة في السنوات الدراسية ؟ وماذا عن صفحات القصة التي كانت مفروض علينا قرائتها، والتي كادت تقتلنا مللًا لمجرد ذكرها ؟

بداية أود الإعتذار لقراء موقع الميزان عن جميع الأخطاء الإملائية والنحوية في مقالي هذا وفي كل مقالاتي السابقة كذلك، أعتذر أيضًا للزميل العزيز وسيم عفيفي، والذي دائمًا ما يصحح جرائمي في حق لغة الضاد، وأتخيله دومًا وهو “يشد في شعره” عندما يقرأ مقالاتي ويراجعها ويصححها، ولكنني أعمل على تدارك وتصحيح ذلك، وإصلاح ما قد هدمته السنين للقواعد النحوية والبلاغية، وأحاول أن أنفض ما قد ردمته الأيام من غبار فوق عقلي، أراك تسألني كيف السبيل لذلك ؟ في مقالي هذا سوف أحكي لك حكايتي مع ميس نجاة.

أقف بجوار فصل 2/1، فأنا – لمن لا يعلم – أعمل بإحدى المدارس الثانوية بجانب عملي بموقع الميزان، وها هو صوتها يصلني قويًا رزينًا، خاشعًا هامسًا أحيانًا، ثم مجلجلًا واثقًا مرة أخرى، وها أنا أسترق السمع، وأتلصص على الدرس.

كانت الجميلة ميس نجاة، والتي وقفت لتشرح درسًا في البلاغة عن الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلم، وبعد أن دق الجرس معلنًا موعد انتهاء الحصة ذهبت إليها لأثني على طريقة شرحها للدرس، وأنا أتمنى حقًا أن أعود طالبة لكي أدرس في صفها وأتعلم بين يديها، وهذا بالفعل ما قد تحقق، إذ دعتني لحضور حصص النحو والبلاغة في صفوفها، وكانت سعادتي غامرة وكأنني قد نلت قطعة من السماء.

بعد إلقاء التحية على الطالبات، تقول ميس نجاة لهن بصوت قوي آسر: ضهرك لورا، خدي نفس عميق، وعينك وقلبك وعقلك معايا، ثم تبدأ في الشرح.

تلمع عيناها كنجمتين وهي تبسّط الإعراب والقواعد النحوية الجافة والمزعجة كلعبة أو معادلة، تقف كشجرة مهيبة تمتد جذورها بباطن الأرض لتورق بعقل الطالبات وأرواحهن أغصانًا خضراء في حب قواعد اللغة العربية، تتوهج كشمس دافئة في صباح شتوي حين تجيب طالبة بإجابة صحيحة على سؤال، يسري صوتها كعباب البحر عندما تشجع الطالبات بالتصفيق لبعضهن البعض، تجذبني تلك الأحرف فوق سبورتها كسيمفونية بديعة فلا أملك سوى الإنصات إليها، تصفو ملامحها خلف نقابها كسماء صيفية حين أشكرها في كل مرة وأنا أعلم جيدًا أن جميع كلمات الشكر والمدح لن تكفيها أو توفيها حقها.

وها أنا أبدأ أولى خطواتي في طريق النجاة من أخطائي في حق اللغة العربية، النجاة من ذلك التشويه الذي يتوغل بين مسام سطوري، ها أنا أحقق أمنيتي، وأجلس بين صفوفها لأتعلم وأخطئ وأصيب، ولأول مرة أتمنى أن تدوم دقائق الدرس لساعات لأنهل من علمها الغزير، وها هي ميس نجاة تنفض ذرات الغبار من بين جنبات عقلي، وتحاول أن تساعدني بكامل طاقتها، فتحاول بشتى الطرق أن توفق حصصها في النحو والبلاغة مع حصصي، وتخبرني بجود معلوماتي وهي تبتسم: “لو احتاجتي أي حاجة في النحو أو البلاغة قولي ومتتكسفيش”  ها أنا أنجو من بين هالات الظلام، أنجو من غرق الجهل بقواعد النحو على شطآن ميس نجاة.

مرة أخرى أعتذر للقراء عما بدر في جميع مقالاتي من أخطاء إملائية ونحوية، أعتذر كذلك للعزيز وسيم عفيفي، وأعتذر لكِ أيضًا يا ميس نجاة حين تقرأين مقالي هذا، لكنك أنتِ لي النجاة.

لكل امرئ من اسمه نصيب حقًا..

إقرأ أيضا
بيان

إقرأ أيضاً

قصة أول رئيس لمجمع اللغة العربية في مصر .. أخذ من كل بستان حكومي زهرة

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
10
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان