في دراما رمضان .. من حقنا أن نفخر بهؤلاء الموسيقيين
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
اعتاد المشاهد على تمييز الموسيقي التصويرية في دراما رمضان ، فكل مؤلف يملك بصمة مميزة من عود عمار الشريعي وبيانو عمر خيرت وصوت كمان ياسر عبد الرحمن.
هؤلاء المؤلفين تحديدًا كانت لهم تقنياتهم التي ميزتهم عن غيرهم، كانت موسيقاهم تتميز بالمقامية حيث استخدام السلالم الموسيقية في بناء عدة ألحان و ثيمات تتكرر داخل العمل الفني بعدة توزيعات مختلفة تناسب الحالة الدرامية، دانت لهم السيطرة على الأعمال الفنية لفترة ليست بالقصيرة حتى ظهر جيل جديد من المؤلفين الموسيقيين كان يعتمدوا على الأسلوب الحر اللا مقامي في التأليف الموسيقي منهم هشام نزية أمين بوحافة ومصطفي الحلواني.
في دراما رمضان هذا العام يبدو أننا في سبيلنا للعودة مرة أخرى للموسيقي المقامية بعد ظهور وجوه بعضها قديم مثل هاني مهنى في ليالينا 80 وبعضها من الجيل الثاني من المؤلفين مثل تامر كروان وخالد حماد.
الصدارة في الموسيقي التصويرية في هذا الموسم الرمضاني تذهب إلي ثلاث مسلسلات .
هاني مهنى “ليالينا 80”
في الحلقة الأولى من المسلسل لم أشاهد التتر، لكن ومع أول ظهور للموسيقي التصويرية انتابني فضول كبير لمعرفة مؤلفها، لم اندهش كثيرًا عندما وجدت اسم هاني مهنى فأسلوب التأليف الموسيقي يحيلك إلي موسيقار من الجيل القديم نسبيًا.
تدور أحداث المسلسل في ثمانينات القرن الماضي تلك الفترة التي يأكل ويشرب عليها الميديا منذ سنوات، تتر البداية كان إعادة توزيع رائعة بليغ حمدي مع وردة “ليالينا” للموزع يحيي الموجي وهو أختيار قد يكون منطقيًا كونه ابن لتلك الفترة، التوزيع كان تقليديًا جدًا لا يلفت الأنظار.
في أول مشاهد المسلسل استعان مهني بتيمة لحن “ليالينا” وصاغ منها جملة وتريات بنفس روحها الأصلي، وصنع داخل المسلسل عدة محاورات موسيقية رائعة بين اّلة الكولة واّلة الأكورديون مع حضور لافت لاّلة الهارب في الخلفية.
يحسب لهاني مهنى أنه لم يتعمد حلب تيمات مستهلكة ألفها في السابق كما يفعل البعض، وأكاد أجزم أنه ألفها وهو يستعيد الفترة في ذهنه وصبغها بأسلوبه الخاص وهو متحرر زمنيً دون التقيد بفترة زمنية معينة، وجنب صناع المسلسل الإعتماد على مؤلف موسيقي قد يضطر إلي مذاكرة فترة لم يعشها أو صنع موسيقى قد تختلط فيها الأزمنة أو على الأقل يؤلف في قالب كلاسيكي يتوائم مع أي زمن.
تتر النهاية وإبراز مساحة لآلات قاربت على الاختفاء من موسيقانا مثل العود والأكورديون والكولة، في ظل الاعتماد على الشكل الغربي في التوزيع الموسيقي.
خالد حماد “فالنتينو”
يبرز خالد حماد كأسم مهم جدًا في مضمار التأليف الموسيقي، فهو أحد من طوروا شكل الموسيقي المصرية المعاصرة ويعرف كيف يلتقط جمل موسيقية رشيقة جدًا تحمل بصمته المميزة دون الوقوع في فخ استنساخ جمل سابقة له.
فالس شيك وراقي جدًا دون فذلكة أو زحمة الاّلات غير مبرر، مكتوب بشكل أوركسترالي مبهر نفذته اوركسترا مقدونيا السيمفوني، محاورات رائعة بين الاّلات النفخ مدعومة بجمل وتريات تنساب بسهولة وعمق في الخلفية، لم ينسى حماد الآلات الشرقية فصنع عدة محاورات عظيمة بين البيانو والعود يصاحبها الة الرق الإيقاعية.
في فالنتينو ضمن دراما رمضان أثبت أن خطأ فكرتنا عن الموسيقى الكلاسيكية التي لا تعزف إلا في دور الأوبرا بل قادرة على الظهور في عمل من بطولة نجم بحجم عادل أمام وقادر على مجاراة الأحداث الكوميدية بنفس الأسلوب الموسيقي، موسيقي فالنتينو لا تقل روعة عن موسيقى الأفلام الكوميدية الكلاسيكية العالمية واثبتت أن لدينا مؤلفين موسيقيين قادرين على الوصول بموسيقانا إلي أبعد مكان دون نسخ أو تقليد.
تامر كروان “100 وش”
يعتبر كروان مفاجأة هذا العام في دراما رمضان ، المتابع الجيد لموسيقاه سيعرف انه غير جلده بالكامل وظهر بشكل جديد تمامًا موسيقى المسلسل لا تقل إبهارًا عن المسلسل نفسه.
اعتمد كروان على عدد بسيط جدًا من الاّلات الموسيقية دون زخرفة او مبالغة ومع ذلك تضج الموسيقى بالحيوية فنجد حضور قوي للجيتارات باختلاف أصواتها والباص جيتار والساكسفون والدرامز المدمج معها طبلة شرقية، مع عدة تيمات موسيقية من الجاز والروك.
تقطيعات المونتاج السريعة دعمتها موسيقي حيوية جدًا مستخدمًا الآلات لها جرس موسيقي قوي مثل النحاسيات و ديسترشن الجيتارات.
اقرأ ايضا
أحمد أبو الدهب القاتل الفيلسوف الذي خرج من البوليس بسبب رفضه حكم الإعدام
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال