في سلطنة عمان .. لا أحد يركب الترند
-
رؤوف رشدي
كاتب صحفي وطبيب مصري
في سلطنة عمان، يبدو أن الواقع مختلف تمامًا فبينما تجتاح المشاكل والصراعات العالمية عناوين الأخبار في كل مكان، يبدو أن عمان تعيش في عالم موازٍ ومنعزل عن كل ذلك.
صورة الشيخ الشاب وهو يصطف مع طيوره في وسط الصحراء العمانية، بدلاً من حضور قمم دولية، يُعد مثالاً واضحًا على هذا الانعزال عن الشؤون الدولية، بدلاً من حل المشاكل العالمية، يبدو أن عمان تُفضل حل المشاكل المحلية بأساليبها الخاصة الهادئة والبعيدة عن الضوضاء.
فيما يبدو أن العالم يتعامل مع النزاعات الدولية بأساليب معقدة وتصاعدية، يبدو أن عمان تلتزم بالنظرة البسيطة والهادئة للأمور، وبدلاً من التغريد على تويتر أو النشر على فيسبوك، يمكن أن تكون الحلول في عمان تتضمن شرب كأس من القهوة مع الجيران والتحدث عن أحوال الطقس أو الزراعة.
تخيل أن سلطنة عمان تعتبر “المحتشمة الدبلوماسية” في عالم الدول! تمتلك سلطنة عمان خزانة ملابس دبلوماسية محتشمة جدًا، لدرجة أنها قد تُعتبر مثلاً للتقشف والاقتصاد في الاستخدام! تجنب السلطنة تبديل ملابسها الدبلوماسية بشكل متكرر حتى في وجه التحديات الداخلية.
وعندما يتعلق الأمر بالصراعات المحيطة، فإن عمان تتصرف كأنها تعيش في “جزيرة بعيدة”. بينما تشهد المناطق المحيطة بها صراعات سياسية واقتصادية واجتماعية، فإن عمان تحتفظ براحتها وسكينتها الشهيرة، يمكن أن تصبح الصراعات في المنطقة حديث الساعة على الساحة الدولية، ولكن عمان تستمر في الاحتفاظ بحياتها الهادئة والمنعزلة عن ضوضاء الصراعات.
ربما تكون سلطنة عمان تتبع سياسة “نحن هنا، لكننا لسنا هناك!” حيث تكون حاضرة في الشأن الداخلي وتسعى لتحسين أوضاعها الداخلية، وفي الوقت ذاته تبقى متحفظة ومنفصلة عن الصراعات الإقليمية المحيطة بها.
انكفاء سلطنة عمان على الشأن الداخلي وانعزالها عن الصراعات المحيطة يعتبر موضوعًا هامًا يستدعي النقاش، فعلى الرغم من وجود تحديات داخلية وخارجية تؤثر على السلطنة، إلا أن عمان تمتلك سجل طويل من الاستقرار السياسي والأمني.
فيما يتعلق بانكفاء سلطنة عمان على الشأن الداخلي، يمكن القول إن الدولة قد تحققت في العقود الأخيرة تقدمًا ملحوظًا في العديد من المجالات، مثل التنمية الاقتصادية والبنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية، وقد قامت الحكومة بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، وأعطت الأولوية لتحسين مستوى المعيشة للمواطنين. وعلى الرغم من وجود بعض التحديات الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن انكفاء سلطنة عمان على الشأن الداخلي يمكن اعتبارها نجاحًا نسبيًا.
على الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءًا أساسيًا من حياة العديد من الناس في جميع أنحاء العالم، إلا أن سكان عمان قد يتبنون موقفاً مختلفاً تجاهها، فقد تجد أن السكان في هذه البلدان ليسوا بالضرورة مهتمين بمتابعة حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم بشكل مكثف.
قد تكون الأسباب متنوعة، ربما يعزو البعض ذلك إلى القيم والتقاليد الثقافية التي تعزز التحفظ والحفاظ على الخصوصية، وربما يرتبط ذلك أيضًا بأن سكان عمان يعيشون حياة هادئة ومنعزلة، ويميلون إلى الاحتفاظ بخصوصيتهم وحياتهم الشخصية بعيداً عن الأضواء العامة.
ويبقى السؤال هل هم شعب من الحكماء الذين لم تستفزهم إثارة السوشيال ميديا ومعايير الريتش و تقلبات الترند أم أن التيار سيدهمهم أجلاً
الكاتب
-
رؤوف رشدي
كاتب صحفي وطبيب مصري