في ظل الأزمة العالمية.. أبرز الانهيارات الاقتصادية التي وقعت عبر التاريخ
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في الفترة الحالية، نرى أن العالم بأكمله يُعاني من الأزمة العالمية بأشكال متفاوتة، وذلك تأثرًا بالأحداث المأساوية في الأعوام الأخيرة، مثل وباء الكورونا، والحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا وتبعاتها المؤسفة، وغيرها من الأحداث التي تسببت في انهيارات مالية للكثير من الدول، وقد سجل التاريخ في صفحاته العديد من الانهيارات المالية العظمى التي حدثت في الماضي، والتي كان سببها أخطاء البشر الكارثية التي تعود علينا بالخراب.
دقلديانوس دمر اقتصاد روما.. فدمره الرومان
خلال القرن الرابع الميلادي عندما تولى دقلديانوس الحكم، كانت الإمبراطورية الرومانية في حالة فوضى وتفكك، وكان الاقتصاد منهار تمامًا بسبب سلسلة من الحروب والغزوات التي كلفت الدولة كثيرًا، بالإضافة إلى المشاريع الخاسرة التي قام بها الإمبراطور السابق، والتي تركت روما على وشك الانهيار تمامًا، حيث اصبحت العملة بلا أي قيمة، فقام دقلديانوس بسك عملات معدنية جديدة، وهو نظام متعارف عليه، حدث مرات عديدة في التاريخ، حيث تلجأ الدول لذلك بهدف زيادة قيمة عملتها بشكل مصطنع، ولكن ما حدث مع أموال دقلديانوس الجديدة هي أنها فعلت العكس، حيث كان هناك ذهب في العملات أكثر من القيمة الفعلية المختومة عليها، مما يعني ارتفاع قيمة المعدن نفسه على رقم العملة، مما خفض من قيمتها، وردًا على ذلك الجنون، قام معظم المواطنين بإذابة العملات للاستفادة من قيمة المعدن الأعلى، وكانت النتيجة حدوث تضخم سريع داخل الإمبراطورية، وزاد دقلديانوس من مشاكله عندما وضع سقف للسعر على معظم السلع لمواجهة التضخم، تسببت ذلك الجنون في الكثير من الارتباك لدرجة أن العديد من الأراضي الرومانية رفضت ببساطة اتباع مراسيم الإمبراطور، ومع تفاقم الأمور وانهيار الاقتصاد بشكل كامل، أصبح دقلديانوس أول إمبراطور روماني يترك العرش طواعية، بعد أن أدت سياساته الاقتصادية المعيبة إلى إضعاف تماسك الإمبراطورية.
زهرة التوليب دمرت الاقتصاد الهولندي
واحدة من أغرب الازمات الاقتصادية التي حدثت في التاريخ، بدأت عام 1636م، حيث قدمت زهرة التوليب لأول مرة للبلاد الهولندية، عن طريق أحد التجار، وعلى الفور نالت استحسان الناس هناك، وتهافتوا على شرائها بجنون استهلاكي حقيقي، ومع زيادة الطلب عليها على مدار العام، ولأنها تنمو في أوقات معينة فقط، لجأ التجار سوقًا لشراء زهور التوليب مستقبلًا، بمعنى أنه في الوقت الذي لا تتوافر فيه زهور التوليب، يمكن للمستهلكين شراء بذور التوليب، واستلامها عندما تنضج وتصبح متاحة، وسرعان ما بدأ المضاربون يلعبون في سوق المستقبل ذاك، وارتفعت أسعار البذور إلى مستويات جنونية، حيث وصل الأمر لدرجة أنه بيعت بعض المصابيح التي تحوي البذور بما يعادل متوسط راتب العامل لمدة عشر سنوات، ومع ذلك الارتفاع الجنوني، لم يعد معظم الناس قادرين على شراء تلك المصابيح، وانفجرت الفقاعة في عام 1637م، بعدما انخفضت قيمة بذور التوليب ووصلت لمستويات متدنية تمامًا، وتفاجأ المستثمرون بالأمر وكانت صادمة هائلة، حيث أفلس المئات، وحدث انهيار مالي في البلد بأكملها، فجر أزمة اقتصادية هائلة، كل ذلك بسبب زهرة!
ذهب أمريكا الجنوبية تسبب في انهيار اقتصاد بريطانيا
في أوائل القرن الثامن عشر عام 1719م، كان الاقتصاد البريطاني يعاني من عدة مشاكل، خاصة زيادة الإنفاق الحكومي على مشاريع بلا فائدة، ونتيجة لذلك قرر المستثمرون البريطانيون التوجه للاستثمارات الخارجية، وكان منتشر آنذاك الاستثمار في الذهب الأمريكي نظرًا لوفرته الكثيفة، وبالفعل تم تشكيل شركة البحار الجنوبية ومنحتها الملكية البريطانية حقوقًا تجارية حصرية لأمريكا الجنوبية، وذلك على الرغم من أن دولة أسبانيا هي التي تسيطر على أمريكا الجنوبية، مما يجعل المرسوم البريطاني عديم الفائدة تمامًا، ولكن تجاهل المستثمرون تلك الحقيقة وتوافدوا على الشركة لوضع أموالهم، وتم جمع مبلغ مالي ضخم من معظم المستثمرين البريطانيين، وقفز السهم في البورصة البريطانية، وكانوا واثقين من مجاح المشروع لدرجة أن الحكومة نفسها دخلت بحساب استثماري بقيمة مئات الآلاف من الجنيهات الاسترلينية مع الشركة، وفي نهاية عام 1720م بلغت قيمة أسهم شركة بحار الجنوب حوالي 37 مليون جنيه، ولكن جاءت الكارثة عندما رفضت أسبانيا السماح للمستثمرين البريطانيين بإخراج الذهب، وتحطمت البورصة تمامًا وحدث شلل للاقتصاد البريطاني، بعدما أفلس مئات المستثمرين.
المصدر
(1)
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال