في فقه المرأة (3).. حكم النمص في الإسلام و ما هو أصل الخلاف في هذه المسألة
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
قبل ست سنوات، كانت أولى خطواتي نحو الجامعة، و كان شأني شأن الكثيرات، تبحث عن ما يصنعه الفتيات في مظهرهن ليكنّ أكثر جمالًا و أكثر جاذبية، و من بين تلك الأشياء كانت إزالة شعر الوجه و شعر الحاجب، و بالفعل قمتُ بفعل ذلك، و لا أنكر أن الشكل كان أكثر جمالًا و أكثر جاذبية، و لكني صُدمت بأقوال الشريعة الإسلامية ؛ الشريعة التي تحدد هُويتي في هذه المسائل رغم أن الفعل قد يبدوا بسيطًا.
عرفت أثناء قرائتي لبعض الكتب أن إزالة شعر الوجه حرامًا ما لم أكن متزوجة، و إزالة شعر الحاجب” النمص” حرامًا سواء كنت متزوجة أو لم أكن.
وقفت كثيرًا عند هذه الأحكام و آراء الفقهاء و آراء المذاهب الأربعة فيها، بحثًا عن مخرج يقول لي إن هذا الأمر عاديًا ليس حرامًا و لا مكروها، و كون بحثي ذلك نابع من عقوبة الفعل الذي صنعه المشرع السماوي ، و هي الخروج من رحمته، بحسب حديث للنبي صلى الله عليه و سلم جاء في صحيح البخاري و مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه” لعن الله الواشمات والمستوشمات و النامصات و المتنمصات و المتفلجات للحسن المغيرات خلق الله”.
النمص في عموم معاجم اللغة العربية
وقبل أن أنظر في آراء الفقهاء بحثت أولا عن معنى كلمة ” نمص” في المعاجم العربية، حتى يكون فَهمي فَهم صحيح قائم على الاقتناع بعموم الأدلة، و جاءت الكلمة متباينه، فلم يستقر أو يجمع فقهاء اللغة و علمائها على مكان أو معنى محدد لها فقال ابن الأثير في النهاية: “النامصة: هي التي تنتف الشعر من وجهها”، وقال الزمخشري في الفائق: “النمص: نتف الشعر”، و قال في أساس البلاغة: “في وجهها نمص شبه الزَّغَب، ونمصته الماشطة بالمنماص: نتفته”.
وقال الخليل: “النمص: رقة الشعر حتى تراه كالزغب، و امرأة نمصاء، وهي تتنمص أي: تأمر نامصة، فتنمص شعر وجهها نمصًا؛ أي: تأخذه عنها بخيط فتنتفه”.
وخلاصة ماسبق أن جميع الذين ذكروا متعلق النمص، ذكروا أنه شعر الوجه و بعضهم أضاف الجبين، أو الحاجب؛ فالنمص هو نتف شعر الوجه، أو الجبين، أو الحاجب، هكذا جاء في عموم معاجم اللغة العربية، أما ماجاء حول هذا المسألة في كتب الفقه فسنقوله بشيء من التفصيل .
أولا :إزالة شعر الوجه
فنتف شعر وجه المرأة ـ عدا الحاجبين ـ محل خلاف بين أهل العلم، و منشأ الخلاف في تفسير النمص المنهي عنه في اللغة كما سبق و قد بينتُ، لكن الراجح عند الجمهور هو إزالة شعر الوجه ـ عدا الحاجبين ـ ، واستدلوا على ذلك بما ورد عن أم المؤمنين عائشة.
فأخرج الطبري عن امرأة أبى إسحاق أنها دخلت على عائشة رضى الله عنها – و كانت شابة يعجبها الجمال- فقالت لها: المرأة تحف جبينها لزوجها؟ فقالت: “أميطي عنك الأذى ما استطعت”، أي أجازت لها إزالة شعر الوجه تجميلًا .
إزالة شعر الحاجب
أما إزالة شعر الحاجب فهذا هو محل النزاع و الخلاف، لكن الراجح هو عدم إزالة شعر الحاجب أو ترقيقه، كما في قول الشافعية والحنابلة، و هنا يتبادر للنساء سؤلًا هل ما بين الحاجبين يعتبر من الحاجب” العبسة”؟! الراجح أنه لا ليس من الشعر الحاجب وينتمي إلى شعر الوجه، و على المرأة إزالته
ولما كان الإسلام يحرص دومًا على تحسين الخلقة و إظهار الجمال دون تدليس ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إنَّ اللهَ جميلٌ يحبُّ الجمالَ”.
فصرح بعض علماء الأزهر بأنه يجوز الأخذ من الحاجبين في حالتين فقط لا ثالث لهما، الحال الأول أن يكون الأخذ من الحواجب بهدف العلاج من أمر ما، و لا يتم الأخذ بالحاجبين إلا للضرورة القصوى.
أما الحالة الثانية فهي أن يكون شعر حاجبين المرأة زائد بشكل يؤذيها، و يشوه من جمالها، وبالتالي يمكنها أن تزيل منهما بقدر المستطاع و لا تزيد في ذلك.
و بعد أن بينتُ الآراء الفقهية في ذلك حسب ما قرأت و بحثت و سمعت و استشارت، فإن إزالة شعر الوجه مباح و إزلة شعر الحاجب حرامًا، لكن تهذيبه بما لا يغير الخلقه مباح، فعقوبة الفعل شديدة، و هي الخروج من رحمة الله، و نحن في أمس الحاجه إلى لطف الله و رحمته، واعلمي أن الله خلقنا نحن النساء في أبهى زينة .
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال