في كوكب اليابان .. ٧ قواعد لدى المدارس يستحيل تطبيقها في مصر
-
فاطمة الوكيل
كاتب نجم جديد
تماماً كما في مدارس مصر التي ستعود الدراسة فيها بعد بضعة أسابيع، فإن المدارس اليابانية لديها طريقتها الخاصة للقيام بالأشياء. ستكتشف حتماً أن العديد من هذه الافكار ليست قابلة للتبني في مدارسنا العربية.
كثيراً ما نسمع عن الاختلافات الاجتماعية العديدة بين الدول العربية واليابان، من نظامنا الغذائي إلى ثقافة العمل وما إلى ذلك من أمور أخرى، ومن البديهي أن نلاحظ بأن هيكلية مدارسنا ليست مشابهة لتلك التي في اليابان، وهناك الكثير من الأمور في المدارس اليابانية التي يصعب تصور تطبيقها في بلداننا. في الواقع، قد لا تصدق كم من إختلافات هنالك بين تلك المدرستين.
إليكم بعض هذه الاختلافات:
1. أي معلّم بديل؟
في بلادنا، عندما يكون المعلم غير قادر على الحضور إلى المدرسة للأداء بواجبه التعليمي، سيكون مصير الأطفال في نهاية المطاف متابعة حصّتهم مع معلم بديل أو قضاء عطلة في المنزل. لكنّ في اليابان، لا تحلم بذلك ابداً!
إذا لم يتمكن معلمهم المعتاد من الوصول إلى عمله، فلن يكون هناك معلم بديل، وسيبقى متوقعاً من الأطفال الحضور إلى الصف.
صدقوا أو لا تصدقوا، فالأطفال موثوق بهم القيام بعملهم الدراسي المعتاد ومتابعة دروسهم دون أي معلم يقودهم، والجدير بالذكر أنهم فعلاً يقومون بذلك.
2. التلامذة هم أنفسهم عمّال النظافة:
في البلدان العربية، یوجد عمال نظافة مهمتهم تنظيف المدرسة، أمّا في اليابان، فالطلاب والمعلمين هم أنفسهم يتحمّلون مسؤوليّة الحفاظ على نظافة مدرستهم.
ففي كل يوم، يقوم التلامذة بمسح وتنظيف الأرضيات، ينفّضون الممحاة الخاصّة بألواح الطبشور، وحتى يقومون بتنظيف الحمامات لتصبح بذلك مدرستهم في قمّة النظافة والأناقة.
بصراحة، هذه فكرة رائعة للغاية! هذا الأمر يجعل الطلاب يفكرون مليّاً بما يختصّ برمي الأوساخ على الأرض أو القيام بلصق علكة تحت مكاتبهم، فهم على ثقة بأنهم سيقومون بتنظيفها بأنفسهم.
بهذا، لا تقوم المدارس اليابانية على تعليم الأطفال فقط، بل بتهيأتهم لمواجهة الحياة الحقيقية والمشاركة في أعمال المجتمع، وبأن يكونوا أشخاصاً مسؤولين عن تصرفاتهم حين يصبحون بالغين.
3. الدراسة خلال أيّام نهاية الأسبوع:
عملياً، يمكننا أن نسمع بعض هتافات الغضب القادمة من جميع الطلاب في العالم العربي عند ورود فكرة الذهاب إلى المدرسة في يوم السبت. ففي أذهاننا، نحن مقتنعون أن بعد الظهر من يوم الخميس أو الجمعة هو أجمل فترة من أوقات الأسبوع بُعَيد انتهائنا من أسبوع دراسي كامل، وبذلك نستطيع الحصول على عطلة نهاية اسبوع طويلة والذهاب إلى ديارنا لمدة يومين للاسترخاء.
ذلك ليس ممكناً في اليابان!
حتى العام 1992، كان من الشائع لدى المدارس اليابانية التعليم خلال أيام السبت، على الرغم من أن هذه الممارسة توقفت لبعض الوقت بسبب اتخاذ الدولة اليابانية قراراً بانتهاج نظام تعليميّ أقلّ إرهاقاً.
لسوء حظ الطلاب اليابانيين، قررت المدارس في جميع أنحاء البلاد عدم المضي قدماً في هذا القرار رافضين التغيير بإجماع، وأنها لا تزال بحاجة لمتابعة التدريس أيام السبت. خلاصة ذلك، إن ما يقارب نصف طلاب المرحلة الابتدائية والثانوية في طوكيو، يجدون أنفسهم في المدرسة لمدة أدناها يوم واحد من أيام السبت لكل شهر.
دعونا نأمل فقط أن يحصلوا على فرصة لمشاهدة بعض الرسوم المتحركة، ويكون لديهم الوقت الكافي للإفطار والاسترخاء قبل أن يضطروا الى العودة مجدداً الى مدارسهم.
4. بالكاد يحصل الطلاب اليابانيون على عطلة صيفيّة:
عدم الذهاب الى المدرسة في فصل الصيف هو في الأساس ذروة المتعة لدى أي طالب في العالم العربي. لقد حان الوقت لقضاء ثلاثة أشهر خالية من القلق، خاصة إذا لم تكن مضطراً للقيام بأي عمل صيفي!
ففكرة عدم وجود إجازة صيفية كافية ستسبب بغضب شديد لدى أي طالب في العالم عربي. فقد تتفاجئ إن سمعت أن هذا الأمر غير موجود إلى حد كبير في اليابان. نعم، إنّ الطلاب اليابانيون يحصلون على استراحة صغيرة تستمر لمدة خمسة أسابيع فقط، وهذا بالتأكيد شيء لا يُحتمل!
وحتّى مع ذلك، لا يزال كل من المعلمين والطلاب يجدون أنفسهم يذهبون الى المدرسة معظم الأيام لكي يتمكنوا من المشاركة في النوادي والأنشطة المختلفة. وهناك أيضاً احتمال كبير بأن يتلقى هؤلاء الطلاب كمية ضخمة جدا من الواجبات المنزلية قبل أن يمضوا في إجازتهم، ويطبّق ذلك حتى على طلاب الصفوف الابتدائية.
لجعل الأمور أسوأ، هذه الإجازة لا تتزامن مع فصل الصيف، بل تأتي في نصف السنة الدراسيّة تقريباً.
5. الساسوماتا Sasumata:
إذا لم تكن لديك أي فكرة ما معنى ساسوماتا، فاطمئنّ، فنحن أيضاً لم نكن نعلم.
على الرغم من أن اليابان تعتبر بلداً آمناً نسبياً، فإنه لا بدّ من وجود خطة في حال قام أحدهم بالدخول غير الشرعي إلى المدرسة.
هنا تأتي الـ”ساسوماتا“. إنها كناية عن عصا طويلة مصنوعة من الألمنيوم مع شوكتان في نهايتها على شكل شنكل. إنها نسخة حديثة عن سلاح الساموراي. يمكنك أن تجد واحدة منها معلقة في جميع المدارس اليابانية، حيث أنها من المفترض أن تستخدم لمحاولة إضعاف أي مهاجم قد يشق طريقه إلى داخل المدرسة.
الجانب السلبي الوحيد للـ”ساسوماتا“ هو أنها بالتأكيد ليست الخيار الأفضل لمحاربة مهاجم يحمل سلاحا ناريا، ولكن الجانب الايجابي هو أن احتمال حدوث خرق من هذا النوع ليس شائعا بالنسبة لليابان على أي حال..
في كل سنة، يقوم المعلمون بالمشاركة في تدريبات خاصة للحفاظ على مهاراتهم في الـ”ساسوماتا“ في حال تطلب الأمر استخدام ذلك.
6. وجبات غداء مدرسيّة عالية الجودة:
تكون المطاعم الموجودة في مدارسنا (في حال وجدت) في أغلب الأحيان بحالة يرثى لها ومخيّبة لآمال الطلاب الذين يضطرون أن يتناولوا الوجبات فيها. فهي غالباً ما تكون كناية عن وجبات من المأكولات المعلّبة أو المثلّجة.
أمّا في اليابان، فسيناريو تناول الغداء هو بالتأكيد شيء مختلف. أولاً وقبل كل شيء، لننسى المطعم المدرسي – كل من الطلاب والمعلمين يقومون بالجلوس في الصفوف الدراسية معاً لتناول طعام الغداء بدلا من الانتقال إلى مكان آخر.
يتم تسليم الطعام من قبل سيدات متخصّصات في ذلك، والطلاب يتناوبون بتوزيع كل شيء بين معلميهم وزملائهم في الدراسة.
أمّا الوجبات فهي تتكوّن عادة من الحساء والأسماك والأرز.
وعلى فكرة، لننسى أيضا موضوع بقايا الطعام، فقي المدارس اليابانية هناك قاعدة يعرفها الجميع وهي أن الكل عليه أن يتناول مجموع ما يتم تقديمه له من مأكولات، حتى لو كان بعضهم لا يحبّ نوع الطعام المقدّم له خلال يوم معيّن. ومن البديهي أن هذا الأمر يعني أن وقت الغداء لن ينتهي حتى ينهي آخر طفل طعامه، وهذا المستوى من الضغط النفسي هو بعيد عمّا اعتدنا عليه على موائدنا.
7. التحيات اليومية مطلوبة:
في أغلب البلدان العربية، يعتبر المعلم محظوظاً إذا ألقى عليه نصف الصف التحية عند دخوله إلى الصف، خاصة إذا كانت أول حصّة من اليوم. ولكن عندما يتعلق الأمر بالثقافة اليابانية فإن التحية وطريقة تأديتها تعتبر أهم جزء في علاقاتهم وتفاعلهم مع الآخرين.
عندما يذهب الأطفال اليابانيون إلى المدرسة ويدخلون الفصول الدراسية، فإنهم يتبعون نفس الروتين اليومي لتحية معلمهم بشكل صحيح.
وبمجرد دخول المعلم إلى غرفة الصف يقف جميع الطلاب ويلقون التحية عليه بانسجام، ثم ينحني التلامذة معاً. كما أنهم يقومون بالأمر عينه في نهاية كل حصّة دراسية أيضاً.
في المدرسة الثانوية، يمارس الطلاب فن التأمل من وقت لآخر من خلال ما يسمّى بالـ”موكوسو“، وهو نوع من التأمل الذي تتم ممارسته وأنت مُغلق العينين. وعادةً ما يتم القيام بذلك قبل بدء الصف حتى يتمكن الطلاب من الاستعداد نفسياً للدراسة، مما يعزز تركيزهم قبل بداية الحصّة.
الكاتب
-
فاطمة الوكيل
كاتب نجم جديد