في مولد النبي.. أيهما أهم الدِّقة أم الحلاوة؟
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
الكلمة العربية “مَوّْلِد” معناها ميلاد شخص ما، الإسلام المصري أهتم بتحديد “مَوّْلِد” كتير من الشخصيات الدينية للاحتفال بيها.. والاحتفال ده بنسميه بالمصري “مُولِدْ”، ورغم الأصل الواحد والرسم الواحد بس الدلالة مختلفة جدًا.. جدًا. فالمعنى في العربية هو ميلاد أحدهم أما في المصرية فالمعنى هو عالم كامل متكامل يستحيل اختزاله في كلمة غير “المُولِد” ولا شرحه إلا بالرجوع لرائعة صلاح جاهين وسيد مكاوي ومنير الوسيمي وصلاح السقا.. الليلة الكبيرة.
أهتم العرب بالتدوين بعد وفاة النبي بسنين، بدء الأمر مع جمع القرآن ووصل إلى وضع تقويم اختاروا له هجرة النبي كبداية وتطور الأمر تدريجيًا أكتر وأكتر بشكل متوازي مع توسع دولتهم اللي أسسها النبي.
باختصار النبي محمد هو أهم شخصية في تاريخ العرب، عشان كده ماحدش يعرف أتولد أمتى على وجه التحديد.. لأن قبله لا كان فيه تقويم ولا تدوين وأهميته بدءت تظهر في سن الأربعين، بالتالي الاهتمام بجمع المعلومات عن حياته وتدوينها بدء بعد موته بفترة وكان الباحثين في ورطة رهيبة وهي أن مافيش داتا موثقة يعتمدوا عليها.
كلها محاولات تقريبية، مين أتولد قبله ومين بعده.. أهم الأحداث اللي حصلت أياميها.. إلخ، في النهاية هيوصلوا لكلام تقريبي من المستحيل الوثوق فيه بشكل قطعي، عشان كده زي ما الكنيسة الغربية بتحتفل بميلاد المسيح ليلة 25 ديسمبر والكنيسة الشرقية بتحتفل ليلة 7 يناير.. برضك جناحي الإسلام بيحتفلوا بمولد النبي مرتين بتاريخين مختلفين، السُنة بيحتفلوا يوم 12 ربيع أول بعدها بخمس تيام.. يوم 17 ربيع أول.
الميلاد في السيرة
فيه شبه إجماع على شهر ربيع الأول من عام الفيل، أه برضه في آراء مختلفة في الشهر والسنة.. بس ضعيفة نسبيًا، وبالأتفاق على الشهر والسنة يبقى الخلاف على اليوم بالتحديد، أصحاب كتب السيرة ماقدروش يوصلوا لتاريخ قطعي، السيرة الحلبية رجحت يوم 8 أما سيرة ابن هشام فبتقول يوم 12.. ابن كثير حط المقترحات كلها ع الترابيزة.
بعد ليلتين من الشهر حسب رواية الوقادي.
بعد تَمَن ليالي من الشهر حسب رواية الحميد عن ابن حزم، اللي رواها مالك وعقيل وغيرهم وبن دحية في كتابه التنوير في مولد البشر النذير.
بعد عشر ليالي حسب ما رواه ابن عسكر.
بعد أتناشر ليلة حسب كلام ابن أسحاق المنقول عن ابن عباس.
آراء كتير وتفاصيل أكتر هتلاقوها في الفتوى هنا.
الزيت
عمليًا يستحيل التحقق من التاريخ بدقة زي غالبية تفاصيل السيرة النبوية، وده موضوع مش خطير أبدًا.. مش مهم أصلًا تحديد يوم ميلاد النبي أو هجرته أو وفاته بدقة، لأنها مش مناسبات دينية مرتبطة بطقوس أو عبادات معينة.. زي الحج أو الصوم مثلا.
ولا مُترتب على تحديد التاريخ حكم من أحكام الشريعة زي مثلًا: هل النبي رجم زناة؟، ده حكم فيه إزهاق روح ولو الرواية حقيقية التشريع هيضاف له حكم بالإعدام مش مذكور في القرآن.
ولا مؤثر على العقيدة فمهواش سؤال هل النبي سجد لصنم أو صلى صلاة تابعة لدين تاني مثلًا.
في حالتنا دي المهم فقط أن يكون فيه يوم متفق عليه “ضمنيًا” بين أفراد غالبية المجتمع.. عشان نحتفل وننبسط وناكل الحلاوة ومخازن بين الحارات تفتح وصنايعية الشرم الصغير ينتعشوا وتجار باب البحر يحققوا موسم معقول.
باب البحر
إقرأ أيضاً
مصر في أول مولد نبوي بعد النكسة .. توثيق أحداث اليوم الخانق رغم روحانياته
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال