قراءة تحليلية لـ كتاب الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين (12) الفتوى الماردينية
-
محمد سعد
خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي
كاتب نجم جديد
وبعد ما تناولنا مفهوم دار الإسلام ودار الكفر عند علماء الإسلام وعند الجماعات الإرهابية المتطرفة نتطرق في الحديث عن الفتوى الماردينية وهي فكرة إفتراضية تتعلق بشأن وجود دار مشترك أو مختلط لا يسري عليها تعريف دار الإسلام أو دار الكفر.
ما هي الفتوى الماردينية ؟
وهذه الفكرة ناقشها بن تيمية وضرب مثال لذلك وهو “ديار من ديار الإسلام تغلب عليها حاكم غير مسلم كما وقع أيام دخول التتار إلى أعالى بلاد الشام فهذه الدار شعبها مسلم وحاكمها غير مسلمة فتسمى بدار مركبة أو الدرار المختلطة.
هذه الدار أصدر لها ابن تيمية فتوى خاصة وهي الفتوى الماردينية نسبة إلى مدينة تسمى ماردين كانت تحت حكم التتار في زمن ابن تيميه وملخص هذه الفتوى تقول ( أن هذه الدار يعامل فيها المسلم بما يستحق ويقاتل فيها الخارج عن الشريعة بما يستحقه.
إشكالية الفتوى الماردينية التي أصدرها بن تيمية
وهنا إِشكالية وهي أن كلمة الخارج عن الشريعة كلمة واسعة فممكن أن تشمل كل أصحاب الذنوب ولفظ يقاتل من الذي يقوم بالقتال هل ولي الأمر أم آحاد الناس؟!
أخذت التيارات المتطرفة هذه الفتوى وطارت بها وطبقتها وقالت نحن نقاتل كل من يخرج عن أحكام الشريعة حتى من يقول لا إله إلا الله !
وهذا خطأ فادح أولاً الشرع لا يسمح بقتال من يفعل المعاصي والذنوب والقتل موجه فقط لمن يقتل وهو معمول به في زماننا ثانيا : ليس لآحاد الناس تطبيق الشريعة فمن يحاكم القاتل والمجرم والخارج على القوانين هو ولي الأمر وهذا باتفاق جميع علماء الإسلام .
ولفظ يقاتل في الفتوى هي التي بدأ يستخدمها محمد عبد السلام فرج ويروج من خلالها لفكرة في كتاب الفريضة الغائبة، واستمد منها موقفه التكفيري الدموي والتعدي على الناس ، فقام عدد من علماء الأزهر بالرد عليه منهم الشيخ جاد الحق علي جاد الحق في كتاب نقض الفريضة الغائبة.
لكن على الجانب الآخر بدأ عدد من العلماء المعاصرين بدراسة الفتوى الماردينية الصادرة عن ابن تيمية وذلك من مدخل أن ابن تيمية قام بالتنويع بين كلمة (يعامل) و (يقاتل) فالأمر ملتبس غير واضح وخصوصا أن عالم حنبلي كبير اسمه ابن مفلح نقل هذه الفتوى في إحدى كتبه ولم يذكر فيها كلمة (يقاتل) بل كان نص فتوى ابن تيمية الذي نقله ابن مفلح هو (أن هذه الدار يعامل فيها المسلم بما يستحق ويعامل فيها الخارج عن الشريعة بما يستحقه) فلم ينقل أن ابن تيميه قال (يقاتل).
ويذكر أن الشيخ رشيد رضا نقل هذه الفتوى الصحيحة لكن لما طبعت فتاوى ابن تيمية بتحقيق عبدالرحمن القاسم وفرج الله الكردي، وقع ذلك الخطأ وتم استبدال كلمة يعامل بكلمة يقاتل واشتهر هذا الخطأ بين الناس؛ فغياب التوثيق في هذه الفتوى أدى إلى تحريفها.
وقد قام الشيخ عبدالله بن بيه بالبحث عن المخطوط الأصلي لفتوى ابن تيمية فوجدها (يعامل لا يقاتل) ثم انعقد مؤتمر في مدينة ماردين التركية وصدر عنه بيان يشرح ذلك .
يقول الدكتور أسامة الأزهري أنه يجب علينا أن نتوقف على الاعتمادات على كتابات المتحمسين والهواه والمحبين والمندفعين ونرجع لأهل العلم يقول الله تعالى “ولو ردوه إلى الله وإلى الرسول لعلمه الذين يستنبطونه منهم”
فالاقتصار على مدخل الفقه وحده عند دراسة العلاقة بين دار الكفر ودار الإسلام خطأ فادح لأن هناك مداخل أخرى وهي مدخل القيم والأخلاق ومدخل السنن الإلهية في المجتمع ومدخل الهداية العامة وعندما نجمع بينهما يمكن للعقل المسلم فهم طبيعة علاقة المسلمين بغيرهم من الأمم والحضارات.
لا تنسى .. قراءة موقع الميزان لـ كتاب الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين
تناولنا على موقع الميزان قراءة تحليلية لـ كتاب الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين بالدين بهذه التقارير القراءة الأولى شرحًا للمقدمة، فيما كانت القراءة الثانية شرحًا للفصل الأول من الكتاب بينما كانت القراءة الثالثة عن الحاكمية وتفسير سيد قطب، فيما ستكون القراءة الرابعة حول مخالفة سيد قطب لتفاسير العلماء حول الحاكمية التي بنى عليها نظريته لتكفير المجتمعات الإسلامية من خلالها.
وتناولت القراءة الخامسة الحديث النبوي الذي ينطبق معناه على سيد قطب والمتعلق بمسألة حفظه للقرآن دون فهم معناه ، أما القراءة السادسة فعن قصة مناظرة بن عباس للخوارج والتي تعتبر أهم مناظرة فكرية في التراث الإسلامي، أما القراءة السادسة فكانت حول مناظرة بن عباس والخوارج بينما القراءة السابعة فهي ما يمكن استنتاجه من المناظرة، بينما تناولت القراءة الثامنة الجاهلية وتكفير المسلمين ، بينما تناولت القراءة التاسعة حول أن البلاد الإسلامية بلاد كفر، بينما تتناول القراءة العاشرة فكرة احتكار الوعد الإلهي، فيما تناولت القراءة الحادية عشر لمفهوم الجهاد ، أما القراءة الثانية عشر فكانت عن الفتوى الماردينية.
«يُتْبَع»
الكاتب
-
محمد سعد
خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي
كاتب نجم جديد