قصة أول رئيس لمجمع اللغة العربية في مصر .. أخذ من كل بستان حكومي زهرة
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
جرت عملية اختيار أول رئيس لمجمع اللغة العربية في مصر مثاليةً إلى حدٍ بعيد، رغم أن من فاز بالمنصب لم يبلغ في الشهرة ما بلغه الأدباء.
تأسيس مجمع اللغة العربية بقرار ملكي
نص المرسوم الملكي الذي يقرر إنشاء المجمع عام 1932 على تكوينه من 20 عضوًا نصفهم من المصريين والنصف الآخر مزيج من العرب والمستشرقين.
اقرأ أيضًا
حكاية الحاخام اليهودي عضو مجمع اللغة العربية “حاييم نحوم”
وكان السر في ذلك التنوع أن يكون مجمع اللغة عالميًا في تكوينه غير متقيد بجنسية أو ديانة، فقط يكون المعيار هو الكفاءة لتحقيق الأهداف الخمسة وهي «عمل المعاجم اللغوية، بحث قضايا اللغة، وضع المصطلحات العلمية واللغوية، تحقيق التراث العربي، النشاط الثقافي» وتم اختيار محمد توفيق رفعت باشا ليكون أول رئيس لمجمع اللغة العربية في مصر وانعقدت أولى اجتماعات المجلس في 30 يناير 1934 م.
من هو أول رئيس لمجمع اللغة العربية
ولد محمد توفيق رفعت باشا في 25 سبتمبر سنة 1866 في القاهرة والتحق بمدرسة المعلمين وبعد تخرجه منها عمل مدرسًا فيها لمدة سنتين ثم سافر إلى فرنسا.
لم تكن النشأة الجامعية لمحمد توفيق رفعت أول رئيس لمجمع اللغة العربية لها صلة بالعربية، فقد سافر إلى فرنسا ليدرس الحقوق وبعد عودته عمل مساعدًا للنيابة الأهلية من 1889 حتى سنة 1891 م، وبعد عام بدأت مسيرته القضائية فتم تعيينه قاضيًا لمحكمة بني سويف الأهلية ونقل إلى محكمة أسيوط ثم عين مفتشًا بلجنة المراقبة القضائية، ثم رقي قاضيًا من الدرجة الثانية في نوفمبر، وتم تعيينه أيضًا ناظرًا للإدارة القضائية بوزارة الحقانية ثم مستشارًا بمحكمة الاستئناف الأهلية، ثم نائبًا عموميًّا.
على الصعيد الوزاري أخذ محمد توفيق رفعت من كل وزارة زهرة، فقد عين وزيرًا للمعارف العمومية، وفي ذاك الوقت حدث تعديل في الوزارة، فتم اختياره يكون وزيرًا للمواصلات، ثم عاد وزيرًا للمعارف ثم تولى وزارة الخارجية إلى وزارة المعارف وبعدها بفترة تم تعيينه وزيرًا للمواصلات.
رغم ذلك فإن محمد توفيق رفعت صار مشهورًا بعشقه للأدب والشعر خاصةً بعدما كان ينظم الشعر ويلقي القصائد دون طبعها في ديوان، وقالت عنه مجلة المجمع «شعره كان لنفسه ولم يكن يبغي نشره، وكان ضليعًا في متن اللغة».
وخلال فترة توليه المجمع قدم سلسلةً من الأعمال منها مشاركته في لجنة العلوم الفلسفية والاجتماعية وإلقاؤه كثيرًا من الكلمات وعلى وجه الأخص في افتتاح الدورات إلى جانب الأعمال الإدارية الأخرى بصفته رئيسًا للمجمع.
وبعد رحيل محمد توفيق رفعت عام 1944 رثاه العديد ممن عملوا معه فقال عنه عبدالحميد بدوي باشا «وإن قارئه ليتبين أنه يُعنى بتخير الألفاظ، وبجزالة الأسلوب، عناية تتجاوز المألوف، حتى بين الأدباء، وكان يسعفه في ذلك سعة علمه باللغة ومفرداتها، وربما دعاه تبحره فيها إلى إيثار الغريب حين يجده أحسن أداءً أو أصح وضعًا، وهو يعتبر بحق من أشد المحافظين على تقاليد اللغة وسننها. وقد يرميه البعض بالتشدد».
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال