قصة الجوارب الأثرية التي عثر عليها داخل موقع مصري مدفونة منذ أكثر من 1600 سنة؟
-
أحمد فكري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
لا يسعنا إلا الاستمرار في التحديق في زوج الجوارب الحمراء هذا، إنها جوارب قديمة للغاية صنعت في مصر في زمن ما بين سنتي 250 و420 للميلاد.
عند ملاحظة زوج الجوارب هذا عن كثب، تجد أن أصابعه مفصولة ومنقسمة بشكل يوحي بأنه صنع ليتم ارتداؤه مع زوج من الصنادل أو ما شابه، لكنها تبقى محيرة للغاية، حيث أنها لا تبدو وكأنها تبلغ من العمر 1600 سنة، كما أنها لا تبدو جديدة أيضًا، أضف إلى ذلك لونها الأحمر الفاقع، الذي يجعلنا في حيرة من أمرنا ذلك أنه من الصعب تخيل شيء يزيد عمره عن الألف سنة بهذا اللون الزاهي والفاقع.
بغض النظر عن غرابتها من ناحية اللون والشكل، هنالك أيضًا حجم هذه الجوارب المثير للاهتمام، فهي كبيرة للغاية وتبدو ضيقة في آن واحد.
بعد أن نشر أحد الباحثين صورة هذه الجوارب المثيرة على صفحته في فيسبوك، علق أحد خبراء الآثار عليها قائلاً: ”إنها جوارب رومانية-مصرية تم استخراجها من مناطق دفن في موقع Oxyrhynchus القديم، وهي عبارة عن مستعمرة يونانية قديمة على ضفاف النيل في مصر الوسطى، في نهاية القرن التاسع عشر. تم منحها لمتحف (فيكتوريا وألبرت) سنة 1900 من طرف شخص يدعى (روبيرت تايلر)، وقد تم اختيار هذه الأغراض ووضعها في قائمة ’المنسوجات التي تمثل أمثلة مفيدة للغاية‘“.
من بين مواطن الإثارة فيما يتعلق بهذه ”الأمثلة المفيدة للغاية“ هي الطريقة التي حيكت بها، والتي يطلق عليها اسم Nalbindning، أو الحياكة بإبرة واحدة، وقد كانت هذه التقنية المستهلكة للوقت لا تتطلب إلا خيطا واحدا وإبرة واحدة.
كانت هذه التقنية تستخدم بشكل شائع لصناعة الألبسة التي يتم ارتداؤها ضيقة بطبيعتها، مثل القبعات والجوارب والقفازات وذلك بسبب طبيعتها المطاطية
بشكل أساسي، سبقت تقنية الحياكة بإبرة واحدة وخيط واحد Nalbindning تقنية الحياكة باستخدام إبرتين التي تعتبر التقنية المعيارية اليوم، وقد كانت كل إبرة تستخدم في هذه التقنية تصنع من الخشب أو العظم، وكانت مسطحة وغير حادة ويتراوح طولها بين 6 إلى 10 سنتمتر، وكان سمها عريضًا على إحدى النهايتين أو على مقربة من وسطها.
نحن مازلنا لا نعلم ما إن كان زوج الجوارب هذا للاستعمال اليومي، أو كان يلبس مع زوج من الصنادل، أو ما إذا كان يستخدم كقربان شعائري للموتى —بما أنه عثر عليها في موقع دفن قديم.
قد يفضل البعض تخيل المصريين القدامى وهم يرتدونهم من أجل حماية أقدامهم التي تشبه بشكل كبير أقدام المخلوقات الفضائية، لكن الواقع والحقيقة يبقيان مجهولين حتى الساعة.
الكاتب
-
أحمد فكري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال