قصة الشاب الذي حوله الطبيب إلى فتاة رغماً عنه .. كيف حدث هذا؟
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
في ٢٢ أغسطس عام ١٩٦٥، بعيداً في كندا تنحب امرأة توأم من الذكور يطلق عليهما والدهما اسمي بروس وبرايان، حتى الأن والخبر عادي وطبيعي بل وممل، لكن التوأم يعاني من مشاكل في التبول بعد ٦ أشهر من ميلادهما فيقرر الأطباء الكنديون ختانهما، نعم عزيزي القاريء كان الحل الوحيد هو الختان لعلاج حالاتهما التي نتجت عن “ضيق قلفة القضيب”.
أجرى طبيب مسالك بولية عملية الختان لبروس في السابع والعشرين من شهر إبريل سنة ١٩٦٦، إلا أنه استخدم طريقة الكي غير التقليدية (الكي هو تقنية طبية تعتمد على حرق جزء من الجسد لإزالته أو عزله)، لم تجر العملية كما توقع الأطباء، إذ احترق معظم قضيب بروس لدرجة كبيرة، ولم يكن من الممكن اصلاحه جراحياً، فقرر الأطباء ألا يجروا عملية الختان على التوأم الآخر ”برايان“، والذي تحسنت حالته وزال عنه المرض بعد وقت قصير دون تدخل جراحي.
نعم كما قرأت عزيزي القاريء احترق عضو الطفل الذكري تماماً في عملية كان الحلاقون في مصر يجرونها في التوقيت ذاته دون خسائر تذكر.
يشعر الوالدان بالقلق حيال حياة ومستقبل ابنهما بروس، وفي ليلة باردة في فبراير عام ١٩٦٧يشاهدان عبر التليفزيون برناج يستضيف الطبيب جون موني من مستشفى ” جون هوبكنز” في ولاية بالتيمور الأمريكية والذي يطرح نظريته الجديدة حول أن التربية هي التي تحدد “جندرية” الإنسان الذي يولد بلا هوية جندرية، أي أن تربيتنا لأطفالنا هي فقط من تجعلهم ذكوراً وإناثا«.
زارا الطبيب في مستشفاه واعتقد جون موني وأطباء آخرون يعملون بمجال الأطفال المولودين بخلل خلقي في المنطقة التناسلية، أنّ من غير الممكن تبديل القضيب، إلا أنّه من الممكن تركيب مهبل وظيفي جراحياً، وأخبر الطبيب جون موني والدي الطفل: ”هذا أفضل شيء ممكن فعله للفتى“، إذ اعتقد آنذاك أنّ هذا أكثر إجراء آمن وتقليدي.
أقنعَ جون موني وأطباء مستشفى هوبكنز الأبوين بضرورة عملية التحول الجنسي كأفضل حل لحالة الابن، فأجريت عملية استئصال الخصيتين لبروس جراحيا عندما بلغ عمره اثنين وعشرين شهرا، وتم تصميم مهبل بدائي له، تغيّرَ بذلك جندر بروس إلى أنثى حسب نظرتهم، وتقررت تربيتهُ كفتاة اسمها ”بريندا“، وأشرف الطبيب جون موني على تقييم الحالة النفسية للطفل، إذ كان يقابل ديفيد سنوياً لمدة عقد من الزمن بعد العملية الجراحية ليقيّم النتائج.
قدّم جون موني تقارير عن تقدم الحالة وكان يذكر أنّ التحول لأنثى يسير بصورة ناجحة، مستخدماً هذه الحالة لدعم فرضيته عن فوائد التحول الجنسي والعمليات الجراحية التي ترافقه حتى للأشخاص غير المصابين باضطراب الهوية الجنسية أو من هم ليسو بثنائيي الجنس، وكتب جون موني: ”إنّ تصرفات الطفل هي تصرفات فتاة بكل وضوح، وتختلف تماما عن التصرفات الذكورية لأخيها التوأم“، وكتب مساعد الطبيب ملاحظات ذكرت لجوء والدي الطفل للكذب بشكل مستمر في الزيارات السنوية أثناء وصفهما لنجاح العملية.
خدع الطبيب الجميع لاثبات نظريته لأنه عندما بلغ ديفيد ثلاثة عشر سنة من العمر، عانى من اكتئابٍ حاد ورغبة شديدة بالإنتحار، وأخبر والديه أنه سيقتل نفسه لو أنهم أجبروه على رؤية الطبيب جون موني مجددا، وأخيرا باح والدا ديفيد بالحقيقة حول عملية إعادة تحديد جنسه في الرابع عشر من مارس سنة ١٩٨٠، وهذا اتباعاً لنصيحة طبيبه النفسي الجديد، وطبيب الغدد الصماء الذي كان يراجعه.
عندما أصبح عمر ديفد رايمر أربعة عشر سنة، وبعد أن أفصح والداه عن قصته، قرر أن يعود ليكتسب هويته الجندرية كذكر مجدداً، وأطلق على نفسه إسم ”ديفيد“.
لجأ الشاب ديفيد سنة ١٩٨٧ للتدخل الجراحي ليعود ذكرا مجددا، إذ تلقى حقن هرمون الذكورة (التوستيسترون)، وأجرى عملية جراحية لإزالة الأثداء، وأجرى عمليتين جراحيتين لتركيب قضيب وترميم المتبقي، وفي سنة ١٩٩٠ تزوج الشاب ”جين فونتان“، وتبنيا سوية ثلاثة أطفال.
لكن أثر ما حدث في حياة الشاب لم يفارقه لحظة وفي عام ٢٠٠٤ وعمره ٣٨ عاماً قاد ديفيد سيارته لموقف سيارات بجانب محل بقالة وأطلق النار على رأسه بواسطة بندقية صيد ليغادر حياة صعبة وظالمة.
الكاتب
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال