قصة بطلة مسلسل أوبرا عايدة الحقيقية
-
طاهرة توفيق
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
في سنة 2000، قدّم الفنان الكبير يحيى الفخراني، مسلسل أوبرا عايدة والذي تزامن عرضه مع الجزء الثاني من مسلسل زيزينيا، فاكتسح المسلسل نسبة المشاهدات بسبب قصته المختلفة وقتها، حيث تناول قصة المُمرضة عايدة التي كانت حديث مصر وقتها.
جسّدت الفنانة حنان تُرك شخصية الدكتورة عايدة التي يتم سجنها بتهمة القتل الخاطئ، ويقوم المحامي أوبرا “يحيى الفخراني” بالدفاع عنها، وهي القصة التي استلهمها المؤلف أسامة غازي من قصة الممرضة عايدة التي كانت ترسل ضحاياها لقضاهم حقنا بعقار الفلاكسديل.
ويحكي المسلسل قصة سيد عبدالحفيظ، الشهير باسم “سيد أوبرا”، وهو محامي شهير بألاعيبه التي يدافع بها عن المجرمين وتجار المخدرات، وقصة عايدة طبيبة ماهرة تسكن في منزل بسيط بعد أن فقد والدها ثروته بسبب ألاعيب سيد أوبرا، وسرعان ما تتلاقى دروب (أوبرا) و(عايدة)، والمسلسل تأليف أسامة غازي وإخراج أحمد صقر، لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن الشخصية التي قدمتها حنان ترك هي شخصية حقيقة لها قضية قلبت الرأي العام وقتها.
عايدة نور الدين مُمرضة مصرية عملت لمدة سبع سنوات في قسم العناية الفائقة في مستشفى الإسكندرية الجامعي بإشراف طبيب الأعصاب هشام أبو رحمة، الذي كان كافة ضحايا عايدة من مرضاه.
وُلدت عايدة في سبعينات القرن العشرين في سنة 1973تحديدا، وفي صيف 1997، اتُهمت بقتل مريض والشروع بقتل 25 آخرين بحقنهم بمادة الفلاكسديل المرخي للعضلات في المستشفى الجامعي بالإسكندرية، ووجهت إليها المحكمة تُهمة القتل العمد للمريض عبد القادر إبراهيم مع الشروع في قتل من 25 إلى 29 آخرين، وتهمة اختلاس أموال عامة وهي الأدوية التي حصلت عليها من المستشفى.
كانت القضية مغطاة إعلاميا بشكل قوي، مما جعل القضية تتحول لقضية رأي عام، وحُكم عليها بالإعدام في الحكم الأول، وتم نقض الحكم عن طريق المحامي آمر أبو هيف (قريب السباح العالمي عبد اللطيف أبو هيف”، واستُبدل أبو هيف التهمة من تُهمة القتل العمد إلى تُهمة ضرر أفضى إلى موت، حيث العقوبة من 3 إلى 7 سنوات أشغال شاقة، وحكمت المحكمة عليها بـ 5 سنوات.
حظرت النيابة سفر الشهود، ورغم ذلك سافرت شاهدتين خارج البلاد، كذلك رفضت المستشفى استقبال المرضى 3 أيام بسبب إضراب الممرضات لرفضهن العمل خوفا من وفاة أي شخص، وحدث هرج ومرج مما جعل الشرطة تتدخل وتجبر الممرضات على مباشرة أعمالهم.
وكانت عايدة نور الدين قد أعطت المريض عبد القادر مادة ضارة وهو عقار الفلاكسديل المرخي للعضلات فمات بسببها، وكذا حقنته بالعقار في غير الحالات التي تستلزم استعماله وذلك دون الاستعداد الطبي المُتبع عند الاستخدام رغم علم المُمرضة أن المجني عليه في حالة لا تتطلب استعمال العقار، لكنه لم تكن تقصد من ذلك قتله وفقا لشهادتها، وأن سبب الوفاة هو ذلك العقار الخاطئ وهو ما ينطبق عليه المادة 236 من العقوبات، وقُضت عايدة خمس سنوات سجنًا.
كانت قصة عايدة مادة جذابة للصحافة المصرية لتكتب عنها في نهاية عقد التسعينات الأمر الذي استلمه أسامة غازي في مسلسله، وبدلا من أن تكون عايدة ممرضة، جعلها أسامة غازي طبيبة، ربما هربا من المسائلة القانونية، وحقوق الملكية الفكرية.
وبعد السجن، خرجت عايدة نور الدين في حلقة شهيرة مع الإعلامي وائل الإبراشي في برنامج الحقيقة بصحبة محاميها آمر أبو هيف وقالت حديث متناقض كثيرا، وحاول الإبراشي كثيرا أن يستنطقها، لكنها كانت تتهرب من الإجابة وتشير إلى الأستاذ أمير، الذي ترك الدفاع عن عايدة وتحول للهجوم على المستشفى الذي عُرفت بمستشفى الموت من وقتها، لكنها اختفت بعد ذلك ولم تظهر مرة آخرى.
قصة حب
لاحظ الدكتور عادل إن حالات الموت بعقار الفلاكسديل مصاحبة لتواجد عايدة نور الدين، وتتوقف حالات الوفاة بغيابها للأجازة، وعرض الدكتور عادل الموضوع على رؤسائه في العمل لكنهم طلبوا منه المداراة على الموضوع من أجل سمعة المستشفى، مع وعد بعمل تحقيق داخلي، وقتها حصل خلاف بين دكتور عادل وبين دكتور نبيل عبدالرحمن، وبدأ الاقسام إلقاء التهم على بعضهم البعض، قسم التخدير يسب في قسم العناية الفائقة وقسم الجراحة يذم في بقية الاقسام، وأصبحت المستشفى حرفيا على صفيح ساخن.
وفقا لاعترافات عايدة في النيابة، فهي حقنت المرضى فعلا بالفلاكسديل، لأنها تحب الدكتور هشام أبو رحمة، وتشعر بالسعادة عند رؤيته فكانت تحقن المرضى ليتم استدعائه، (عادت عايدة ونفت هذه الاعترافات في المحكمة، وقالت إن وكيل النيابة أجبرها على هذا الاعتراف).
في الاعترفات قالت عايدة: “قتلت 24 حالة من الـ 29، وبعد كدا انها حبيت الموضوع وحسيت إن فىه حاجة جوايا بتحركني وبتخليني استلذ بقتل وإنهاء حياة المرضي، وكنت بشعر بسعادة بالغة وأنا بشوف المرضى بيتقطعوا من تأثير الفلاكسديل، وسردت تفاصيل قتلها لكل حاله بمنتهى الدقة”.
استدعت النيابة الدكتور هشام أبو رحمة، والذي أنكر حبه ليها، وقال إنه عرف بمحبتها لها: “كانت بتحبني وعشان كدا قطعت معاها أي معاملة لمدة ثلاثة شهور، لحد ما زميلة ليها قالتلي عاملها زى ما بتعاملنا ومتقطعش معاها عشان هى غلبانه وظروفها وحشة، فرجعت أكلمها تاني”، وأعترف زملاء عايدة في التحقيقات بمعرفتهم بحبها للدكتور هشام أبو رحمة، وانها مستعدة لعمل اي شيء من أجله.
في الحلقة، واجهها وائل الإبراشي قائلا: “إنتي فعلا كنتي بتحبي الدكتور هشام”، فقالتله: “لا أنا بحب الأستاذ آمر المحامي”.
في اثناء التحقيقات كانت عايدة غريبة جدا، لانها كانت تعترف من تلقاء نفسها، ثم وهي في قسم المنتزه وكان التحقيق معها في الدور الأول، ألقت نفسها من الشباك في محاولة انتحار، وقتها كتبت الصحافة إنها محاولة بائسة من عايدة لتتخلص من التحقيقات والضغط النفسي الذي كانت فيه.
وقتها سأل ووائل الابراشي سؤال مهم للغاية، أنقله نصا: “وطالما عايدة بريئة ومقتلتش.. مين اللي قتل وإزاي فيه 30 واحد ماتوا من غير ما حد يتحاكم بتهم قتلهم، وليه بتتستروا على القتلة الحقيقيين وقال لعايدة ما يمكن انتي قاتلة فعلا .. لكن ادانتك كانت هتدين مهنة الطب في مصر وسمعة المستشفى والدكاترة، وكان الحل في انك تاخدي حكم خفيف ومبسط ليس الا… ويبدو أن الجملة كانت عصية على فهم عايدة، فقالت له الاستاذ امر يرد بقى”..
الكاتب
-
طاهرة توفيق
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال