قصة حاكمة مدغشقر المجنونة التي سممت شعبها لمدة 33 عام
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
وصفها المؤرخون بالفترة السوداء في تاريخ شعب مدغشقر التي امتدت على مدى 33 عاماً ما بين سنة 1828-1861م
هي الملكة رانا فالونا الأولى والتي حكمت بلادها بالحديد والنار, فكيف وصلت إلى الحكم..؟
نشأتها
ولدت رانا فالونا الأولي سنه 1788م لعائله فقيرة جدا تقطن بالقرب من منطقة “انتاناناريفو” بمدغشقر وقد حدث مع هذه العائلة الفقيرة حادثه قلبت موازين حياتهم بالكامل.
خلال فترة طفولة رانا فالونا تمكن والدها من إنقاذ حياة الملك عن طريق تحذيره من محاولة اغتيال تحاك ضده وبفضل هذا العمل نجا الملك من الموت فقرر مكافئة هذه العائلة الفقيرة ماذا فعل إذا .
قرر الملك تبني ابنتهم رانا فالونا وضمها للعائلة الملكية ومرت الأيام وهي تعيش في كنف العائلة الملكية وبعد وفاة الملك ورث ابنه رادما الأول العرش وتزوج من رانا فالونا لتصبح رانا فالونا زوجه الملك رادما الأول وواحده من زوجات رادما الإثني عشر .
كيف اعتلت رانا فالونا عرش جزيرة مدغشقر ؟
عقب وفاة رادما الأول سنه 1828م عن عمر يناهز 35سنه لم يكن هناك وريث للعرش لعدم إنجاب رادما الأول وكان من المفترض تولي ابن اخت رادما العرش ولكن لم تسمح رانا فالونا بحدوث ذلك وقررت الاستحواذ على السلطة بمساندة فرقه من الجيش ونجحت في ذلك واعتلت عرش جزيرة مدغشقر وقامت بقتل كل من نازعها علي العرش من العائلة الملكية !!
“فترة حكم رانا فالونا الأولي” استمرت ثلاثة وثلاثين سنه وخلال فترة حكمها اتجهت رانا فالونا الأولي الي طريقه وحشيه وهمجيه تسببت في موت عدد هائل من سكان جزيرة مدغشقر ،وهذه الطريقة تسمى “تانجينا” نسبة الي شجرة سامة عرفت في مدغشقر منذ القدم حيث استخدمت هذه الشجرة في المظالم ومعرفة الظالم من المظلوم واستخدمت رانا فالونا هذه الطريقة في محاكمة شعبها كما استخدمتها أيضا في التأكد من ولاء شعبها.
ويُعد إجراء المحاكمات بواسطة اختبار التانجينا أحد الإجراءات الرئيسية التي اتخذتها رانافالونا؛ لحفظ النظام في المملكة، كان المتهم يتناول السُم الذي يستخرج من بذور شجيرات التانجينا، ثم تحدد النتيجة ما إذا كان بريئاً أم مذنباً.
في حالة خضوع النبلاء والأحرار إلى إجراء هذا الاختبار، فكان السُم يُعطى أولاً لكلب وديك كبدلاء، ولا يُعطى للمتهم إلا إذا مات الكلب والديك من تأثير السُم، أما بالنسبة لطبقة العبيد فكان الاختبار يلزمهم أن يتناولون السُم بأنفسهم في الحال.
كان المتهم يُعطى السُم مضافاً إلى ثلاث قطع من جلد الدجاج، فإذا تقيأ الثلاث قطع ظهرت بذلك براءته، أما إذا مات أو فشل في تقيؤ الثلاث قطع، كان ذلك إشارة لإدانته.
وفقاً لمؤرخ القرن التاسع عشر الملاجاشي راومبانا، اعتقد معظم الناس أن اختبار التانجينا يمثل نوع من العدالة الإلهية التي آمنوا بها إيماناً مطلقاً، لدرجة جعلتهم يتقبلوا حكم الإدانة في حالة البراءة كحكم عادل ولكنه سر إلهي غير معلوم.
استُخدم اختبار التانجينا إلزامياً للفصل في اتهام سكان مدغشقر بعضهم البعض بجرائم مختلفة مثل السرقة واعتناق المسيحية، ولا سيما السحر، وقُدر متوسط عدد من ماتوا من 20 إلى 50 بالمائة من الذين خضعوا للاختبار.
تسبب اختبار التانجينا في موت حوالي 1000 شخص سنوياً في الفترة من عام 1820 إلى 1829، وارتفع متوسط عدد الوفيات لحوالي 3000 شخص سنوياً بين عام 1828 و 1861.
قُدر عدد الوفيات في إيمرينا بسبب اختبار التانجينا عام 1838 بما يصل إلى 100,000 شخص، أي ما يمثل حوالي 20 بالمائة من السكان.
واستمر العمل باختبار التانجينا سراً في إيمرينا وعلناً في أجزاء آخرى من الجزيرة، بالرغم من تجريمه عام 1863
كما استخدمت أيضا طرق وحشيه أثناء تطبيق حكم الإعدام علي المتهمين وتراوحت بين تقطيع الأطراف وشطر أجساد المتهمين الي نصفين والغلي في الماء الساخن.
قامت أيضا رانا فالونا الأولي أثناء فترة حكمها بشن حملات عسكريه علي المناطق النائية من البلاد لاخضاعها كما حاربت انتشار المسيحية وقالت أنا لا أعترف بدين سوي دين ابائي وأجدادي واتخذت إجراءات قاسيه ضد المسيحيين، وفي إحدى المرات أمرت بتعليق عدد من المسيحيين علي اعلي جرف وقذفتهم علي صخور مدببة أودت بحياتهم.
كما أجبرت شعبها علي العمل بالسخرة في مشاريع الدولة لتحسين البنيه التحتية للبلاد ورفض التدخل الأجنبي مما ترتب عليه موت اعداد كبيره من العاملين بسبب قسوة المناخ وصعوبة الظروف.
كما تعرضت البلاد أيضا للعديد من الأوبئة والمجاعات بسبب سوء الإدارة والتصرف وقد ترتب علي كل ذلك تراجع عدد سكان جزيرة مدغشقر من خمسة ملايين سنه 1833م الي إثنان ونص مليون نسمه فقط بحلول عام 1839م.
وفاتها
وفاة رانا فالونا الأولي” في السادس عشر من أغسطس سنة 1861م فارقت رانا فالونا الحياه عن عمر يناهز 83سنه بعد أن قضت 33سنه في مدة الحكم تسببت خلالها في مقتل الملايين من شعبها وكانت فتره من اقسي الفترات الي مرت بها جزيره مدغشقر.
المصادر:
1- تاريخ افريقيا الحديث ،/د الهمام محمد علي ذهني
2- سياسه فرنسا التوسعية في شرق افريقيا ،/د الهمام محمد علي ذهني
الكاتب
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال