قصة حسن عابدين ومشروع تأسيس فرقة مسرح إسلامي

مزيج غريب بين الموهبة وحب الفن مع الأصولية الدينية والصرامة في التعاملات الاجتماعية، هذا هو حسن عابدين صديق الشيخ الشعراوي والوحيد الذي علم سر شويبس، والحقيقة أن هذه الحالة من التذبذب والتأرجح بين الأفكار الدينية الأصولية وحب الفن الذي يصبغ العاملين فيه بصبغة الحرية والتحرر لم تصيب الفنان الراحل حسن عابدين فقط، وإنما أغلب الفنانين والفنانات الذين لمعوا في فترة السبعينيات والثمانينيات وتأثروا بأفكار الشيخ الشعراوي مروا بهذه المراحل تقريبًا، وهذا ما تسبب في ظهور موجة من الاعتزال وارتداء ممثلات الحجاب، وكانت بين هذه الظواهر محاولات حسن عابدين لتأسيس فرقة مسرح إسلامية.

علاقة حسن عابدين بالشيخ الشعراوي

على الرغم من أن بعض مشاهد الفنان حسن عابدين حفرت في ذاكرة المشاهدين مثل (أنا عايز واحدة تهزقني) من فيلم درب الهوى، ومشهد (شفيق ياراجل) من مسرحية عش المجانين، وأيضًا مسلسله الشهير (أنا وأنت وبابا في المشمش) إلا أنه كان لديه شعور عميق مستمر بعدم التقدير، وأن صناع السينما والمسرح لم يعطونه حقه في تقديم أدوار يستطيع من خلالها إظهار إمكانياته التمثيلية الكبيرة.

حكاية فيلم السندريلا عن أفغانستان الذي لم ير النور حتى موت أبطاله

وكان حسن عابدين دائمًا تاه ما بين حبه للفن والتمثيل، وإيمانه بالدور المجتمعي الذي جعله يحاول طوال الوقت أن يظهر في أعماله ليقدم رسائل دينية واخلاقية، فحتى دوره في فيلم درب الهوى ومشهده الشهير الذي ذكرنا، فقد حكى ابنه خالد، أنه عندما شاهد فيلم (درب الهوى) بعد الانتهاء منه، استشاط غضباً حتى أنه طرد المخرج حسام الدين مصطفى من منزله، وذلك لأنه شعر بخداع الأخير له، فهو لم يكن يتخيل أن يخرج الفيلم بهذه الصورة التي لا تتفق مع مبادئ حسن عابدين.

وفي منتصف السبعينات عندما كان حسين عابدين يشارك في بطولة مسرحية (عش المجانين) مع ليلى علوي ومحمد نجم، سافر لأداء العمرة، وهناك تعرض على موقف غير له حياته تمامًا، حيث نهره أحد الحراس هناك وقال له (ابعد من هنا انت ممثل) فشعر عابدين أن هذه علامة من الله بأن يعتزل الفن، وبالفعل عندما عاد أبلغ محمد نجم بطل مسرحية (عش المجانين) ان يبحث عن ممثل بديل له، ولكن اقترح عليه صديقه الممثل إبراهيم الشامي الذهاب على الشيخ الشعراوي واستشارته في الأمر.

عن فيلم حسين صدقي الذي رفضه الملك وأبناء الثورة بسبب الفتنة الطائفية

وبالفعل كانت هذه الزيارة بداية علاقة من الصداقة ربطت بين حسن العابدين والشعراوي ولم تنتهي إلا بوفاته، وعندما ذهبوا للشعراوي عارض قرار اعتزال حسن بالاعتزال، وقال له أن عليه هو والاخرون من أصحاب المبادئ تقديم المزيد من الأعمال لنشر أفكارهم وقيمهم في مواجهة “الانحلال”، واستكمل حسن العابدين المسرحية، وكان يستشير الشيخ الشعراوي في الأعمال التي تعرض عليه.

وبعد فترة قليلة من هذه العلاقة بدأ الفنان حسن عابدين في تقديم حلقات تلفزيونية بعنوان (نور الهدى) كانت تتناول القضايا الاجتماعية والمواقف اليومية بمنظور ديني وشارك فيها الشيخ الشعراوي، حيث كان يعلق لمدة نصف ساعة على القضية التي تتناولها الحلقة، وشاركتهم في هذه الحلقات التلفزيونية الفنانة ليلى طاهر وعدد من الفنانات اللاتى كن يؤدين أدوارهن مرتديات الحجاب، ولكن التلفزيون المصري لم يعرض حينها سوى 3 حلقات على القناة الأولى، ولم ترى بقية الحلقات النور.

حسن عابدين والمسرح الإسلامي

في عام 1982 تفتق إلى ذهن حسن عابدين الذي كان يزداد تقربًا من الشيخ الشعراوي فكرة تأسيس فرقة مسرحية إسلامية، وكان شركائه في هذا المشروع شكري سرحان وإبراهيم الشامي ومحمد السبع ورشوان توفيق ومحمد الدفراوي، ولكن هذا المشروع لم يكتمل بسبب رفض الأجهزة الأمنية له، والذي اعتبروا أن فكرة المسرح الإسلامي في ظل الصراع الذي كان يعيشه المجتمع المصري مع الجماعات الإسلامية عقب اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، ما هي إلا مغازلة من الفنانين أصحاب الفكرة للتيار الديني.

إقرأ أيضا

الجمال النائم على طريقة الرقص المعاصر

وبعدها استمر حسن عابدين في تقديم برامج تتحدث عن أحوال المجتمع والناس من منظور ديني وتربوي أطلق عليها (برامج النقد المباشر) من خلال الإذاعة مثل (مش معقول) و(عجبي) حتى توفى حسن عابدين في عام 1989 في لندن بعد إصابته بمرض السرطان، تارك وراءه أعمال فنية مشاهد مازالت موجودة حتى اليوم.