قصة طلب زراعة عين لطه حسين “المتبرع موظف ويبلغ 23 عامًا”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
فقد طه حسين البصر جراء الجهل، فقد أصيب في السادسة من عمره بمرض الرمد الصديدي، وكانت عائلته فقيرة المال ولم يستطيعوا علاجه عند طبيبه، فعالجوه عند حلاق القرية، وكلان الدواء خاطئًا للداء فصار كفيفًا مدى الحياة.
طلب زراعة عين لطه حسين
عاش طه حسين حياته وأحدث صخبًا وإرثًا فكريًا كبيرًا رغم إعاقته، ومع ذلك فقد حاول أحد الأشخاص أن يتبرع بعينٍ من عينيه لطه حسين.
اقرأ أيضًا
رأي أولاد الأدباء في آباءهم “بنت طه حسين تنتقده ونجلة المنفلوطي ترفض المجاملة”
بالحروف الأولية من اسمه كتب أ.ح خطابًا إلى مجلة المصور بصندوق بريد 2254 – القاهرة، استهله بقوله «أكتب إليكم هذا، وكلي أمل أن تتحقق أمنيتي الكبيرة، فأنا شاب في الثالثة والعشرين، ثقافتي فرنسية وموظف بأحدى الشركات في وظيفة رئيسية».
وتابع المرسل «أما عن أمنيتي فهي أني أريد أن أقدم عيني اليمنى، لعبقري الجيل الدكتور طه حسين باشا، اعترافًا بعبقريته وتقديرًا لمكانته، ويلوح لي أن تحقيق هذه الأمنية عسير، ولكنني أستحلفكم بكل عظيم أن تبذلوا ما في وسعكم لإقناع طه باشا، فإنني أدرك تمامًا من هو طه حسين، فذلك الرجل الشهم يحمل بين ضلوعه نفسًا أبيًا، وسوف يأبى ويرفض بأنها تضيحة مني وما هي بتضحية».
واختتم طالب زراعة عين لطه حسين خطابًا قائلاً «فإنني أقدم له عينًا واحدةً فقط، وسيرضيني أن أعيش بالأخرى، بل إن السعادة ستملأ قلبي عندما أقدم للعبقري الجليل عيني ويرى بنفسه ثمرات عبقريته والورود التي غرسها أدبه وإنتاجه ليؤسس بها حديقة الحضارة والإنسانية».
مجلة المصور خلال ردها على الخطاب في عدد 15 فبراير 1952 م قالت «إن هذا شعور نبيل منك نحو أستاذنا الجليل طه حسين باشا، وهو شعور نحييه فيك ونقدره قدره، وإن كنا نعتقد أنه ليس شعورك وحدك، بل هو شعور ملايين المصريين الذين أحال هذا الرجل الكبير ظلام حياتهم نورًا».
وواصل محرر المصور رده بقوله «إن الدكتور طه حسين باشا ليس في حاجة إلى عيني ولا إلى عينك، فقد وهبه الله من نور القلب ونور البصيرة ما أغناه عن نور البصر، وجعله يرتفع بقدره فوق أقدار كثير ممن يبصرون، وثق يا سيدي أن طه حسين يحس تمامًا بثمار غرسه بل إنه يراها لأنه يحس بقلبه ولن تخفى على القلب خافية».
الاستحالة الطبية في زراعة عين لطه حسين كانت أيضًا موجودة وعبر عنها محرر المصور بقوله «وفضلاً عن هذا فإن تطوعك النبيل يستحيل تنفيذه طبيًا، لأن عملية ترقيع القرنية لا تأتي بفائدة إلا إذا أجريت في الوقت المناسب، وقبل أن تفقد أعصاب العين حيويتها بمرور الزمن ويصيبها الضمور، ولسبقك إلى هذا التطوع المشكور آلاف وآلاف ممن يقدرون فضل طه باشا حسين وعلمه وأدبه»
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال