قصة كاتب وراء أول أغاني أم كلثوم “أدخل العلوم الحديثة للأزهر قبل 296 سنة”

لم تنفصل أول أغاني أم كلثوم الرسمية عن محيط بيئة بدايتها إذ تحسست أول خطواتها الفنية بالأغاني التراثية متمثلةً في الإنشاد الديني، لكن هناك جوانب تبدو خافية على البعض بشأن أول من تغنت كوكب الشرق بكلماته.

تبلغ مسيرة كوكب الشرق الغنائية 49 سنة من صدور أشهر أغاني أم كلثوم سنة 1924 م، الصب تفضحه عيونه، حتى أغنية ليلة حب عام 1973 م؛ لكن لم تلقى أغنية الصب تفضحه عيونه شهرةً في بدايات أم كلثوم مثل أغنية وحقك أنت المنى والطلب.

أول أغاني أم كلثوم .. ببصمة أزهرية

التقى الشيخ أبو العلا محمد بكوكب الشرق ملحنًا منذ بدايتها، وأنتجا عدة أغاني لشعراء كُثُر، لكن باعتبار أنه من عشاق كوكب الشرق، جعلها تغني أغنيته التي أداها في شبابه “وحقك أنت المنى والطلب”، والتي حققت حينها مبيعات كبرى في شركات الأسطوانات.

مؤلف أغنية وحقك أنت المنى والطلب، كان أحد المؤسسين الأوائل لإصلاح الأزهر وفق ما كان زمانه يطلب، وكان أقدم الواضعين للبنة نهضة الأزهر، وهوالإمام الأكبر السابع الشيخ عبد الله الشبراوي.

ولد الشيخ الشبراوي سنة 1681 م بالقاهرة وكان جده عالما أزهريا مشهود له بالعلم والكفاءة، حفظ الشيخ الشبراوي القرآن الكريم، ثم رحل إلى الأزهر، وبالأزهر تعلم وتتلمذ على يد رجال الأزهر وكان أشهر معلميه: الشيخ الخراشي، الشيخ حسن البدري، الشيخ شهاب الدين أحمد النحلي الشافعي، الشيخ خليل اللقاني، الشيخان الزرقاني والنفراوي”.

اقرأ أيضًا 
رجال حول الست أم كلثوم .. الشيخ أبو العلا محمد المعلم الأول

تولى الشيخ الشبراوي مشيخة الأزهر عام 1724 م، برغم الصعوبة البالغة في أن يتنازل أصحاب مذهب عن شيء في أيديهم لأصحاب مذهب آخَر مهما كانت قيمته، وبخاصة أن المتنازل عنه هو منصب المشيخة.

نجح الشبراوي بتولي المنصب نظرا لأنه أثبت كفاءته أمام المالكية ولأنه تتلمذ على الأئمَّة الذين سبقوه إلى أريكة المشيخة، كذلك فقد كان هناك أمر دعّم وضعه حيث أن الشيخ الخراشي أَذن له في النقل عنه وهو صبي في الثامنة من عمره؛ لأنه كان يحفظ كتب السنة الستة ويرويها بإذنٍ من شيوخه، وهذا يعني أنه كان من الحفاظ الذين يشار إليهم بالبنان، وينتقل إليهم طلاب الحديث من مكانٍ إلى مكان ومن بلد إلى بلد.

كانت للشيخ الشبراوي مكانة عظيمة عند الحكام وبين العلماء، وكان الناس إذا مسهم ظلم من الحكام توجهوا إلى علماء الأزهر، وعلى رأسهم الإمام الشبراوي.

ظل الشيخ الشبراوي في منصبه مدة طويلة، ليس بسبب شدته وإنما لأنه لم يكن شديدا من الأصل بل كان محاورا ممتازا، وقوي الحجة ويجادل بالحسنى، وبرغم أنه كان غنيا إلا أنه لم يبخل على الأزهر بشيء وأنفق ماله في رفعِ شأن الأزهر وعلمائه وطلابه.

إقرأ أيضا

الكوبرا المصرية مصدر الرزق في أمريكا “قصة حقيقية جرت وقائعها سنة 1967م”

موقف وطني من الشيخ الشبراوي مع الأقباط

تروي موسوعة شيوخ الأزهر، أنه ذات مرة قصد الأقباط الحج إلى بيت المقدس، وكان كبير النصارى – ويسمى في ذاك الوقت نوروز كاتبا عند رضوان كتخدا، فتكلَّم الشيخ ” الشبراوي” في ذلك، وأصدر فتوى موجزها: “إن أهل الذمَّة لا يمنعون من ممارسة دياناتهم وزيارتهم للقدس”، فهلل الأقباط لهذا، وأقاموا احتفالات ضخمة برغم رفض بعض المتشددين من الأزاهرة.
الشيخ ” الشبراوي” هو أول من أدخل العلوم الحديثة بالأزهر، وبخاصة الرياضيات وعلوم الاجتماع، إضافة للعلوم الدينية والعربية، والعلوم النقلية والعربية، وكان له تلاميذ كثيرون منهم: الشيخ علي بن شمس الدين محمد الشافعي الخضري، والشيخ إبراهيم بن محمد بن عبد السلام الزمزمي المكي والوالي عبد الله باشا بن مصطفى باشا الكوبريلي الذي ولاه السلطان العثماني محمود الأول ولاية مصر والشيخ أحمد بن عيسى العماوي المالكي.
وللشيخ الشبراوي مؤلفات عديدة منها “مفاتح الألطاف في مدائح الأشراف، الإتحاف بحب الأشراف، شرح الصدر في غزوة بدر، العقد الفريد في استنباط العقائد من كلمة التوحيد”.

وظل الإمام الشبراوي في منصبه كشيخ للأزهر لمدة 32 سنة، إلى أن توفي 1757 م