قناة الجزيرة وفيلم السرب .. تفنيد ما قالته الفضائية القطرية والرد عليه
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لا يمكن أن تختفي ثنائية قناة الجزيرة وفيلم السرب بعد طرح شركة سينرجي لبرومو العمل السينمائي قبل مرور الذكرى السادسة على الثأر لشهداء الأقباط في ليبيا بـ 24 ساعة.
خصصت قناة الجزيرة ثلث ساعة عن الفيلم لمناقشة برومو الفيلم واستضاف مذيعها عبر اسكايب كل من الصحفي منير أديب من القاهرة، للرد على اثنين بنفس ذات الحلقة وهما سليم عزوز الذي عرفته القناة بالصحفي، وأسامة صفار الذي استضافته بصفته ناقد فني.
قناة الجزيرة وفيلم السرب .. ما زعمته الفضائية القطرية
أبرز ما يمكن ملاحظته حول قناة الجزيرة وفيلم السرب أن الفضائية القطرية وقعت في خطأ إملائي ـ ربما ليس فيه حُسْن نية ـ حينما رفعت الثلث ساعة على يوتيوب وجعلت الفيلم عنوانه السراب وليس السرب.
اقرأ أيضًا
لماذا حذفت قناة الجزيرة مقال هشام عشماوي الوجه الآخر من الاختيار ؟
خلال الـ 20 دقيقة أكد عزوز وصفار على 4 أمور هي «الرئيس عبدالفتاح السيسي يحتذي حذو الرئيس جمال عبدالناصر في استخدام الفن لتمجيده، تنظيم الدولة لن يشاهد الفيلم فلمن إذًا الفيلم، فيلم السرب سيفشل مثل مسلسل الاختيار، الليبيين مظلومين في أعمال مصر الفنية».
مسألة تشابه استخدام الفن بين الرئيسين جمال عبدالناصر وعبدالفتاح السيسي
هناك اتفاق على أن الرئيسين جمال عبدالناصر وعبدالفتاح السيسي يستخدمان الفن، غير أن هذا ليس حكرًا على كليهما أو أحدهما، فكل الأنظمة بشتى أنواعها السياسية تستخدم الفن من أجل أهداف وطنية وقومية، ففي تركيا أردوغان هناك قيامة أرطغرل ووادي الذئاب والعهد وعاصمة عبدالحميد، وفي إيران يوجد مسلسل مختار نامه، كذلك في الولايات المتحدة الأمريكية توجد سلسلة أفلام مايك بانينج، فضلاً عن أفلام جيمس بوند البريطانية.
غير أن هناك ثمة اختلافات بين طريقة النظام الناصري في التعامل مع الفن وبين طريقة الرئيس عبدالفتاح السيسي، أبرز هذه الاختلافات أن أفلام عصر الرئيس عبدالناصر كانت موجهة ومباشرة من أجل الترويج لأيدولوجية النظام، بينما الأعمال الفنية في عصر الرئيس السيسي وإن كانت موجهة ومباشرة لكن هدفها الأول كان توعويًا بشأن قضايا معاصرة، وبعمل مقارنة في هذا الإطار يتضح الاختلاف.
اقرأ أيضًا
آسيا وفيلم الناصر صلاح الدين “جوانب لم تحكيها المواقع عن إفلاس أشهر منتجة سينمائية”
كانت الأعمال الوطنية في عصر الرئيس عبدالناصر مباشرة بشكل كبير وعلى حساب أشياء كثيرة وكافة الأفلام المباشرة لم تلقى نجاحًا جماهيريًا مثل فيلم ثورة اليمن وفيلم غروب وشروق، وحتى الأفلام التي بها إسقاطات سياسية مثل فيلم الناصر صلاح الدين لم يكن خادمًا لفكرة القومية العربية لأن فكرة الفيلم لا يمكن أن يكون لها صلة بأيدولوجية النظام لأسباب تاريخية.
اقرأ أيضًا
جمال عبدالناصر في فيلم بورسعيد “خطأ فني من المخرج بمحتوى تاريخي”
الفيلم الوحيد الذي نجا بنسبة 90 % من مقصلة الفن المباشر كان فيلم بورسعيد والذي كان موضوعه حول بطولات المقاومة الشعبية فقط لا غير، دون التطرق إلى القوات المسلحة إذ كان دورها في العدوان الثلاثي معدومًا ومُحْرِجًا للنظام الناصري.
أما الأعمال الفنية التي صدرت في عصر الرئيس عبدالفتاح السيسي فكان في بدايتها أعمال ذات إسقاطات واقعية دون الاعتماد على قصص حقيقية مثل مسلسل كلبش الجزء الثاني، ثم تطورت خريطة الأعمال الفنية بالأعمال الموجهة المباشرة مثل مسلسل الاختيار، لكنه تخلى عن النمطية المعتادة فهو كان صريحًا في إظهار كل شيء بالقوات المسلحة فكما أظهر مواقع البطولة أظهر أيضًا مواقع الخسائر، كذلك لم يُظهِر أفراد القوات المسلحة بمظهر الهيرو وإنما أظهرهم بشكل إنساني، فيهم الضعف والقوة.
اقرأ أيضًا
كيف صنعت الجزيرة خبرا مزيفاً ؟ وكيف كشفناه
ثاني الاختلافات أن الأعمال الفنية في عصر جمال عبدالناصر كان هدفها الخارج أكثر من الداخل، لذا فكان للفن المصري زمن ناصر قوة وتأثير بالخارج أكبر من الداخل عبر السينما والغناء، وهو الشيء الذي ليس موجودًا حتى الآن في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، فالتأثير الخارجي تمثل في السينما والدراما، أما الأغنية فلا زالت تنتظر الإنعاش.
تنظيم الدولة لن يشاهد الفيلم فلمن الفيلم ؟
عملت قناة الجزيرة على اللعب بوتر أن الفيلم مُوجَّه لمن ؟ فتنظيم الدولة الإرهابي لن يشاهد الفيلم، وكان هذا رأي سليم عزوز مع المذيع، وفي الحقيقة هذه سطحية غير متناهية، فالعمل الفني ليس موجهًا لتنظيم الدولة الإرهابي ولا مؤيديه غير الموجودين باعتراف القناة نفسها، إنما العمل الفني موجه للجمهور الذي تخفى عنه جوانب كثيرة عن بطولات القوات المسلحة المعاصرة.
مقارنة فيلم السرب بمسلسل الاختيار
تتبنى قناة الجزيرة أيدولوجية تقول أن مسلسل الاختيار فشل فشلاً ذريعًا ودليل ذلك أنه لم يتم عرضه لفضائيات عربية والحقيقة أن هذا غير صحيح فقناة MBC DRAMA وقناة ART عرضتا المسلسل، إلى جانب استطلاع رأي الجمهور في نسب المشاهدة، وحتى خلال أيام فإن المنتج تامر مرسي قام برفع مسلسل الاختيار على يوتيوب بطريقة الفيلم السينمائي بعنوان فيلم الاختيار وحقق الفيلم مليون وربع مشاهدة في 48 ساعة، وردود فعل العرب لا تقل إعجابًا بردود فعل المصريين.
اقرأ أيضًا
الاختيار : إنت استثنائي .. مش زي الباقي
تُغْفِل قناة الجزيرة شيئًا هامًا وهو أن الأولوية للأعمال الوطنية حاليًا هدفها التأثير أكثر من الانتشار وهو ما حققته كافة الأعمال المصرية مؤخرًا؛ إلى جانب كل هذا فإن القنوات العربية لم تعتاد على شراء أي عمل فني له صلة بالقوات المسلحة سواءًا الأعمال التي تناولت فترة العدوان الثلاثي نكايةً في جمال عبدالناصر أو فترة حرب أكتوبر نكايةً في أنور السادات، فضلاً عن (النفسنة) من مصر؛ فلما جاء مسلسل الاختيار وعُرِض في الفضائيات العربية كان هذا سابقةً بعدما اعتاد على شراء الأعمال التاريخية والاجتماعية فقط.
اقرأ أيضًا
قنوات الإخوان ومسلسل الاختيار “كيف استعانوا بوثائقي قناة الجزيرة فتورطوا في الكذب ؟”
فمسألة أن فيلم السرب سيفشل مثل مسلسل الاختيار لا تستحق عناء الرد، إذ أن الفيلم لم يُعْرَض والمسلسل لم يفشل أصلاً بدليل حالة الهياج التي جرت وقت عرض المسلسل ولا زالت مستمرة مع عرض صور الجزء الثاني منه.
الليبيين مظلومون في أعمال مصر الفنية
أكد سليم عزوز على أن فيلم السرب سيظلم الليبين كما ظلمهم في مسلسل الاختيار، فعملية القبض على هشام عشماوي لم تكن على يد القوات المسلحة وإنما على يد الليبيين.
والرد على هذا ببساطة أن فيلم السرب لم يعرض حتى يتم الحكم عليه، كذلك فإن مسلسل الاختيار لم يذكر بالتصريح أو حتى بالتلميح أن عملية القبض على هشام عشماوي تمت عن طريق القوات المسلحة المصرية وإنما أنصف الليبيين ـ ويبدو أن سليم عزوز لم يشاهد المسلسل أيضًا ـ.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال