قوة القلم أقوى من السلاح.. روايات هزت العالم وغيرت الواقع (1)
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
معظمنا يعشق الأدب والقراءة والروايات، ونقرأ الكتب كنوع من أنواع الترفيه عن النفس، أو للثقافة العامة، أو للدراسة، ولكن هناك بعض الكتب والروايات التي استطاعت تغيير العالم دون إراقة نقطة دماء واحدة، فقط التسلح بسيف الكلمة ودرع الحق استطاع القلم أن يكتب أقوى الكلمات.
رواية “كوخ العم توم” التي حررت الأمريكيين السود
رواية كوخ العم توم هي واحدة من أقوى وأشهر الروايات على مستوى العالم، والتي بسببها قامت الحرب الأهلية في الولايات المتحدة الأمريكية، وبدء فصل جديد من الحرية، بعيدًا عن القمع والعنصرية، قامت الكاتبة “هيريت بيتشر ستو”، بكتابة الرواية في عام 1852م، وقد حققت الرواية مبيعات ضخمة للغاية، وانتشرت بين القراء كانتشار النار في الهشيم، وأيقظت الهمم بداخل القلوب، وحررت العقول من الاستعباد والقمع، وغيرتهم لأشخاص مناضلون يحاربون من أجل الحرية، بعد أن عانوا لسنوات طويلة من ظلم الاستعباد والقمع والعنصرية، وعاشوا فصول مظلمة في تاريخ احتقار السود، واستطاعت كلمات هيريت أن تكون سلاحًا رادعًا لكل أشكال التمييز والعنصرية، وكانت روايتها تلك هي السبب الرئيسي لاندلاع الحرب الأهلية الأمريكية التي حررت الأمريكيين السود.
الاشتراكية والرأسمالية وما بينهما
قضى روبرت تريسيل سنوات شبابه الأولى في دولة جنوب أفريقيا، والتحم هناك بالعمال ورأى معاناتهم عن قُرب، وانضم لجمعيات تهتم بهم وبحقوقهم، وكان يسعى للحفاظ على آدمية العمال وحقوقهم في كل العالم، واصبح ذلك هدفه ودربه، وشجعه على ذلك كونه من بريطانيا الدولة المتحضرة، وأنه كان مُثقفًا للغاية وعلى دراية بالحقوق والواجبات، ولكنه تفاجأ حين عاد إلى بريطانيا بأن الحال هناك لا يختلف عن جنوب أفريقيا كثيرًا، إن لم يكن أسوء، حيث وجد ظروف العمل غير مناسبة للعمال، وضد الإنسانية بكل المقاييس، ورأى أن العمال يعيشون أيامًا من الظلم والعبودية، فما كان منه إلا أن يستخدم أقوى سلاح لديه وهو القلم وكتب ذلك الكتاب الرائع بعنوان “الاشتراكية والرأسمالية وما بينهما” والذي نُشر عام 1914م، وهو راية خيالية سياسية، نصور مجموعة من العمال الذين يعانون من ظروف العمل الغير مناسبة صحيًا وإنسانيًا، ومعانتهم من التعذيب والقمع واللإنسانية، فيسعون لتغيير أوضاعهم ويحضرون للقيام بثورة وعي جماعي تضمن لهم تحسين ظروف العمل، وقد أثر ذلم الكتابة في الطبقة العاملة آنذاك بشدة، وأحدثت كلمات تريسيل ثورة ثقافية ووعي لدى العمال، واصبحوا أكثر دراية بحقوقهم وتمردوا على أوضاعهم الخاطئة، وأخذت الأمور تعود لنصابها الصحيح رويدًا رويدًا، والفضل يعود لقلم روبرت تريسيل.
رواية “الغاب” المرآة التي كشفت قبح المجتمع البرجوازي
منذ أن نُشرت في عام 1906م، وحتى وقتنا هذا لن تجد رواية في مثل قوتها في ذلك المجال، حيث كان قلم “أوبتون سينكلير” حادًا ورفيعًا، انغرز في قلوب الفاسدين، تتحدث الرواية عن مهاجر ترك بلاده الفقيرة وذهب لأمريكا باحثًا عن الثروة، وفرش طريقه بالأحلام الوردية، ولكن انتهى به المطاف مُقيدًا في مصنع تعليب اللحوم، وكان يعمل ليلًا ونهارًا بنظام أشبه بالاستعباد ليحصل على قروش قليلة في لنهاية، لم تشبع بطنه ولن تحقق حلم الثراء، ليكتشف في النهاية أنه هرب من الفقر للاستعباد، حاله كحال آلاف المهاجرين الآخرين، في حين يحقق ذلك الاستعباد الثروة والربح لرؤسائه من الطبقة البرجوازية، الذين تكون ثروتهم الحقيقية هم ذلك العمال الذين يعملون ليلًا ونهارًا لتدر الفلوس دون أن ينالوا منها سوى بضعة قروش، ليظهر بتجلي عفن ووحشية تلك الطبقة البرجوازية وكيف نخر الفساد أرواحهم، كما ذكر الكاتب وجه آخر للفساد والجشع عندما ذكر عدم مراعاة قواعد النظافة والصحة في إنتاج اللحوم، ولكن المهم هو الربح وزيادة المكاسب حتى لو كان الثمن أرواح أناس آخرين.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال