كابوس تعيشه الإسكندرية كل صيف.. الأهالي: “مش عارفين نعيش من التحرش والزحمة”
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
مع بداية موسم المصايف في يوليو وحتى تخف زحمة الصيف نهاية أغسطس، تعلن الإسكندرية حالة الطوارئ المعتادة كل عام؛ حيث تصبح الشوارع غير صالحة للاستهلاك الآدمي، وتصح مقولة الأجداد: “من خرج من داره يقل مقداره”. ازدحام غير طبيعي على الشواطئ والطرقات، وتحرش جماعي وفردي في كل مكان. أبرز الشكاوى التي حولت عروس البحر المتوسط إلى “كابوس” في نظر قاطنيها.
ظهر مؤخرًا هاشتاج “إسكندرية مش مصيف” الذي أطلقه بعض أهالي المحافظة؛ اعتراضًا على تكدس المصطافين بداية من يوليو بشكل شل حركة المدينة. التريند استمر عدة أيام، وسط حالة من الغضب، واتهامات للإسكندرانية بالعنصرية ضد “الفلاحين”، وهو المصطلح الذي يطلقه أهل البلد على أي غريب قادم صيفًا أو شتاءً.
لكن بغض النظر عن اتهامات العنصرية التي يمكن أن تكون حقيقية أحيانًا، يعاني أهل المحافظة بالفعل من عدة مشاكل يسببها لهم موسم الصيف. على الرغم من كونه مصدر رزق للكثيرين من باعة، وعمال شواطئ، وأصحاب شقق ومطاعم وغيرها؛ يرى الكثيرون أن البلد تحولت لكابوس جعلها غير قابلة للمعيشة.
اقرأ أيضًا
في رأس البر وأوروبا.. كيف أفسدت الحرب العالمية الثانية مصيف المصريين عام 1939م؟
بالملابس الداخلية في الشوارع وأحيانًا بدونها!
التكدس في الإسكندرية معتاد كل عام؛ بسبب قربها من محافظات الدلتا والقاهرة، وسهولة المواصلات للوصول إليها، إضافةً إلى رخص المصايف بها بالنسبة لمعظم المدن الساحلية. ربما تصب تلك العوامل في مصلحة البسطاء الراغبين في قضاء أيامًا معدودة في مصيف أسري “على قد الإيد”، كما تفتح أبواب رزق للأهالي. الأمر الذي لم ينساه أهل الإسكندرية، لكنهم يستغيثون من تصرفات بعض المصطافين غير الآدمية التي يضطرون للتعامل معها يوميًا.
لم يعد الأمر مقتصرًا على نزول المصطافين البحر بالملابس الداخلية في المشاهد المعتادة كل عام، أصبح البعض يتعامل من باب “البلد اللي محدش يعرفك فيها”. فقد اشتكى الأهالي من رؤيتهم للأطفال يمشون عراة في الشوارع، بدون حتى ملابس داخلية. ناهيك عن القاذورات التي أصبحت تكسو الشوارع الرئيسية، رغم وجود سلال للمخلفات في كل عمود، يتم تفريغها باستمرار.
أمَّا البحر والشواطئ، فحدث ولا حرج. مؤخرًا تداول رواد مواقع التواصل صورًا تظهر بحر الإسكندرية وقد فقد لونه الأزرق، واصطبغ بخضار الترع والمصارف. الأمر الذي فسره البعض بسوء استخدام المياه من قبل المصطافين وقضاء الحاجة فيها. لكن ورغم حقيقة وجود هذا التصرف، إلا أن تغيير اللون يرجع لارتفاع درجات الحرارة، والذي ربما سهم الاكتظاظ فيه.
كيف يواجه الإسكندرانية زحمة الصيف؟
ساعات الذورة في الإسكندرية شهور الصيف تقاس بالأيام، الموسم كله ساعة ذروة. ازدحام غير عادي يشل الشوارع الرئيسية، وحتى طريق الكورنيش المشهور بحوادث السرعة أصبح متوقفًا. المحافظة الصغيرة التي لا يستغرق أطول مشوار فيها أكثر من نصف ساعة، أجبر سكانها على تحري أوقات نوم المصطافين لقضاء مصالحهم، أو استغلال الشوارع الداخلية والطرقات غير المعروفة هربًا من الزحام.
ومع الرحام يأتي التحرش، فقد أشارت العديد من الفتيات إلى اقتران التحرش بفصل الصيف. أصبحت الطرقات غير آمنة للنساء. وأمام العدد الكبير من المتحرشين جماعات وأفراد؛ تفضل الفتيات البقاء في المنازل بدلًا من المرمطة في الشوارع. رغم محاولات الشرطة للحد من الظاهرة، تبقى الشوارع مكتظة بالمتحرشين؛ نظرًا لصعوبة السيطرة على تلك الأعداد الكبيرة وإحجام الكثيرات عن البلاغ.
يواجه أهالي الإسكندرية موسم الصيف كل عام بإعلان حالة الطوارئ، وحتى البحر يصعب عليهم الاستمتاع به أمام الأعداد الغفيرة من المصطافين. الكثير من السكان أكدوا أنهم لا يرغبون بطرد ضيوف المحافظة، خاصةً وأنهم يشعرون بغلاء المعيشة الذي جعل الإسكندرية مصيف الغلابة. لكنهم يرغبون فقط بالحفاظ على المدينة نظيفة وآمنة، دون خوف من التحرش والمضايقات، أو اضطرارهم للتعامل مع مناظر غير آدمية في الشوارع.
الكاتب
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال