رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
727   مشاهدة  

كتالوج الاكتئاب المصري.. وإن كان ع الرقص نرقص.. يا عالم رقصونا

الاكتئاب


في فيلم صعيدي في الجامعة الامريكية وفي اغنية (رقصونا) تفتح الأغنية بجملة ربما هي أكثر الجمل التي تصلح للرد على بعض من واضعي كتالوج الاكتئاب المصري، (وإن كان ع الرقص نرقص.. يا عالم رقصونا)

ربما أسوأ شيء أن تصاب بالاكتئاب ولكن الأسوأ أن تصاب بالاكتئاب في مصر، هنا ستجد العديد والعديد من الكلاشيهات المحفوظة التي تتردد حينما يسمع الناس جملة (أنا مكتئب) تبدأ من (قرب من ربنا) وتصل حتى (مكتئب إيه يا عم ما انت فاتح الفيس أهو وبتنزل بوستات) ليظهر أمامك كتالوج الاكتئاب المصري بكل حذافيرة.

في الثقافة المصرية المكتئب هو شخص غير حليق نظراته شاخصه عدمي الفكر وسوداوي النزعة، يقبع في غرفة مظلمه يستحم فيما ندر، لا يتحدث مع أحد ويفكر في أمور جدلية عقيمة ويطرح أسئلة من نوعية (جايين الدنيا ما نعرف ليه)

إذا كنت شخص مريض اكتئاب ولا تتبع تلك الأعراض السينمائي المقدسة فأبشر المجتمع لن يعترف بمرضك على الاطلاق بل الأبشع من ذلك أنك ستكون في نظر الجميع متمارض مدعي او شخص (قفيل) ومن ثم سيفعل الجميع كل الأشياء التي لا يجب أن يتعرض لها مريض الاكتئاب، ستلام وتدان وتنسحق بل وستطالب ببذل قصارى جهدك للتخلص من “لكمات” المحيطين بك التي يمطرونك بها عن طريق ألسنتهم، او سخريته و (قلشهم عمال على بطال) على حالك.

وقتها ستجد الحل الوحيد في الانعزال والانغماس في اكتئابك أكثر وأكثر، أنت لا تستطيع الحديث مع أحد هذا بالإضافة أن فكرة الحديث في الأساس مع البشر تعد من أكثر الأعباء ثقلا على نفسيتك في تلك الحالة، الوحدة والعزلة والانطوائية، وربما يتطور الأمر ميول انتحارية وتتفاقم المسألة وربما ينتصر الاكتئاب لتصبح فيديو جديد يقوم الناس بالحديث عنه بالمزيد من الحزن والأسى، وقد نسوا أنهم هم من قادوك على ذاك المصير.

يا سادة يا أفاضل، المكتئب قد يكون بشوش، قد يكون صديقك الذي يجلس بجوارك على القهوة ويلقى النكات والقفشات ليجعل الجميع (يكركعون) من الضحك، قد يكون ذلك الرجل الوسيم المهندم الذي ينزل كل صباح وهو متأنق في طريقه إلى العمل، أو تلك الفتاة التي تمطر وسائل التواصل الاجتماعي بصورها المبهجة الجميلة.

يا سادة نحن لا نكتئب وفق نظام معين، ربما الاعراض تتشابه وتلك ما تخوّل للطبيب تشخيص الحالة، ولكن تعامل كل واحد منا مع الاكتئاب مختلف عن الاخر، ربما نلهو ونضحك (ونبل الشربات كمان) ونحن مكتئبون، ودعوني أخبركم بسر بسيط، المكتئب الذي يجلس معك الآن ويضحك مجرد ما ان يصير وحيدا حتى وإن قام من الطاولة وذهب إلى دورة المياه، تختفي تلك الابتسامة على الفور ليظهر وجهه الحقيقي الحزين، هو فقط يلصقها لصقا على وجهه كي يتجنب سخافتكم وسماجتكم وسطحيتكم في النظر إلى ما يعانيه.

المكتئب يأكل وينام ويعمل ويروح ويجيء مثلكم تماما، وربما بشكل قد تروه مبالغا فيه، كل هذا يقوم به دون أي إحساس بالانتصار أو المتعة، وعلى أفضل الفروض تكون المتعة لحظة تزول بزوال السبب ولا يستمر أثرها إلى ما بعد ذلك مثلما يحدث معكم.

إقرأ أيضا
السوشيال ميديا

 المكتئب يحمل مرضه على كتفيه، فأينما رحل يرحل، فلا الجلوس في المنزل هو سبب أزمته ولا خروجه المستمر هو علاجه؟ سهراتكم المليئة بالضحك والفرفشة والحديث عما هو لطيف لن تقضي على المرض، ربما هو في حاجة إلى ما يمكن أن تسميه (الزن اللطيف) هو في حاجة أن (تحايله) كطفل صغير فقط ليتحدث عما يشعر به، ورجاء شخصي إذا بدأ شخص من مرضى الاكتئاب فلا تقاطعه ولا تقلل من شأن ما يعانيه حتى ولو بغرض التهوين او التخفيف، هذا الرجل الآن اشبه بجرح مفتوح وأي كلمه غير محسوبة ستكون بمثابة الكحول الذي تسكبه على الجرح المفتوح.

لذا إذا صادفت مكتئب إما أن تبذل جهد لجعله يتحدث عما يعانيه او تتركه، فصدقا لا أفضل نكات الأرض ولا أعظم نزهات الكوكب، ولا أمتع أفعال المجرة قادرة أن تخرجه من اكتئابه، فوفر طاقتك وكتالوجك لنفسك، وساعده بصمتك إذا لم تستطيع مساعدة بدفعه للحديث، وتأكد أنه لا يوجد إنسان في الكون مهما بلغت درجة مازوخيته يريد أن يكون مريض بالاكتئاب وانه بدون مساعدتك حاول بشتى الطرق الخروج والتخلص مما يعانيه اعمالا بمبدأ (وإن كان الرقص نرقص.. يا عالم رقصونا.)

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
1
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان