كراهية المدير قادته إلى السجن بالأشغال الشاقة “كوميديا سوداء حدثت سنة 1949”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
جاء ألش السوشيال ميديا شاملاً لكل شيء وأي شيء، وكانت كراهية المدير واحدةً من الأشكال التي طالتها السخرية، فبعض المنشورات تتمنى عدم رؤية المدير، والبعض الآخر يتمنى زواله.
ما قبل زمن السوشيال .. كراهية المديرين بطريقة الكوميديا السوداء
حلت ليلة 14 فبراير عام 1948 على عامل مصلحة التليفونات في مديرية بنها، حيث استقبل إشارة تليفونية من عامل تليفون في وزارة الداخلية ومنسوبة لوكيل الوزارة فيها أمرًا بالقبض على 16 شخص من بينهم مدير تفتيش الأوقاف ورئيس حسابات المستشفى وطبيب أول مستشفى رعاية الطفل وبعض المدرسين بالمدارس الثانوية وبعض الوجهاء وكبار التجار مع تفتيش مساكنهم ثم القيام بترحيلهم للمعتقلات لتورطهم في قضايا سياسية.
استجاب كبار رجال المديرية لتلك الإشارة، فشهدت عاصمة القليوبية حملة كبيرة من رجال البوليس تشن الهجمات على منازل كبار الموظفين والأعيان ثم تسوقهم مكبلين بالحديد وتزج بهم في القطار تحت الحراسة المشددة حيث أخذوا إلى معتقل هايكستب وهم في غاية الإندهاش.
أرسلت مديرية أمن الدقهلية تقريرًا إلى وزارة الداخلية بمن تم اعتقالهم من هؤلاء الكبار وإفادة الوزارة بأنه جاري البحث عن الهاربين، لكن وكيل وزارة الداخلية نفى صدور هذا الأمر كما أنكر كافة المسؤولين في الوزارة والمختصين بها، إصدار مثل هذا الأمر، ليكتشف قيادات الوزارة أن الإشارة الهاتفية مزيفة فتم الإفراج عن المعتقلين.
الشغل الشاغل لبال هؤلاء جميعًا كان هو البحث عن من يكون قد دبر لهم هذه المكيدة ورجع معظمهم إلى أنه محمود إبراهيم حجازي، وهو شاب يبلغ من العمر 27 سنة وكان موظفًا بمديرية الأوقاف وكان يكره مفتش الأوقاف لقيام الأخير بفصله بسبب سوء العمل والسلوك.
اقرأ أيضًا
كيف سعى الإنسان الأول على أكل عيشه؟
وقال مدير تفتيش الأوقاف في التحقيقات التي نشرتها جريدة المصري أنه يرجح أن المتهم هو الفاعل لأنه كان قد اختلس بعض المال فقرر فصله ولابد أن يكون حاقدًا عليه لذلك، وقرر رئيس الحسابات أن المتهم حين التحق بخدمة الحكومة أظهر إهمالاً وعدم أمانته فأجبر على الاستقالة بعد أن تكررت مجازاته.
قررت السلطات تقديم ذلك الشاب إلى محكمة جنايات بنها بتهمة تزوير الإشارة التليفونية وانتحال اسم عامل تليفون وزارة الداخلية ونسب صدور الإشارة إلى وكيل الوزارة فعوقب بالسجن 5 سنوات.
تلقى القلم الجنائي لمحكمة النقض تقريرًا بالطعن المقدم من محمود إبراهيم حجازي في الحكم الصادر من محكمة جنايات بنها بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة 5 سنوات بتهمة التزوير في إشارة تليفونية أدت إلى القذف بـ 10 من وجهاء وكبار موظفي مديرية القليوبية في معتقل هايكستب، لكن طعنه رُفِض.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال