كريمة العدلية.. قارئة القرآن التي رفضت إحياء عزاء اسمهان وشاركت في فيلم”الله معنا”
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
نشرت مجلة الرديو المصري الشهيرة في الأسبوع الثاني من شهر مايو عام 1936م مواعيد برامج الراديو، والتي ستُبث على مدار الأسبوع باليوم والساعة، وذكرت مجلة الراديو وقتها أن الشيخة “كريمة العدلية” تتلو يوم الأحد الربع الأول والثاني من سورة الحج في تمام العاشرة صباحًا.
كريمة العدلية .. مقرأة قرآن صباحًا ومطربة ليلًا!
إلى هذا الحد لا مشكلة فالشيخة كريمة مقرئة معروفة و “متصيته”، لكن في نفس اليوم وفي تمام الساعه العاشرة والنصف مساءً الآنسة “كريمة العدلية” تغني” لو كنت أسامح وانسى الأسية” والأغنية من تلحين الأستاذ محمد الأصبجي .
إذًا نفس المرأة تقرأ القرآن صباحًا، وتُغني ليلًا، الحكاية بالتأكيد غريبة، ولهذا استغربها واحد من الصحافيين، وكتب مقال يطرح فيه سؤالًا” احنا عايزين نعرف هي الشيخه كريمة العدلية مقرئة قرآن واللى مطربة”، وحينما قيل هذا الكلام قررت الشيخة كريمة التوقف عن الغناء تمامًا والتفرغ لتلاوة القرآن فقط.
فقدان البصر والتفرغ لحفظ القرآن الكريم
ولدت كريمة محمد العدل وشهرتها الشيخة”كريمة العدلية” عام 1914م، رحل عنها أباها وهي في الخامسة من عمرها ، ومن ثم عاشت حياتها في كنف أخيها الأكبر وأمها، وكان لأخيها دور كبير فيما وصلت إليه الشيخة كريمة حيث ألح على والدتها أن تتعلم القرآن الكريم، فأرسل الطفلة إلى كُتّاب الشيخ محمد الأسمر بحي السلطان الحنفي.
واجهت” كريمة “صعوبة كبيرة جدًا في التركيز ليس بسبب صعوبة الحفظ أو التلاوة وإنما بسبب الآلام المستمرة التي تشعر بها الصغيرة، ومن ثم ذهبت إلى الطبيب والتي أقر بأن نظرها لا يتعدى الـ 10%، ورفض رفضًا قاطعًا أي تدخل جراحي والسبب أنها إذا قامت بالعملية ستفقد بصرها كليا .
الطبيب أراد تأجيل العملية لفترة معينة حتى تتعرف على العالم وترى ألوانه، وفي عام 1930 وهي في سن 16 عامًا أجرت كريمة العملية وفقدت بصرها ، ومن هنا كانت البداية لا النهاية .
كريمة العدلية تدرس المقامات الصوتية في معهد الموسيقى العربية
حفظت كريمة العدلية القرآن وهي في سن الحادية عشر ثم بعد ذلك درست في معهد الموسيقى العربية واستمرت الدراسة لمدة ثلاث سنوات، تعلمت فيهم كريمة المقامات العربية وآلة العود .
وانطلقت “كريمة” تغني أولًا في الإذاعات الأهليه ، ذاعت شهرتها وكان لها جمهورًا كبيرًا من المستمعين، كما كان لها اسطوانات في سوق الغناء من تلحين محمد الأصبجي، واستمرت شهرتها الغنائية إلى أن امتنعت تمامًا عن الغناء وركزت بشكل تام في تلاوة القرآن الكريم .
وفي عام 1934م، كان هناك قرار مصيري لعدد من المشايخ والقُراء في ربوع مصر وهو افتتاح الإذاعة ، وكانت الشيخة كريمة العدلية من أوائل المقرئين فيها، وذاعت شهرتها أكتر وأكتر .
كريمة العدلية.. أحييت عزاء المخرج محمد سالم ورفضت عزاء اسمهان
ومن أبرز ما أحيته الشيخة “كريمة” بعد شهرتها الإذاعية ليلة عزاء المخرج” أحمد سالم”، وعالم الفيزياء “علي مصطفى مشرفة”، كما طلبها الفنان “فريد الأطرش” كي تقوم بإحياء ليلة عزاء أخته المطربة” اسمهان” لكن الشيخة كريمة رفضت إحياء هذه الليلة بسبب صعوبة الحمل حيث كانت على وشك أن تضع مولودها الأول.
.
وعُرف عن الشيخة العدلية أنها كانت على علاقة وطيدة وقوية بكل زوجات رجال الثورة، فكانت هي التي تقوم بإحياء كافة الليالي الخاصة لهن أو أي عزاء، ويقال إن هناك سيارة من الرئاسة حينها تنقل العدلية من بيتها إلى مكان العزاء نظرا لمكانتها وشهرتها حينها.
كريمة العدلية تشارك في فيلم ” الله معنا”
وبسبب تلك الشهرة الواسعة استعان بها المخرج “أحمد بدرخان” عام 1955م وقت إخراجه لفيلم” الله معنا” والتي تدور أحداثه حول حرب فلسطين والأبطال والشهداء الذين ضحوا بأوراحهم.
وفي مشهد خاص بسرادق عزاء الأرامل وأقارب الشهداء، طلب “بدرخان ” بالاسم الشيخة العدلية حتى تظهر كمقرئة في هذا المشهد، ومن مواقف التصوير الطريفة حينها ، أن المخرج طلب من الشيخة وضع “المكياج” من أجل الإضاءة والتصوير لكنها رفضت في البداية، ثم وافقت بعد أن أقنعها المخرج، وبالصدفة البحتة في يوم التصوير هذا كان هناك فرح ابن اختها فتحركت من مكان التصوير إلى الفرح مباشرة وحينما دخلت مباشرة انطلقت الزراغيط بسبب. كونها العروسة.
صوت المرأة عورة
استمرت العدلية في قراءة القرآن بالإذاعة المصرية لنهاية الخمسينيات تقريبا، وتحديدا حينما صدرت فتوى شرعية من أحد المشايخ يحرم فيه صوت المرأة باعتباره عورة، وأنه لا يصح قراءة القرآن للسيدات طالما هناك مقربين من الرجال.
ومن وقتها أغلقت الإذاعة المصرية أبوابها أمام الشيخ كريمة وغيرها من المقرئات السيدات لينتهي عصرهم ويغيب من وقتها الصوت الأنثوي المليء بالتجلي.
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال