كلاب السينما .. رحلة الكفاح من المزرعة للنجومية

“ميلو” في فيلم القناع ، “بودي” في فيلم إير باد ، ب”رينكلي” في فيلكم لديك بريد ، “بينج” ، “أولد ييلر“، “رين تن تن”، “تاكو” ، “جاك” ، “مليري” .. كلها أسماء كلاب لعبت دورًا مهمًا في أفلام سينمائية، حركت مشاعرنا مثل أكثر الممثلين احترافية ، وفي مصر من لا يعرف “روي” الذي حل لغز فيلم الشموع السوداء وأرشد أحمد (صالح سليم) عن القاتل .

رأيتهم يرقصون، ويلعبون،  ويحزنون ، ويفرحون، ويتآمرون، ويكيدون ، ويعشقون، ويموتون، فتسأل نفسك عن مقدرة المخرجين ومديري السينما الذين جعلوا الحيوانات الغير عاقلة نجوم ساطعة في أفق السينما . ولم تجد لسؤالك جوابًا

داخل مزرعة رني رونفور التي تربي فيها كلاب السينما كان السكون والنظام والهدوء يسود السكان حتى أدهشت الصحفيين الأجانب،  أن يكون مسكن ثمانين كلبًا وكلبة على مثل هذا الهدوء وكان يصحبنا المستر رني رونفرو ومدرب هذه الكلاب وبينما هو يحدثنا عن كلابه وأخبارها اذ ارتفع وسط المزرعة عواء خفيف فقال رونفر :

“دقيقة واحدة عن إذنكم .. شارلي جو يشكو من أمر ما .. فلنر ما خطبه”

سأل أحدهم .. كيف عرفت أنه صوت شارلي بالتحديد؟

أجاب: “إنني أميز بين أصوات كلابي وقد يرتفع نباحهم ليلًا فإن لم أهدئ ثورتهم دهمني كل رجال بوليس المدينة لمحاسبتي على هذه الضوضاء .. ولكني أعرف في الحال صاحب الثورة فأذهب إليه وأزجره وأنصحه بالسكوت فيسكت” … ثم وضع كفيه حول فمه ونادى : شارلي .. شارلي .. أرجو أن تكف عن النباح .. سأحضر بعد قليل وأرى شكواك .. إنني مشغول الآن أرجو أن تلتزم الصمت ، وبدون احتجاج .. التزم شارلي الصمت العميق”

وقد أدهش الصحفيين أن تكون للمستر رونفرو مثل هذه السلطة على كلابه وأن يطيعوه بهذا الشكل ، وما كان السبب فقط وراء زيارة المزرعة مشاهدة هذه الملب العجيبة ، لكن كلبًا من الموجودين أبهرنا بشكل غير طبيعي ، وهذا الكلب يدعى “بستر” ولم يكن موجودًا عند ذاك وقال لنا المستر “رونفرو” : لقد ذهب “بستر” للتمثيل هو من انبه كلابي .. اشتريته بخمسة جنيهات .. وكان رضيعًا مريضًا واعتنين به أشد الاعتناء، وكأنه بالضبط ابني ، وهو تلميذ نبيه للغاية ، ينفذ الحركات بسرعة وانسيابية مُبهرة .

كيف يتم تدريبهم؟

أما عن الكيفية التي يعلم بها كلابه ، والعمر الذي يبدأ هذا النوع من الكلاب في سماع صوت معين وربطه بالحركة المطلوبة، والتعلم بشكل يومي .. فأجاب : الثقة هي التي تحدد المدة الزمنية للتدرب .. مزيج من الثواب والعقاب ، القسوة والجائزة ، هما للمدة والكيفية التي يتعلم بها هذا النوع من الكلاب ، أما عن عمر التدريب فلابد أن تطعم الكلب شيئًا في فمه قبل أن يتجاوز الكلب شهرًا من عمره

أدوار النجوم

أما عن أهم الأدوار التي قام بها الكلب فقد كان دوره في رواية “خطوات الشبح” وهي أول الروايات الناطقة وكان على الكلب أن يزحف إلى حجرة صغيرة مهجورة ويمد رأسه إلى جمجمة مطروحة في الحجرة وعلى رأسه هذه الجمجمة فيطارد غلامًا زنجيًا أمام المنزل وهو ينبح نباحًا مخيفًا حتى لجأ الغلام إلى أعلى نجفة كبيرة ألقى الكلب جمجمة عن رأسه في أثر الظلام

وطلبت الشركة من المستر رونفر أن يدرب أحد كلابه لأداء هذا الدور فاختار “الكلب بستر” وكانت الصعوبة في أنك قد تستطيع أن تأمر الكلب وتلقي عليه تعليماتك في الأفلام الصامتة ولكنك لا تستطيع ذلك في الأفلام الناطقة ، وأفهمت بستر هذا الدور وقمنا بتجربتين ثم دارت آلة التصوير والتقاط الصوت فمثل بستر دوره دون خطأ أو تبديل

وقد أصبحت الآن أُصدر تعليماته للكلاب في أثناء التمثيل بالإشارة فإذا أشرت بيدي إلى أسفل رقد الكلب ، وإذا رفعتها قام ، وقد يخيل للكلب أحيانًا إنني مجنون تمامًا إذا طلبت منه أداء حركات سخيفة ولكنه يحبني جدًا فيصنع ذلك ليرضيني فقط”

ما هو الأجر الذي تدفعه الشركات لكلابك ؟

الكلاب بالضبط مثل الممثلون ، إذا نجحت الرواية واستكمل عدد الحضور دُفع لهم مبالغ مجزية ، أما إذا فشلت فتكتفي الشركات فقط بثمن التدريب والطعام ، أما عن الكلب “بستر” فهو يأخذ أجره مقدمًا لأنه من أغلى الكلاب !

أي نوع من الكلاب أكثر ذكاءً ونباهة ؟

الكلب الأصيل لا يكون قط ذكيًا وأما الكلب الذي ولد من أصول مختلفة فهو شعلة ذكاء .. يمكنك أن تدربه على الدور مرة واحدة فيفهمه تمامًا ، وسألناه : من أحب الكلاب إلى قلبك .. قال بالتأكيد “بستر” .. إنه شغوف بالسينما،  يحب عمله ويخلص له .. إنه تعلم القراءة .. لقد كنت في أول الأمر أشير له إشارات الجلوس والوقوف والزحف ، أما الآن فقد كتبت على لوحة (إجلس) .. وعلى أخرى (قم) وعلى الثالثة (ازحف) .. وما إن رأى هذه اللوحات التي نستعين بها خلال التصوير يقوم بالفعل تمامًا دون الخلط مع اللوحات.

كيف يمكن الحصول على تعبيرات الوجه للكلاب خلال التصوير ؟

يربط المدرب كره في خيط قصير موصولًا بعصى طويلة ، فنرى عيونها تتبع هذه الكره وآذنها ترتفع أو تتراخي .. وتسجل عيونها تعبيرات الترقب واللهفة والرغبة .. إلخ .. بحسب حركة الكرة ، وإذا أراد من الكلب أن يعبر عن عاطفة رغبة أو اشتياق ادنينا منه الكرة فنظر إليها متلهفًا فإذا أردنا تسجيل عاطفة اليأس أبعدنا عنه الكرة فبدت عليه دلائل الخيبة والندم والحسرة ، وهكذا تصنع الكرة عواطف الكلاب

هل يشعر الكلب بالنجومية ؟

أما عن شعور الكلب بالنجومية وحب الذات يقول مستر رونفر: الكلب بالضبط مثل الإنسان ، يشعر بالغرور بين أقرانه ، لكنه غرور ناشئ من الاهتمام الكبير بطعامه وشرابه ونفسيته وغيرها من الاهتمامات ، ربما يشعر بالغرور بين أقرانه ، لكنه أبدًا لا يشعر بالغرور على صاحبه