همتك نعدل الكفة
431   مشاهدة  

كل عيل على دين أهله

الأديان
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



تعتمد الأديان في انتشارها -بشكل أساسي- على التوريث من الآباء إلى الأبناء، حيث يتم تلقين تعاليمها للأطفال أثناء فترة ما قبل الإدراك. يؤكد التاريخ أن كل الأديان عند بدايتها واجهت صعوبة شديدة في الانتشار، ومن أهم أسباب تلك الصعوبة إنها في زمن ظهورها كانت وجهة نظر جديدة محتاجة تقدم نفسها بشكل “مُقّْنِع” للجمهور اللي بيتكون من كبار بالغين، فبيصعب عليهم تصديق الرسالة الدينية، أمر بتأكده القصص الدينية نفسها من احتياج الأنبياء إلى معجزات خارقة للطبيعة حتى يصدق “بعض” الجمهور أن هذا الشخص نبي فعلًا.

لكن مع خلط الموضوع بالسياسة والصراع الطبقي أو العرقي بيمشي الحال ويتحقق الانتشار، ولو بصينا من الزاوية دي لحال الديانات الإبراهيمية الأربعة هنلاقي أن الديانة الوحيدة اللي خالفت الخلطة المذكورة تحولت لطائفة هامشية.

فرغم أنها الأولى وصاحبة السبق لكنها أكتفت بالمؤمنين الأوائل وكونوا جيتو ديني أشبه بقبيلة تورث دينها بالميلاد بدون صراعات سياسية أو عسكرية مع الغير.. الصابئة، أما تانيها أصبحت داينة قبيلة/عرقية ضعيفة أرتكزت عليها في مواجهة أعدائها.. اليهودية، وتالتها خاضت صراع طبقي عنيف مع أمبراطورية موجودة بالفعل لغاية ما الأمبراطور قرر يتبنها ويخلص.. المسيحية، وأخرها وحدت مجموعة قبائل وأسست بيهم أمبراطورية جديدة.. الإسلام.

الأديان
الكتب المقدسة للديانات الأربعة

التلقين هو الحل

بمجرد وصول الدين للسيطرة السلطوية بيكون الأهتمام الكبير واللي مافيش فيه فصال هو أن أي مولود جديد ينسب لدين أهله ويتم تلقينه أساسيات الإيمان الغيبي قبل بلوغ سن الإدراك العقلي، والإصرار ع التلقين عند الديانات التلاتة لا خلاف عليه:

الإسلام.. “مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع”. أخرجه أحمد وأبو داود.

المسيحية.. “اعطني طفلا لسبع سنين… وسأعطيك رجلا”. مقولة ياسوعية.

اليهودية.. تقام حفل للأطفال عند بلوغ سن 12 للفتيات واسمها “بات نتسفا” وللفتيان عند بلوغ 13 وتسمى “بار متسفا”، وهي حفلة دينية يستعد الطفل لها بعدد كبير من التعاليم الدينية، عشان بعدها خلاص بيبقى شخص مكلف أمام الرب والمجتمع.

هل هناك أي تصور أن الأطفال دي مستوعبة شئ من اللي بتحفظه؟.. أو عندهم أي قدرة على التمييز بين ما هو مقدس وما هو أسطوري؟، فمثلا لو رجل دين أخطأ أو زنديق ما تعمد التشويه ولقن مجموعة من الأطفال أن موسى وعصاته مجرد حدوتة قبل النوم.. وأن علاء الدين نبي ومعجزته هي المصباح، هل يمكن تصور أن الأطفال في السن ده هتقدر تدرك الفرق وتكتشف الخدعة؟ والأكثر رعبًا.. ما مدى إمكانية تصحيح المعلومة لهم في سن الشباب؟

 

الأديان
تلقين الأطفال

عصر المعجزات

في التوراة.. تحديدًا الآيات (24-30) سفر التكوين، تحكى قصة خناقة بالأيد بين النبي يعقوب وإلهه “يهوه”، وبتنتهي أن النبي بيصرع الإله.. لدرجة أن الإله شخصيًا بيطلب من النبي إنه يسيبه يخلع عشان الفجر قرب.. ومايصحش كده.

في إنجيل يوحنا.. تحديدًا الأصحاح التاني، تحكى قصة أن المسيح كان معزوم في فرح، والخمرة خلصت من بيت أهل الفرح، فالمسيح تدخل بمعجزته وحول كمية من المياه إلى خمر/نبيت مفتخر الناس تقدر تقدمه للمعازيم.

في الواقع لم ينص القرآن على وجود معجزة عروج النبي محمد للسماء، ولا لوجود كائن البراق من أصله، فقط الآية 1 سورة المعراج تتحدث عن إسراء الله بأحد عباده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، دون تحديد من هو الشخص ولا مكان المسجد الأقصى، لكن تعالوا نتفق على أن القصة بصياغتها الشائعة صحيحة.

كده عندنا 3 روايات عن أحداث إعجازية حصلت في الأزمان الغابرة، وكل واحد من أصحاب المعجزات دي.. فيه جزء من البشر بيعتقد إنه كان على اتصال مباشر بالإله.

الطريف أن كل منتمي لدين من التلاتة لما هيقرا الكلام ده، هيوصف نقطتين إنهم كلام لا يُعقل.. بس هييجي عند النقطة -اللي هو مؤمن بيها- وهيمصمص شفايفه ويتعجب لقدرة الخالق.

أنا مش هتفق ولا هختلف مع حد… إنما هسأله: إيه الفرق؟، خصوصًا أن التلاتة هيرجعوا يتفقوا على معجزة بقاء يونس/يونان في بطن الحوت 3 تيام، وطبعًا مابيحصلش في دماغ المؤمن أي تضارب بين القصة وبين حقيقة استحالة وجود حوت في المكان المفترض لوجود بطل القصة لسببين: الأولاني إنه بيتلقن القصة الدينية في سن مبكر جدًا.. قبل حتى ما يعرف أي معلومة عن الحيتان وحياتها المقتصرة ع البحار الكبيرة والمحيطات. والتاني إنه في الغالب مابيتمش ذكر أين تقع مدينة “نينوي” على الخريطة فمابيكنش عارف إنها لا تطل على محيط أو بحر.

الأديان
موقع مدينة نينوي

أعراض جانبية

إقرأ أيضا
سيمون

التلقين في الصغر له أعراض جانبية منها ما يؤذي الأديان نفسها، فهو مثلًا السبب المباشر لانتشار أخطاء وتفاصيل وهمية الناس بترددها وتربطها بالدين رغم إنها مالهاش علاقة بيها، والحالة دي بتكشف بوضوح أن الإيمان الغيبي مش مرتبط بالوعي قد ارتباطه بالتلقين في الطفولة الأولى.

يعني مثلًا في الإسلام عندك أسطورة سائدة زي “اليهودي اللي كان بيرمي أوساخ على باب بيت النبي”، الأسطورة دي أتربى عليها أجيال.. فخلاص أصبحت في مقام الحقيقة الدينية الراسخة، رغم إنها تتنافى مع حقيقتين في غاية البساطة والوضوح:

مكة ماكنش فيها تجمع لليهود.. بالتالي لو حتى فيه واحد عايش هناك هيبقى فرداني، وفي مجتمع قبلي زي قريش يستحيل واحد زي ده يقدر يتطاول على واحد هاشمي حتى لو مش مرضي عنه.

يثرب/المدينة النبي دخلها من موقع قوة، لدرجة أن عبد الله بن سلول، أحد كبار الخزرج، مكانش راضي عن وجوده.. بس ماقدرش يعمل حاجة، وكان أخره يلسن من تحت لتحت ويطلع إشاعات.. لدرجة أن تم تلقيبه بـ رأس المنافقين، فمين بقى اليهودي العنتيل اللي كان رايح جاي يوسخ باب بيت النبي؟

YouTube player

الأنتماء في الصغر كالنقش ع الحجر

من الملاحظ تمسك مشجعين الكورة بتشجيع نفس الفرق طوال حياتهم، رغم إن الفريق بيتغير بالكامل من لاعبين لإدارة لجهاز فني لأعضاء النادي ومقره ويمكن اسمه وشعاره كمان، السر يكمن ببساطة أن التعلق بتشجيع الأندية بيكون في الصغر.

عندك مثلًا نادي زي الزمالك، بوصفي كنت زملكاوي في شبابي، أديني مبرر واحد أن جمهوره يفضل يشجعه لغاية دلوقتي، النادي مر بسنين طويلة بيخسر من طوب الأرض + إدارة بتخانق الجمهور + رئيس النادي متهم في مذبحة راح ضحيتها أكتر من 20 مشجع + أغلب اللعيبة لعبوا عادي وجمهورهم بيموت على باب الاستاد، المنطق بيقول أن أغلب الشباب دي واقع تحت سطوة أمر خارج المنطق، لأن حتى لو ربطنا التشجيع بالكورة الحلوة.. يبقى مافيش فريق في مصر يستحق التشجيع أو حتى الفرجة عليه.. مش الموت عشانه والاستمرار في تشجيعه.

الأديان
أطفال مشجعين

الكاتب

  • الأديان رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
11
أحزنني
3
أعجبني
9
أغضبني
3
هاهاها
3
واااو
3


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان