كيف أنقذني علم النفس أكثر من مرة

في طفولتي كنت مغرمة جدا بعلم الفضاء، حتى أن أمينة المكتبة حفظت أنني صاحبة كتب علم الفضاء التي تأتي دائما لتستعيرها وتقرأها. كنت حينها في المرحلة الإعدادية، وكان دور مكتبات المدرسة بالصيف دور عظيم للغاية.

كبرت أكثر حتى وصلت للثانوية العامة وعرفت أنني أعشق الفن أكثر وأكثر، وقررت أن ألتحق بآداب قسم المسرح بجامعة الإسكندرية، ولكن وقفت أمام هذا القرار وهذه الرغبة والدتي.

فالناس لا يثقون في الوسط الفني بكل أسف، وخاصة الطبقة المتوسطة،. لم أعاند معها وأتمسك بالحلم كثيرا، فقط اتجهت لثاني أكثر شيء أحبه وهو علم النفس.

وأصبحت بين الدراسة والجامعة وبين حضور المهرجانات المسرحية وتغطيتها  بنشرات هذه المهرجانات.

والحق يقال فقد كنت أقضي الوقت ببروفات المسرحيات والمهرجانات أكثر من الوقت الذي أقضيه بالجامعة.

كان ومازال المسرح بيتي؛ هكذا أشعر دائما رغم كل السنوات التي مرت بعد تخرجي ورغم كل الظروف التي تغيرت وكل الأصدقاء الذين تركوا المجال وسافروا بحثت عن الرزق.

اقرأ أيضا…يوميات القلق

ولكن رغم ذلك ، فقد عرفت الحكمة التي جعلتني ألتحق بقسم علم النفس بدلا من المسرح. اليوم أنا أحثث حلمي وأدرس بأكاديمية الفنون وبالمعهد العالي للنقد الفني بقسم التذوق الفني؛ أدرس المسحر والسينما والباليه والفن التشكيلي وكثير من ألوان الفنون.

أما عن علم النفس فقد أنقذني مرات عدة؛ وأول هذه المرات عندما أصابتني نوبة اكتئاب عنيفة في وقت لم يكن الناس يعرفون طريقا للأطباء النفسيين.

في هذا الوقت الذي كان فيه الذهاب لطبيب نفسي عار وأزمة والناس لاي تحدثون عن الجلسات بكوميك على مواقع التواصل الاجتماعي.

جعلني هذا العلم واعية تماما لنفسي وما يحدث حولي، حتى أن والدتي هي الأخرى أصابها الاكتئاب الحاد منذ سنوات بعد مرضها فجأة، وكنت الوحيدة في البيت المقتنعة أن لابد أن تخضع للعلاج النفسي ولا عيب في هذا.

وبالفعل تيغرت حياتها وحياتنا جميعا بعد العلاج رغم إنكار أخ من أخوتي لضرورة ذهابها للطبيب النفسي ولا أنسى شكل حاجباه  اللذان اقتربا من بعضهما البعض في حزن واستنكار عندما قال “لا ماما مش محتاجة دكتور نفسي”

إقرأ أيضا

خذلان الوقت والساعة

وكأنه يا ولداه يشعر أن الاكتئاب وصما ما، لم يكن يعرف أنه سيصبح مرض العصر بعد سنوات، ويتحدث الناس عن علاجه كدور البرد.

فادني هذا العلم في التعرف على تفاصلي الشخصيات أثناء كتابتي لمجموعتي القصصية “عقرب لم يكتمل” أي تصورها وتصور تفاصيلها وكذلك معرفة الناس من حولي.

عرفت مع الأيام أن ربما تصرف أمي كان غير صائب، ولكنه أفادني بشكل أو بأخر، وهكذا هي الحياة معظم الوقت، يحدث أن يعطيك الله ما تحتاج وليس ما تريد في الوقت المناسب.

فشكرا لعلم النفس