كيف بدأ الخلق (2)؟
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
تناولنا في الجزء الأول من سلسلة المقالات (كيف بدأ الخلق 1) التي تعرض لك عزيزي القارئ القصص والنظريات المختلفة حول قصة الخلق، وفي هذا المقال سنكمل رحلة البحث في الديانة المختلفة و ميثولوجيا الحضارات القديمة حول تصورهم لبداية الخلق، وعلى الرغم من بعد المسافات بين الأماكن التي أقامت بها هذه الشعوب المختلفة وشيدوا حضارتهم، وكذلك الفروق الزمنية بينهم، إلا أن بعض هذه القصص متشابهة مع بعضها البعض، مما يثبت أنه منذ فجر التاريخ ووجد البشر على الأرض وهم في رحلة بحث مستمرة عن أصله ومصدره.
قصة الخلق في الميثولوجيا الصينية القديمة
هناك عدد من الأساطير المختلف التي تتحدث عن بداية الخلق في الحضارة الصينية، ولكن تعد قصة (بان كو) هي الأكثر شهرة، وتحكي أن الكون بدا من بيضة كونية ضخمة كان بداخلها كان يدعى (بان كو) والذي اخد ينمو داخل هذه البيضة لمدة 18 ألف عام، وخلال مرحلة نموه كان يعمل على قسم البيضة إلى نصفين، وبالفعل فقست البيضة بعد هذه المدة وانقسمت إلى نصفين أصبحوا السماء والأرض.
الباشا بازي.. اغتصاب الأطفال الذكور الوجه الخفي لأفغانستان
ولكن بعد أن اتم (بان كو) مهمته وفصل البيضة تفتت هذا الكائن، وقسم إلى عدت أجزاء كانت هي البذرة الأولى للكون، حيث تحولت عينية على الشمس والقمر، وأطراف جسده على جبال، وتكونت الأنهار والبحيرات من دمائهُ، وأنفاسه أصبحت هي الرياح وصوت صراخه هو ينقسم هو الرعد، وعن خلق البشر والحيوانات، هم نتجوا عن طفيليات جسده.
قصة الخلق في الميثولوجيا البابلية
لا اعلم لماذا تبنت أكثر من ميثولوجيا لقصة الخلق أن الألهة يلدون ألهة أخرى ثم ينقلبون عليهم! فقصة الخلق في الميثولوجيا البابلية تشبه على حد كبير الميثولوجيا الإغريقية، حيث تروي ملحمة (الإينوما إليش) أن بداية الكون والخلق جاء بعد أن امتزج (أبسو) الذي يمثل المياه العذبة مع (تيامات) التي تمثل المحيطات، ونتج عن هذا الامتزاج عن خلق عدد من الآلهة، وتميزت هذه الآلهة بأنها كبيرة الحجم وشديدة الصخب وعلى رأسهم الإله (أيا).
وبسبب صخبهم الشديد ينزعج منهم (أبسو) وينوي قتلهم جميعاً، إلا أن (تيامات) ترفض قتل أبنائها وتمنعه عن ذلك، فيعلم (أيا) وأخواته بنية (أبسو) فيقوم (أيا) بقتله، فتتزوج (تيامات) من (كنغو)، ويصبح (أيا) كبير الآلهة بعد انتصاره على (أبسو)، وبعد ذلك تزوج (أيا) من اخته (دامكينا) وينجبا (مردوخ) الذي يتحول فيما بعد أكثر الالهة صخباً.
فيخلق مردوخ الرياح كي يلعب بها، فيصنع عواصف ترابية وزوابع، تنزعج (تيامات) من أفعاله التي تعكر صفوها وتجعلها لا تستطيع النوم، فتقنعها الالهة التي تسكن جسدها بالانتقام لزوجها (أبسو)، ومن جهة أخرى يعلم (مردوخ) بنية (تيامات) فيقوم باقناع الهة أخرى بأن يقوموا بقتل (تيامات)، وبالفعل يستطيع قتلها هي وزوجها (كنغو)، ويقوم بشطر جسدها على جزئين، ويصنع السماء من جزء والأرض من الجزء الثاني، ومن دماء (كنغو) يخلق الإنسان.
قصة الخلق في الميثولوجيا النوردية
تحكي الأساطير الإسكندنافية أن قبل صنع الأرض كانت هناك فتحة وهاوية عميقة تفصل بين عالمي النار والجليد، وكان عالم الجليد مظلما ومغموراً بالضباب، وتجري فيه سبعة أنهار جليدية، في حين كان عالم النار مليئا بأنهار المياه الساخنة، والتي تبرد كلما اقتربت من بلاد الجليد حتى تتجمد، وكانت هذه الأنهار تتجمد في الفجوة بين العالمين.
وبسبب الرياح الساخنة القادمة من عالم النار، فإن الجليد قد ذاب ونتجت عنه أول قطرة ماء، وهكذا استمر الأمر، حتى نتجت العديد من النقاط في الفجوة، وحينها حبة ريح خفيفة أدت إلى تجمع هذه القطرات معا، فتكون بذلك العملاق “يمير” أولا، ثم بعد ذلك البقرة الأولى “أودهومبلا”، والتي كانت تلحس الجليد المتكون بلسانها الدافئ فيسكب ثديها أربعة أنهر من الحليب تغدى منها العملاق “يمير”، وبسبب حرارة أرض النار التي كانت بجوار الفجوة فقد تصبب جسد العملاق عرقا، هذا العرق الذي نتج عنه عملاقان أحدهما ذكر والأخرى أنثى، كما نتج عن لعق البقرة للجليد بلسانها الدافئ ذوبان الجليد وتكون قطرات الماء، والتي نتج عنها ظهور “بوري” وهو كائن مختلف عن العمالقة.
أحمد أبو الدهب القاتل الفيلسوف الذي خرج من البوليس بسبب رفضه حكم الإعدام
كان لـ (بوري) شكل البشر، هذا الكائن الذي تزوج فيما بعد عملاقة أنثى وأنجب “بور” الذي تزوج هو الآخر من “بستلا” ابنة عملاق الجليد “بولتا” وأنجبا ثلاثة أطفال وهم “أودين” و”فيلي” و”فيي” ، وقد أصبح هؤلاء الثلاثة الآلهة الأولى للشعوب الإسكندنافية، ثم يقتل أودين وإخوته يمير العجوز، ومن لحم جسده يخلقون الأرض، ومن جمجمته السماوات، ومن دمه البحر، ومن عظامه الجبال، ومن شعره الأشجار
وبعد ذلك يبني (اودين) مكان لنفسه والآلهة الأخرى ليسكنوا فيه، ويصله بالأرض بجسر من قوس قزح، ويرتب الأمور بصورة تسمح لليرقات (المتمثلين في هيئة أقزام) بالبقاء في جثة يمير تحت سطح الأرض. أما فوق الأرض، فينفث أودين وزملاؤه الحياة في جذع شجرة، ويخلقون منها “آسك” و”إمبلا” الذين انجبوا البشر فيما بعد.
قصة الخلق في الديانة الايزيدية
تحكي قصة الخلق في الديانة اليزيدية، أنه قبل خلق السماوات والأرض، كان الله يجلس فوق البحر واسمك بلؤلؤة بيضاء وألقى بها في البحر، فانكسرت هذه اللؤلؤة ونتج عن انقسامها السماء والأرض، وبعد ذلك خلق الله (طاووس ملك) الذي تجسدت فيه قوة وحكمة الإله ومنح قدرة على معرفة رغبات وإرادة الله، وكلفه الله باستكمال بناء الكون، وخلق له 6 ملائكة لتساعده في هذا التكليف.
وبعد ذلك بدأت الأرض في الاهتزاز بعنف فأرسل الله (طاووس ملك) لوقف هذا الاهتزاز، وأول مكان وقفة قدمية على ارضه كان (لالش) وكان يتخذ هيئة طاووس عظيم ذو سبعة ألوان أساسية وثانوية، وعندما نزل إلى الأرض وهبها الحيوانات والنباتات ألوانه البديعة، وبعد ذلك صعد على جنة عدن فوجد أن الله خلق آدم ولكن كان آدم مجرد جسد بلا روح، فنفخ (طاووس ملك) من روحه في آدم، وبعد ذلك جعل أدم يرى الشمس وعلمه أن هناك شيء أكبر من الإنسان والشمس تجب عبادته هو الله، وعلمه كيف يتعبد ويدعوا على الله ب 72 لغة مختلفة (وهي اللغات التي تعلمها بعد ذلك البشر).
وخلقت حواء بعد ذلك، ودارت منافسة بينها وبين آدم حول إمكانية كل منهم لإنجاب أطفال أفضل من الأخر وحده، فوضع كلاً من آدم وحواء سائله في جرة مغلقة لمدة 9 أشهر، وبعدها قاموا بفتحها، فكانت جرة حواء مليئة بالحشرات، أما آدم فوجد في جرته طفلين ذكر وأنثى، وبحسب المعتقدات اليزيدية أن طفلين آدم وحده هم من جاء من نسلهم الإيزيدين، وباقي البشر أتوا من نسل آدم وحواء.
الكاتب
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال