كيف تسببت ندوة معرض الكتاب في اغتيال فرج فودة ؟!
-
حاتم سعيد
كاتب ومؤلف مسرحي
كاتب نجم جديد
يعد الكاتب والمفكر فرج فودة واحدًا من القلائل الذين قد حركوا المياه الراكدة في مواجهة الفكر المتطرف والجماعات الإسلامية المتطرفة بشكل عام، وقد يكون تنبأ بالفعل بالخطر الذي تمثله وجود تلك الجماعات على المجتمع منذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
اقرأ أيضًا
اغتيال فرج فودة .. وثائقي يستحق المشاهدة
دومًا ما كان فرج فودة لا يملك شيئًا سوى القلم يواجه به تلك الجماعات الإرهابية سواء بكتبه أو بمقالاته في عدد من الصحف يفكر ويسأل وهم كالعادة لا يمكلون أي سبيل للنقاش ومواجهة الفكر بالفكر فكانت دومًا الإتهامات بالكفر وإباحة الدم لكل من يختلف معهم أو يحاول مناقشتهم فيما يقولون.
منذ 29 عامًا تم اغتيال الكاتب فرح فودة على يد أفراد من الجماعة الإسلامية بعدما صدرت الفتوى بإراقة دمه وبأنه أصبح مرتدًا عن الإسلام ! فقط لكونه طالب بالنقاش وتفنيد الأفكار التي تتناولها وتصرح بها تلك الجماعات ومن على شاكلتها، وكان اللافت في الأمر بأن أحد المتهمين في عملية الاغتيال ويدعى عبد الشافي رمضان أكد بأنه لا يقرأ أو يكتب ولم يقرأ أي شئ من كتابات فرج فودة والأدهى من ذلك بأنه حينما تم إصدار فتوى للشيخ عمر عبدالرحمن مفتي الجماعة الإسلامية لم يقرأها ولكنهم “قالوا لي” على حد قوله.
وأكد “عبد الشافي” أحد المتهمين بعملية الاغتيال بأن المتهم الأخر أبو العلا عبدربه هو من زوده بالسلاح والأدوات التي استخدمها بعملية الاغتيال وكيفية التنفيذ والموعد، وتم الحكم على المتهم أبو العلا عبد ربه بالسجن المؤبد إلا أنه تم الإفراج عنه بعفو بعد قرار الرئيس المخلوع محمد مرسي، بالإفراج عن عدد من أعضاء الجماعة الإسلامية، ليسافر إلى سوريا وينضم لتنظيم داعش الارهابي ويتم مقتله عام 2017 بقصف جوي.
اللافت في الأمر أن هناك الكثيرون منذ اغتيال فرج فودة ربط بين عملية الاغتيال وبين المناظرة التي جمعته بكل من الشيخ محمد الغزالي والمستشار محمد مأمون الهضيبي، المتحدث باسم جماعة الإخوان الإرهابية حينها، والدكتور محمد عمارة والدكتور محمد أحمد خلف الله، العضو بحزب التجمع وجاءت الندوة في 8 يناير عام 1992 ومع تصاعد حدة الجماعات الإرهابية والإسلامية في مصر ونظمت الندوة حينما أعلنت الهيئة العامة للكتّاب، عن مناظرة ضمن فعاليات معرض الكتاب تحت عنوان “مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية”.
وفي الموعد المحدد إمتلأت القاعة بما تجاوز الـ30 ألفًا من الحضور أغلبهم من المنتمين للجماعات الإسلامية بمختلف أطيافها ولتعلوا بالقاعة بهتافات التكبير والحمد مثل “الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا”، حتى طالب الدكتور سمير سرحان الضيوف لأن يدعوا الحضور إلى الهدوء والإستماع لبدء الندوة، ولكن ظل الحاضرون يرددون هتافاتهم قبل أن يتدخل المحاور مجددًا طالبًا من أعلى قامة دينية في الندوة وهو الشيخ محمد الغزالي، وطالبه بتكرار دعوته إلى الحضور بالهدوء لبدء المناظرة.
وبدأت الندوة بالفعل بكلمة للشيخ محمد الغزالي والتي ذكر من خلالها أهمية الحفاظ على الهوية الإسلامية وتبعه الهضيبي الذي قال بإنهم يؤيدون الدولة المدنية لكن لابد أن تحكم بـ”شرع الله” حسب ما جاء بكلمته، وكان رد “فودة” على أقاويل قادة جماعة الإخوان الارهابية حينها بهدوء وثبات، قائلًا بإن الشيخ الغزالي ذكر أن الإسلاميين منشغلون بتغيير الحكم أو الوصول إلى الحكم دون أن يعدوا أنفسهم لذلك ودون أن يطرحوا برنامجا سياسيان وتطرق أيضًا خلال كلمته إلى أن ما قدمته بعض الجماعات المتطرفة المغطية برداء الدين، من أعمال عنف وسفك للدماء.
واختتم الكاتب فرج فودة كلمته حينها قائلاً بأن القرآن بدأ بـكلمة اقرأ، وسنظل نتحاور لوقف نزيف الدم ونصل إلى كلمة سواء، وأنا أؤكد لكم أنه ليس خلافاً بين أنصار الإسلام وأعدائه، هو خلاف رؤى، وهذه الرؤى لا تتناقض مع الإسلام، لكن الفريق الذي أنتمي إليه لم ير أبداً أن الإسلام دين العنف، الإسلام هو دين القول بالتي هي أحسن، ولأجل هذا نحن ندين الإرهاب لأنه قول وفعل بالتي هي أسوأ، التاريخ نقل إلينا حوار أبي حنيفة مع ملحد، كان الحوار بالحروف لا بالكلاشينكوف أدعو الله للجميع أن يهتدوا بهدي الإسلام وهو دين الرحمة، وأن يهديهم الله ليضعوا الإسلام في مكانه العزيز بعيداً عن الاختلاف والفُرقة والإرهاب.
وكانت النهاية عقب أسبوع من إنتهاء الندوة ليتم اغتيال المفكر والكاتب فرج فودة مما جعل الدكتور سمير سرحان رئيس الهيئة العامة للكتاب بعد سماعه لنبأ الاغتيال أن يبكي لشعوره بالذنب ولكونه وراء خروج فكرة المناظرة التي أودت بحياة فودة.
الكاتب
-
حاتم سعيد
كاتب ومؤلف مسرحي
كاتب نجم جديد