رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
329   مشاهدة  

كيف تضعك الألعاب الحديثة في مأزق أخلاقي

اللعبة


منذ شهر تقريبا صدرت الجزء الثاني من لعبة آخر من تبقى The Last Of Us Part2، اللعبة أثارت العديد من الجدل حولها ومن قبل صدورها لأسباب عدة، ربما أحد أهم هذه الأسباب هي جزئية خاصة بالجزء الأول، حينما قتل بطل اللعبة جويل أحد الأطباء الذين يجرون تجارب على إيلي بطلة الجزء الثاني.

YouTube player

على أحد المنتديات الكبرى العالمية الشهيرة وقبل صدور الجزء الثاني بأيام تم طرح سؤال هل قتلت الأطباء في الفصل الأخير من الجزء الأول؟
أغلب الإجابات كانت بالإيجاب، وثارت قضية فلسفية حول جدوى قتل هؤلاء الأطباء وهل شعر من قتلهم بالذنب أم لا، الجزء الأخلاقي هنا أنك لو لم تقتل الطبيب الأول تحديدا فسوف تموت إيلي ومعها تخسر وتعيد اللعبة من البداية.

تطور التكنولوجيا

في الألعاب التفاعلية والتي يكون فيها أعداء كثيرون تواجههم يتم برمجة هؤلاء الأعداء ببرمجيات ذكاء اصطناعي تجعلهم يتفاعلون معك لو رأوك أو شعروا بوجودك وهكذا يهاجمونك أو يتفاعلون معك، هذه البرمجيات حتى فترة قريبة كانت برمجيات أقرب للآلية فلا يشعر اللاعب بالذنب حين يقتلهم، هو يقتل شخصيات كارتونية غير حية ولا تتفاعل بالشكل الآدمي إلا في أضيق الحدود.

مؤخرا ومع لعبة آخر من تبقى تطور الموضوع لتشعر أنك تلاعب بشرا آخرين، تقنيات الذكاء الاصطناعي تطورت كثيرا، فتجد أعدائك يتفاعلون معك ويخاطبون بعضهم البعض، بل يصرخون بألم حينما يسقط أحدهم قتيلا ويهتفون باسمه، حتى أن تفاصيل هذه الشخصيات اختلفت وصار لكل شخصية من هؤلاء الأعداء سمات شكلية مختلفة، تجعلهم متنوعين.

لا يقتصر الأمر فحسب على ما سبق ولكن آخر شخص يتبقى منهم يلقي بسلاحه أرضا ويبدأ في استعطافك حتى لا تقتله بل ويبكي وهبط على ركبتيه وهو يرجوك ألا تقتله، بصوت مرتجف ونهنة ودموع وهو ما يضعك كلاعب في أزمة أخلاقية هل تقتله أم تتركه، في حين أنك لو تركته فإنه يهاجمك من الخلف فتضطر في النهاية إلى قتله.

YouTube player

من الإضافات والتطويرات التي أضافها مبرمجي اللعبة هي الكلاب، حسنا سوف تشعر أن هذه كلاب حقيقية، يستعين بها أعدائك للبحث عنك واقتفاء أثرك، هذه الكلاب تضطر إلى قتلها فتسمع صوت أنينها الذي يمزق القلب حرفيا، وتشعر بالندم لأنك تقتلها بدم بارد.

أزمات فلسفية

في الموسم الرابع من المسلسل البريطاني الشهير المرايا السوداء Black Mirror، والتي حملت عنوان USS Callister، يقوم دالاس بأخذ عينة من الحمض النووي من بعض الموظفين لديه دون علمهم ويكون منها شخصيات إلكترونية لديها وعي ذاتي داخل لعبة يقوم هو بالدخول إليها عن طريق وعيه، ليبدأ اللعب معهم عبر شبكة الإنترنت في لعبة تشبه سلسلة Star Trek، ونكتشف أن الشخصية المهذبة في حياتها الواقعية ليست إلا ديكتاتور بغيض داخل اللعبة، إلا أن الشخصية الأخيرة التي يقوم بتعينها في اللعبة تبدأ محاولات للتمرد تنتهي باحتجاز وعي كاليستر داخل اللعبة وتحرر هذه الشخصيات في الفضاء السيبراني.

YouTube player

للوهلة الأولى يبدو وكأن هذه الشخصيات غير الحقيقية انتصرت على كاليستر الديكتاتور، ولكن مع مراجعة الحلقة مرة أخرى تكتشف أن هذه الشخصيات غير الحقيقية والتي تشبه شخصيات الروايات قتلوا مبتكرهم وانطلقوا لحياة غير واقعية وتجد نفسك في أزمة أخلاقية من منهم يستحق النجاة، الشخص المهذب في الحياة الواقعية والذي يكون بغيضا في لعبة على الإنترنت مع شخصيات وهمية، أم الشخصيات الوهمية التي لديها وعي ذاتي.

هذا يشبه الوضع الحالي مع لعبة آخر من تبقى، هل تقتل الشخصيات الوهمية التي تتفاعل كالبشر، أم تتركها وتموت ولا تكمل اللعبة.

الشكل الأكثر سوداوية

في مسلسل Westworld من إنتاج شبكة HBO تقوم فكرة المسلسل في المستقبل القريب حيث يقوم أحد المخترعين بابتكار مدينة كاملة من الغرب الأمريكي يقوم باستيطانها مجموعة من الروبوتات التي لا تدرك أنها روبوتات وتقوم بخدمات مختلفة لمجموعة من رواد المدينة الذين يدفعون أموالا كثيرة لخوض تجربة الغرب الأمريكي.

إقرأ أيضا
الدعاء

الروبوتات التي تمتلك وعيا ذاتيا ولديه قدرات على الحلم والابتكار، بعد عدة سنوات تبدأ في استيعاب كونها روبوتات يتم التحكم بها لخدمة مجموعة من البشر يلعبون معهم ويمارسون معهم العلاقات الجنسية بل ويقتلونهم، فتبدأ هذه الروبوتات في ثورة على صانعيهم لتبدأ حرب كبرى لم تنتهي حتى هذه اللحظة.

YouTube player

ونفس الفكرة تجد نفسك كمشاهد في أزمة أخلاقية جديدة، هل تقف في صف البشر الذين ابتكروا هذه الآليات للاستمتاع وكونها شخصيات غير حقيقية، وهم كبشر غير مؤذيين في حياتهم الطبيعية، أم تقف في صف الروبوتات التي تقتل ويعاد تهيئتها مرة أخرى ويتم انتهاكهم بجميع الصور الممكنة.

في النهاية لا أعلم إلى أين سوف تذهب التقنيات الحديثة بنا، ولكن يبدو أن خيال المؤلفين ومخاوفهم من تطور التكنولوجيا في طريقها لتتحقق على أرض الواقع ومن مشاكل فلسفية تضعنا فيها الألعاب والأفلام ربما قريبا تتحول هذه إلى أزمات حقيقية تواجه المجتمعات الحديثة، لتنضم مشكلة أخرى جديدة تفرضها علينا التكنولوجيا.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان